تعاني إيران من بلوغ الأزمة الاقتصادية مستوى غير مسبوق، على خلفية العقوبات الأميركية والتضخم وتدني العملة أمام الدولار، ما أفرز تداعيات خطيرة على مستوى المجتمع، وبات يُنذر بتفجر الوضع واندلاع تظاهرات.
مستوى الأزمة عكسه تصريح لحجت الله عبد المالكي وزير العمل والرعاية الاجتماعية، في تقرير إخباري على التلفزيون الرسمي لبلاده عن تراجع القوة الشرائية للعمال نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار، قائلاً: «حتى أرباب العمل وكبار المديرين التنفيذيين، وحتى نحن (الوزراء) لدينا مشاكل معيشية» بسبب «الظروف الاقتصادية والتضخم المفروض على اقتصاد البلاد».
وتناولت صحيفة «ستاره صبح» في تقرير اقتصادي لها ظاهرة الفقر المتفاقم، وأشارت إلى تصريح رئيس لجنة التربية والتعليم في البرلمان الذي ذكر فيه أن ما يقارب 40 مليون إيراني باتوا اليوم في حاجة إلى تلقي مساعدات مالية عاجلة.
ولفتت الصحيفة إلى تزايد ظاهرة الانتحار بين الإيرانيين على خلفية الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا.
اقتراح مقايضة
وفي مظهر آخر على أزمة البلاد، تبحث إيران اقتراحاً من الحكومة الباكستانية لمقايضة الأرز بالنفط والمنتجات البتروكيماوية.
ووفق وكالة أنباء إرنا، فإن الاقتراح قدمه عبد الرزاق داود القائم بأعمال وزارة التجارة الباكستانية، خلال اجتماع مع وزير الزراعة الإيراني جواد ساداتي نجاد، قائلاً: «إننا على علم بوضع العقوبات في إيران».
وترهق العقوبات الأميركية إيران وتحرمها من بيع النفط وهو أكبر دخل لها (نحو 90 %)، ما اضطرها إلى سياسة زيادة الصادرات من خلال المقايضة لبيع النفط الخام إلى روسيا وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، لكنها فشلت في ذلك.
كما تمنع العقوبات الإفراج عن أموال إيران المجمدة في الخارج، والتي أحوج ما تكون طهران إليها الآن.
وكان بهرام شكوري، رئيس لجنة التجارة المشتركة الإيرانية – اليابانية، قال إن الأموال الإيرانية المجمدة لا يمكن استخدامها للتبادل، فبالإضافة إلى قضية العقوبات، تجب معالجة قضايا مثل غسيل الأموال.
وجعل تفاقم الأزمة الاقتصادية إيران بيئة طاردة للمستثمرين، فقد حذّر حسين سليمي رئيس غرفة التجارة الإيرانية – الأفغانية المشتركة من أن المستثمرين الأفغان المقيمين في إيران على استعداد للذهاب إلى تركيا بسبب الظروف الأفضل، موضحاً: «يمكن للمستثمرين في تركيا الحصول على إقامة لأطفالهم وجوازات سفر وتعليم لهم. في إيران هذه العملية طويلة. كما ينبغي تغيير السياسات الحالية للحكومة الإيرانية في تحديد الإعفاءات الضريبية لإعطاء الحوافز اللازمة للمستثمرين الأفغان.»
الخطر كبير
وعبر سنوات طويلة عجزت حكومات إيران المتتابعة عن حل الأزمة، واستغلت التفاوض مع الغرب للمحافظة على النظام ولتصدير مشكلاتها إلى الخارج.
وقبيل أن تستسأنف طهران في فيينا 29 الجاري، محادثات إحياء الاتفاق النووي، أطلقت، أمس، مناورات (ذو الفقار 1400) حربية سنوية على ساحل خليج عمان لـ «تحسين الاستعداد لمواجهة التهديدات الخارجية وأي غزو محتمل».
وتأتي التدريبات بعد احتجاز طهران ناقلة نفط ترفع العلم الفيتنامي في خليج عمان، الشهر الماضي، ولا تزال تحتجز الناقلة في مينائها.
إلا أن هذه الاستعراضات لن تحل أزمة إيران الاقتصادية، فمستوى الخطر هذه المرة مختلف، وقد دعت صحيفة «جهان صنعت» المسؤولين إلى الانخراط في مفاوضات مباشرة مع أميركا قبل 29 الجاري، لأن الوضع الاقتصادي في أسوأ حالاته.
وفي حال فشل محادثات فيينا واستمرار العقوبات الأميركية فإن هذا الوضع سيتصاعد، ويرى مراقبون أنه قد يتطور إلى تظاهرات في مختلف قطاعات الدولة وانفجار شعبي.