أنا أعوّل على هذا الوعي الشعبي اللبناني الذي يربط ازمته يومياً بسلاح حزب الله!
نعيش أزمة غير مسبوقة في تاريخ لبنان المعاصر، ولعلّ أكثر ما يشبهها هو مجاعة العام ١٩١٤ التي أدت إلى تفريغ جبل لبنان، ولبنان، من طاقاته الشبابية!
سائرون نحو وضع أسوأ!
منذ بداية الأزمة، كانت هنالك وجهتا نظر خارجية وداخلية: وجهة نظر فرنسا التي حاولت أن تفصل الأزمة عن موضوع سلاح حزب الله، وحاولت أن تذهب باتجاه التفاهم مع إيران. وكل مبادرات الرئيس الفرنسي ذهبت بهذا الإتجاه.
جماعات ومجموعات إعلامية وحتى شبابية كثيرة في لبنان واكبت فرنسا وحاولت أن تفصل الأزمة التي يعيشها اللبنانيون حالياً عن أزمة إحتلال إيران للبنان، عن أزمة سلاح حزب الله. أي أن الموضوع موضوع فساد وسوء إدارة، ونحن قادرون على القيام بإصلاحات بمعزل عن سلاح حزب الله… وهذا يناسب حزب الله!
الأميركان ودوائر القرار العربية، قالوا لأ! أن سبب الأزمة المعيشية وإنهيار لبنان هو وضع يد إيران على لبنان الذي فرض على الدولة توجّهاً وخيارات لا تتناسب مع الشرعية العربية والدولية.
وجهة النظر الثانية هذه هي الرابحة! اليوم، المواطن اللبناني صار في مواجهة مباشرة مع سلاح حزب الله، من خلدة، إلى شويا، إلى اللبنانيين الذين رفعوا شعار « إيران برا برا، بيروت تبقى حرة »! المواطن تحرّك تلقائياً بدون دعم من أحد!
الطبقة السياسية مع الخيار الأول لأنها لا تريد المواجهة مع حزب الله! إذا عملنا حكومة، وانتخابات نيابية، فستبقى الأزمة!
٧٧ بالمئة من الذين هاجروا من لبنان خلال السنة ونصف الماضية أعمارهم بين ٢٠ و٣٠ سنىة.
إذا كانت السياسة الأميركية والسعودية خشنة ووقحة تجاه لبنان لأنها تضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم، فإن السياسة الفرنسية تضليلية! الفساد موجود في إيطاليا، وأميركا، و.. ولكن اختصار الأزمة اللبنانية بأزمة إدارية، أو فساد، أو بانتخابات نيابية.. فالأزمة أعمق من ذلك.
في ٢٠٠٥ كانت هنالك قوى سياسية مثل قرنة شهوان و١٤ آذار. اليوم لا توجد قوى سياسية تلاقي الموقف الأميركي-العربي.
علينا الإعتراف بأن لبنان بلد محتلّ!
ما هي القوى التي تعوّل عليها لإحداث تغيير؟ هنالك بوادر هي: خلدة (ومغزاها أن « لا إفلات من العقاب »!)، حاصبيا جوّها الشعبي رفض اعتبار منطقتهم جزءاً من المواجهة الإيرانية مع إسرائيل. وحادثة بيروت، في ٤ آب، حينما رُفِع شعار « لا للإحتلال الإيراني »!
أنا أعوّل على هذا الوعي اللبناني الذي يربط ازمته يومياً بسلاح حزب الله!
لا أحد يستطيع أن يقدّر ماذا سيحدث إذا وقع عدوان إسرائيلي وأدى إلى تهجير الناس من الجنوب. الناس لم يعد باستطاعتهم استضافة أحد.