تقول الحكاية التاريخية ان “امرأتين مع طفل، كل منهما تدّعي انها امه، قصدتا سليمان الحكيم، وبعد جهد جهيد، قال انه سيحكم بالعدل بينهما بأن يتم تقطيع الطفل الى قطعتين لكٍّل واحدة قطعة. فصرخت احداهما: لا تقتله بل اعطه كلّه الى الأخرى، فعرف سليمان عندها من هي الام الحقيقية، واعطاها الولد”.
وتقول الحكاية اللبنانية ان “سعد #الحريري، ومنذ رضي بدور أمّ الصبي وهو يصرخ: لا تقتلوه، ويسلِّم مرةً تلو مرة بما يفرضه “حزب الله”، سواء لعيون الصهر او لوصول الرئيس القوي الى قصر بعبدا او لقانون انتخابات على حسابه وحساب تمثيله. لكنه على رغم كل التنازلات لا يحظى بالحضانة، التي تبقى حقاً إلهياً من حقوق الحزب، يوزع نعمها على من يشاء من الحلفاء خدمة للمشروع الموكل به. يقدّم الصبي الى الوصاية الإيرانية لتنكّل بدستوره وصيغته وتترك لمؤسساته ان تتدمر وتتشظى حتى يهون سقوطه ويسهل الإطباق عليه”.
لكن بين الحكايتين قطبة تتكشف خيوطها، لا تقتصر امتداداتها الى أمّ الصبي، لا ترتبط بحكيم منتظر او بطل متمرد يقلب الطاولة في وجه مَن يستقوي بسلاحه حتى عندما لا يستخدمه، ويفرض ارادته، ليس على أمّ الصبي فحسب، لكن على الأب والاخوة والاخوات والاحفاد وكل من وما يتحرك على هذه الأرض المسمّاة لبنان.
فالظاهر في ما يراد له ان يتكشف، تذكير وتنبيه حاد اللهجة بأنه ليس على أمّ الصبي وحدها ان تزهد وتتعفف وتنطوي للتنازلات، وتحديداً عندما يتصرف ذو الحظوة وفق مبدأ: انا أو لا أحد، على رغم تأكيده وتأكيد بطانته وحاشيته انه الأب الأعلى.
فكل ما كان يحصل عليه ذوو الحظوة، يأتي بموجب ضوء أخضر.
لكن حذار عندما يبدأ اللون الأصفر على لوحة المرور، لأن الاحمر أتٍ ولا ريب في مفاعيله. ولا لعب اذا حاول الحليف ان يفتح على حساب طموحه، او ان يتشاطر بما لا يناسب المشروع الأمّ.
بالعربي الفصيح: لا ثلث معطلاً حتى للحليف المحدد دوره، تماماً كما لا دور للخصم الذي لا يملك توازن رعب يتيح له ان يفرض على الآخرين التقيد بالدستور. جوائز الترضية محسوبة على النقطة والفاصلة. والميزان حساس تجاه النسمة التي يمكن ان ترجّح كفة الهواء والهراء.
وعندما يتخلخل الميزان، هيهات منا التغاضي عن شطحات شعبوية قرب لوحة الجلاء على نهر الكلب، ومَن نسي نعيده الى حقبة كسرى أنوشروان ونبوخذ نصر.
لن تقتصر تداعيات مثل هذه الشطحات على تغريدات للنظام الأسدي تسخر من الصهر وتعيِّره بأنه عندما يسيء الى سوريا ويشوه تضحياتها الكبيرة من اجل وحدة لبنان واستقلاله وأمنه ، فتأمره بأن “شكِّل حكومتك اولاً واحترم شعبك بالكهرباء والمياه والنظافة والقانون وبعدها تكلم عن “الاستئلال”! التحرر لا يكون فقط من التدخل الخارجي او التبعية ولكن من الفساد ايضاً وبالدرجة الاولى“.
ثم تذكّره بأن “دفتر ديونه فاض وتجاوز المسموح”. وتلوّح له بما سوف يواجهه عند استحقاق رئاسة الجمهورية الذي يعمل له على جميع الجبهات. وبأن “عدم ابتلاع لبنان سببه حصانة حزب الله. وان انت أكرمت اللئيم تمردا“.
تلك هي البداية، والآتي أعظم اذا لم يرعوِ من يتشاوف ويحسب انه بخدماته تكرَّس صاحب حظوة وله الحق في حجم أكبر من المرسوم له. عليه ان يفهم ان لا شيء سيحميه من سيناريوات بدأت تتدفق، ولن يكون آخرها اتهام الصهر بترويج نفسه رئيساً لدى الشيطان الأكبر، ومطالبة الأب الأعلى بالتنازل من حصته هذه المرة لحل ازمة التشكيل الحكومية، كأن المطلوب من الجميع، ومن دون استثناءات او حظوات، ان يتحولوا الى أمّ الصبي وفق الحكاية اللبنانية. وظيفتهم ان يخدموا المشروع، ليقدموا كل ما يمهد الدرب للوكيل الشرعي لكي تستكمل الوصاية الإيرانية على لبنان عبثها بنسف الدستور اللبناني، ويستخدم الصبي في المساومات المرتبطة بالعقوبات.
الاهمّ، ممنوع على الصبي ان يكبر. يجب ان يلتزم صورة الأزعر الفلتان، ليبقى البحث عن أمٍّ تلمه وأبٍ يردعه مصدر إلهاء عن تحويله مستعمرة غير سعيدة.
sanaa.aljack@gmail.com