صورتان تظهران مسلحين من حركة أمل في شوارع صور لترويع المتظاهرين
محرر الشؤون الدولية –
لم تكن «الثنائية الشيعية» (حركة أمل وحزب الله) حتى وقت قريب تتخيل او تفكر بأن البيئة الحاضنة ستتفلت منها لتخرج وتشارك بقوة في الاحتجاجات الشعبية.
وبدا جليا ان قيادتي امل وحزب الله تفاجأتا بالصرخة المدوية التي اطلقها الشيعة بمواجهة الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة، لا سيما أن هذه الاحتجاجات في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع لم تخرج كما حصل في السابق عن مجموعات يسارية او من ناشطي الحراك المدني المحدودة التأثير، بل إنها هذه المرة خرجت من رحم «الثنائية الشيعية».
فمنذ يوم الخميس خرج الرجال والنساء والشباب والأطفال منددين بالوضع المعيشي القائم، ورافضين فرض ضرائب جديدة وسط هتافات منددة، وشتائم طالت رئيس مجلس النواب رئيس حركة امل نبيه بري وعائلته، كما ان المتظاهرين لم يوفروا حزب الله. ففي الجنوب، بدا مشهد الاحتجاجات المناطقية استثنائياً، وكما احرق اهل طرابلس صور زعمائهم، تجاوز الجنوبيون في احتجاجهم ما كان سابقا من «الخطوط الحمر» لدى الطائفة الشيعية.
وحاول متظاهرون اقتحام منزل نائب حركة امل في النبطية ياسين جابر، اضافة الى محاولة اقتحام مكتب النائب هاني قبيسي، وكذلك مكتب رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد. واقدم المحتجون على اشعال الاطارات وقطع كل الطرق الرئيسية تقريبا. وفي مدينة صور التي توصف بأنها «عرين حركة أمل» شهدت تحركات وهتافات ضدّ الرئيس بري وزوجته التي اتهموها بالفساد بشكل علني.
وعمد المحتجون الى ازالة اللافتات والصور واقفال عدد من الطرقات. وامام هذا المشهد، اتخذ مسار التحركات ابعادا خطيرة امس، اذ لم تحتمل حركة «أمل» انتفاضة الجنوبيين الذين نزلوا على مدى يومين إلى الشارع بلا تعب أو كلل. وبخلاف حزب الله الذي لم يواجه «جمهوره» المنتفض حتى الآن، فإن شبان الحركة تحركوا صباح امس بأسلحتهم لإرهاب المواطنين وقمعهم، متذرعين بأن المتظاهرين شتموا الرئيس بري ومزّقوا صور الامام موسى الصدر.
ونقلت قنوات تلفزيونية فيلما يظهر مجموعة من شبان أمل في صور مزودين برشاشاتهم وعصيهم يشتمون ويتوعّدون المتظاهرين بالضرب والقتل، رافضين «التطاول» على بري ومؤسس حركة أمل السيد موسى الصدر. ورغم محاولات القمع، تواصلت الاحتجاجات امس في صور والنبطية، وامام هول المشهد اضطرت حركة امل الى اصدار بيان تتنصل فيه من الظهور المسلح لعناصرها مؤكدة انها ستحاسب القائمين عليه.
ويمكن التوقف امام جملة من العوامل التي ادت الى خروج البيئة الشيعية لتشارك في التظاهرات والاحتجاجات:
اولا – لا يخفى أن الضيق الاقتصادي والمعيشي والشكوى من سياسة السلطة، يطول كل الفئات والطوائف، ونظرا لانخراط حركة امل وحزب الله في السلطة فإن الاتهامات وجهت لهما من قبل المناصرين بالمسؤولية عن الاوضاع الاقتصادية المزرية.
ثانيا – لطالما كانت حركة امل «مؤتمنة» على كل الوظائف المخصصة للطائفة الشيعية، وقد استطاعت على مدى العقود الثلاثة الماضية بتوظيف عشرات الآلاف من المناصرين في الدولة، لكن في السنوات الاخيرة وبسبب وضع الدولة المالي بدأ هذا الامر يتقلص الى حدوده الدنيا لينضم عشرات الآلاف من الشبان الشيعة الى جيش العاطلين عن العمل، ويزداد الفقر والتململ في المناطق الشيعية.
ثالثا – الازمة المالية التي يعاني منها حزب الله بسبب العقوبات التي تطوله وداعميه في طهران انعكست بشكل كبير على تقديماته للمناصرين والمحازبين.
ويبقى السؤال الاهم كيف سيعمل «الثنائي الشيعي» اذا ما استمر هذا الحجم من الاعتراض الشعبي في مناطق نفوذه؟
قناة بري تقاطع خطاب نصر الله
للمرة الاولى، امتنعت قناة nbn التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن نقل خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصر الله امس، وهي الوحيدة بين الشاشات اللبنانية التي لم تنقل الخطاب. وبثت القناة في المقابل مسيرة تضامن مع الرئيس بري في صور.
ورأى مراقبون ان امتناع القناة عن نقل خطاب نصر الله مؤشر على غضب بري من حزب الله واتهامه لبعض المقربين من الحزب بالتحريض على حركة امل ورئيسها.
محتجّو طرابلس: معك يا صور
في مؤازرة لهم عقب تعرُّضهم لاعتداءات من قبل «مناصري حركة أمل»، هتف المتظاهرون في ساحة النور بطرابلس، أمس: «كرمالك يا صور بدنا نثور!»، في مساندة لأهالي المدينة، التي شهدت قمعاً لاحتجاجاتها.
ورفع المتظاهرون لافتة مؤيّدة لمحتجّي صور، كُتب عليها: «من طرابلس، معك يا صور، ومع كل لبنان. ثورة».