الجمهورية الإسلامية أضرّت بإيران وأجرمت بحقها بحيث لا يمكن مقارنة ما فعلته بما فعله المغول بإيران!
ترجمة/ شفاف
تصف مجموعة من معارضي الجمهورية الإسلامية في إيران، ثورة عام ١٩٧٩ بأنها نوع من “التمرد”، وبأنها أكبر خطأ ارتكبه الشعب الإيراني، دون أن تذكر دور محمد رضا شاه بهلوي فيها. فالثورة هي ظاهرة اجتماعية، وهي نتاج لظروف اجتماعية، ومن ثم هي ليست حركة مفاجئة قرر خلالها الناس أن يثوروا فحدثت الثورة. ففي الثورة هناك دور للقوى الثورية وكذلك هناك دور للقوى الحكومية.
إذا كانت الثورة تعتمد حقًا على إرادة الثوار، فلماذا فشلت المعارضة الإيرانية في إحداث ثورة منذ 40 عاماً؟ بالطبع، السبب في عدم حدوث ثورة ليس وجود الحريات في إيران، لكن يجب ألّا نقلل من دور السلطات الإيرانية في تقويض جهود المعارضة. فالجمهورية الإسلامية لجأت إلى طرق عدة للمحافظة على النظام، من ذلك خططها الأمنية، وسعيها لإحداث تفرقة بين حركات المعارضة ومحاولة تشويه صورتها، وبناء شبكة من الحلفاء والشركاء في الداخل والخارج، وقمع المعارضين إلى حد سفك دمائهم وقتلهم في السجون، وسجن عشرات الآلاف منهم. وحينما ينجح الشعب الإيراني في تغيير النظام الراهن، من خلال إرادة الشعب المعترض، يجب على المرء أن يبحث عن دور للحكومة في ذلك، أي يبحث في الأسباب التي جعلت الناس يختارون طريق تغيير النظام.
البعض ردّدوا مرارا، هل سياسات محمد رضا شاه، بخنق الفضاء السياسي في إيران، وبمنع النشاط السياسي السلمي، وبعدم اهتمامه بشبكة رجال الدين الملالي وبتحليلاته الخاطئة حول نفوذ هؤلاء وقوتهم، ساهمت في توفير مناخ الثورة عليه وعلى نظامه؟
الإجابة على السؤال هي أن الشاه، وللأسف، اتبع سياسة قمع المعارضة، لكنه فضل تقديم حد أدنى من الحرية لشبكة رجال الدين الملالي. وإذا ما كانت قد توفرت للقوى الوطنية، التي كانت تؤمن بالإصلاحات، حرية الحركة والعمل آنذاك، لما استطاع خطاب روح الله الخميني أن يلقى قبولًا.
فلو كان شاهبور بختيار، الذي عينه الشاه رئيسا للوزراء قبل الثورة بأشهر،قد شَغَلَ هذا المنصب قبل عدة سنوات، واستطاع أن يسيطر على الأجواء وأن ينفذ إصلاحاته بخطوات هادئة ومدروسة، هل كانت تُتاح الفرصة للثوريين لتعبئة الناس وصولا إلى الثورة على الشاه ونظامه؟ صحيحٌ أن الجمهورية الإسلامية أضرت بإيران وأجرمت بحقها بحيث لا يمكن مقارنة ما فعلته بما فعله المغول بإيران، إلا أن هذه السلطة الفاسدة والتي تعمل ضد إيران، هي نتاج سياسات سلطة محمد رضا شاه بهلوي.
لنطرح مثالا واحدا يدلل على ما نقول. فالجميع يعلم بأن معارضي الجمهورية الإسلامية وأثناء نقدهم للإصلاحيين المنبهرين سياسيا بزعيمهم محمد خاتمي والخاضعين له، يحللون بشكل صائب كيف حصل الرئيس محمود أحمدي نجاد على تأييد شعبي كبير ووصل إلى سدة الرئاسة نتيجة لسياسات خاطئة مارسها خاتمي وأنصاره. إذا وافقنا على هذا التحليل، نستطيع أن نربط بصورة طبيعية بين سياسات حكومة محمد رضا شاه وبين حدوث الثورة. فالثورة هي واقع اجتماعي، وربما ذلك يحبطنا، لكنه لا يحدث فرقا. فلا يمكننا تجاهل أخطاء محمد رضا شاه والقوى السياسية الأخرى في سلطته، كما أن ذلك لا يعني بأن الجمهورية الإسلامية هي جمهورية فضائية مريخية ظهرت فجأة في إيران.
وحتى لو قام مشروعنا السياسي على تعزيز سياسات رضا بهلوي (ابن محمد رضا شاه وهو معارض يعيش في المنفى)، فإن تجاهل أخطاء محمد رضا وعدم الاعتراف بها لن يؤدي إلى إيجاد حكومة ديمقراطية! إلا إذا كنا لا نسعى إلى إنشاء مثل هذه الحكومة.
بل، عندما يضع رضا بهلوي اصبعه على القرارات الخاطئة لوالده وشركاء والده، فإنه يُظهِر نضجَه السياسي ويساهم في تطوره السياسي. فمن الخطأ، في سبيل مواجهة الجمهورية الإسلامية، أن نغلق أعيننا أمام الأخطاء التي ارتكبها محمد رضا شاه، إذ ذلك يدل على أننا متعصبون لثورة عام ١٩٧٩ ولا نسعى لحكومة ديموقراطية، علمانية، قائمة على مبدأ احترام حقوق الإنسان.
*حسين تركاشوند (معارض إيراني)
*المقال نقلا عن موقع “گویا” الفارسي