ماذا فعل العرب لـ« اهل السنّة » في سوريا؟
للمرة الاولى، أطل رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق سعد الحريري عبر برنامج “حديث الناس” مع الاعلامي مرسيل غانم، متحدثا بصراحة وبوضوح قلما امتازت بهما اطلالاته الاعلامية منذ توليه سدة السؤولية خلفا لوالده الشهيد رفيق الحريري.
الحريري الابن بدا متحررا من اعباء تحالفاته وخصومه على حد سواء، ورسم صورة مستقبله السياسي،كـ« لبناني معتدل من الطائفة السنية »، رافضا كلَّ اشكال الحروب والعنف، منتقداً العراضات المسلحة في انحاء لبنان، ومحذرا من حرب أهلية في حال استمر الوضع على ما هو عليه من انحلال لمظاهر الدولة كافة.
الحريري لم يعفِ نفسه من المسؤولية في ما آلت اليه الاوضاع في البلاد، إلا أنه، أيضاً، طالب الاخرين بتحمل مسؤولياتهم!
في موضوع التسوية الرئاسية، كشف مسؤولية حزب “القوات اللبنانية” في التسوية، مشيرا الى انه وكتلته النيابية اقترعوا في 45 دورة انتخابية لصالح حليفهم رئيس القوات سمير جعجع، إلا أن الامور بلغت الحائط المسدود، فاختار الحريري خرق جدار الازمة وترشيح الوزير سليمان فرنجية، فكانت ردة فعل رئيس القوات ترشيح الجنرال عون! واحتراما لرغبة الحليف، اقترع الحريري لعون، من دون ان يتهرب من مسؤولية هذا الاقتراع.
إلا أنه طالب « القوات » بالاقرار بانهم « شركاء في التسوية »، وأن من انقلب عليهم في « التسوية » ليس الحريري بل من اتفقوا معه على تقاسم الوظائف والوزارات والادارات، شريكهم في « اتفاق معراب »، رئيس التيار العوني جبران باسيل.
إلا أن اخطر ما كشف عنه الحريري للمرة الاولى، مواربةً، هو سبب تباين وجهات النظر بينه وبين دول الخليج، وتحديدا المملكة العربية السعودية!
فأشار الى ان « المواجهة » في لبنان ستؤدي بالاوضاع الى ما يشبه اليمن او سوريا، وهو يرفض هذه « المواجهة »! كاشفا في الوقت نفسه عن مآل “أهل السنة” في سوريا، حيث قال أن هناك 18 مليون مواطن سوري من الطائفة السنية، من أصل 22 مليون، وسأل أين هم اليوم؟ وأجاب الحريري: 10 ملايين لاجئين، و8 ملايين مهجرين داخل سوريا!!
وما لم يقله الحريري هو: ماذا فعلت الدول العربية لـ« اهل السنّة »؟
وتاليا، ما الذي ستفعله الدول العربية لـ« اهل السنّة » في لبنان في حال اتخذت قرار المواجهة مع حزب الله؟
الحريري كشف ايضا عن عمليات تسلّح تجري في البلاد محذرا من انزلاق الوضع الى فوضى حرب اهلية في حال استمرار التعنت وعدم كسر حلقة الجمود وتمترس كل فريق في موقعه بانتظار تنازلٍ من الفريق الآخر.
وفي حين جدد الحريري تمسكه بالمبادرة الفرنسية مشيرا الى انها خشبة الانقاذ الوحيدة المطروحة على الطاولة، انتقد حزب الله وحركة امل علنا لتعطيلهما المبادرة، مجددا رفضه تكريس اعراف جديدة في تشكيل الحكومات. خصوصا تكريس « وزارة المال » للطائفة الشيعية، ومحذرا من ان فائض قوة سلاح حزب الله سيعمل على تغيير هوية النظام اللبناني، وانه يرفض هذا الامر جملة وتفصيلا.
لعل المأخذ الوحيد على حديث الحريري هو انه وضع “كل البيض” في سلة المبادرة الفرنسية من دون ان تكون هناك خطة بديلة.
فإذا ما فشلت المبادرة الفرنسية، فما العمل؟