بعد ثلاث محاكمات في ألمانيا ضد مسؤولين كبار في النظام السوري، قاضيان يأمران ببدء أول محاكمة من هذا النوع في فرنسا. الملاحقون هم ثلاثة مسؤولين كبار من بينهم المدير السابق للمخابرات السورية.
أمر قاضيا تحقيق فرنسيان الثلاثاء (الرابع من أبريل/ نيسان 2023)، ببدء أول محاكمة بحق ثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري، سيحاكمون غيابيا على الأرجح بتهمة قتل مواطنين سوريين-فرنسيين هما مازن دباغ ونجله باتريك، اللذان اعتقلا في عام 2013.
وفي أمر توجيه الاتهام، الذي تم توقيعه الأربعاء الماضي واطلعت عليه وكالة فرانس برس، طلب القاضيان في المحكمة القضائية في باريس بدء محاكمة بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجناية حرب في حق علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود أمام محكمة الجنايات.
واللواء علي مملوك هو المدير السابق للمخابرات العامة السورية وأصبح في 2012 رئيسا لمكتب الأمن الوطني السوري، أعلى هيئة استخبارات في سوريا. أما اللواء جميل حسن فهو رئيس إدارة المخابرات الجوية السوريّة وكان يتولى هذا المنصب حين اختفى دباغ ونجله، بينما اللواء عبد السلام محمود هو المكلف التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق. وهناك مذكرات توقيف دولية صادرة بحقهم، وستتم محاكمتهم غيابيا.
وكانت النيابة فتحت تحقيقا أوليا في 2015، ثم تم فتح تحقيق قضائي في حالات اختفاء قسري وأعمال تعذيب تشكل جرائم ضد الإنسانية في تشرين الأول/ أكتوبر بعد إشارة من شقيق وعم المفقودين عبيدة دباغ. و في اتصال مع وكالة فرانس برس رحب عبيدة دباغ بهذا التقدم، وقال “هذا تتويج لنضال استمر عشر سنوات” معتبرا أن ذلك يوجه للنظام “إشارة إلى أنه في أحد الأيام سينتهي الإفلات من العقاب”.
حان وقت فرنسا
ولقي القرار ارتياحا لدى المنظمات الحقوقية، إذ اعتبر الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام ورابطة حقوق الانسان، أطراف الحق المدني في هذا الملف، في بيان أن “هذا القرار يفتح الطريق، للمرة الأولى في فرنسا، لمحاكمة كبار المسؤولين في آلة القمع السورية”.
ورأت كليمانس بيكتارت محامية الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمركز السوري للإعلام وعائلة دباغ أنه “من الضروري أن تصنف هذه المحاكمة، التي تندرج في إطار معركة طويلة ضد الإفلات من العقاب، جرائم النظام وأن تحكم، حتى غيابيا، على كبار مسؤوليه”.
باتريك دباغ كان طالبا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق من مواليد 1993 ووالده كان مستشارا تربويا رئيسيا في المدرسة الفرنسية في دمشق من مواليد 1956، وقد اعتقلا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 من قبل ضباط قالوا إنهم ينتمون إلى جهاز المخابرات الجوية السورية.
وبحسب صهر مازن دباغ، والذي اعتقل هو الآخر في الوقت نفسه معه لكن تم الإفراج عنه بعد يومين، فان الرجلين نقلا الى سجن المزة، حيث تشير تقارير إلى عمليات تعذيب تحصل داخل هذا السجن. وجاء في أمر القاضيين: “يبدو أنه من المؤكد بشكل كاف” أن باتريك ومازن دباغ “تعرضا على غرار آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، لتعذيب شديد لدرجة أنهما توفيا”.
ولم تظهر أي علامة على أنهما لا يزالان على قيد الحياة إلى حين إعلان النظام وفاتهما في آب/ أغسطس 2018. وبحسب شهادتي الوفاة، فإن باتريك توفي في 21 كانون الثاني/ يناير 2014 ومازن في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017. بينما تمت مصادرة منزل مازن دباغ وطرد زوجته وابنته في تموز/ يوليو 2016، ومن ثم انتقلت ملكية المنزل إلى “الجمهورية العربية السورية” التي قامت بتأجيره “إلى مدير المخابرات الجوية لقاء مبلغ يصل الى 30 يورو سنويا”، بحسب القضاة الذين اعتبروا أن هذه الوقائع تشكل تواطؤًا في جريمة حرب.
من جهته، قال مازن درويش مدير المركز السوري للإعلام في بيان إنه “بعد ثلاث محاكمات أدت إلى ثلاث إدانات في ألمانيا، حان الوقت لكي تظهر فرنسا رغبتها في المساهمة في المعركة ضد الإفلات من العقاب عن جرائم ارتكبت في سوريا بحق سكان مدنيين“.
و.ب/ ص.ش (أ ف ب)