لم يترأس أمير قطر وفد بلاده في القمة الخليجية المنعقدة بالرياض، لكن المراقبين لا يرون في موقف الشيخ تميم بن حمد فشلا للتحركات الأخيرة من أجل حل الأزمة الخليجية.
وكانت الآمال معلّقة على حضور أمير قطر للقمة في أعقاب مؤشرات على احتمال حدوث انفراج في الخلاف السياسي الناتج عن قطع السعودية والبحرين والإمارات ومصر علاقاتها مع الدوحة في 2017.
وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت بوادر انفراج إذ شاركت السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج لكرة القدم في قطر، قبل أن تعلن الدوحة عن إحراز “بعض التقدم” خلال مباحثات مع السعودية.
ويعتقد المراقبون بأنه في ظل عدم رفع الحصار الذي فرضته السعودية والبحرين والإمارات على قطر، فإن الحديث عن مشاركة الشيخ تميم بالقمة الخليجية كان باكرا لآوانه، إذ هناك قضايا عالقة لم يتم حلها بعد وهي التي تحدد حجم المشاركة القطرية في القمم الخليجية.
وقال شقيق الشيخ تميم، الأمير خليفة بن حمد، في تغريدات وصفت “بالنارية” ووجهها إلى السعودية والإمارات يوم أمس: “عرف المرض بدقة التشخيص ويعالج بتخصيص الدواء المناسب، ولهذا تدهورت حالة مجلس التعاون بسبب خطأ في التشخيص”. وأضاف: “ابحثوا عن حلول مقنعة، لأن قطر بلا شك ليست هي المرض”.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نشرت الشهر الماضي تقريرا تحت عنوان “القطريون والسعوديون يقومون بمحاولة جديدة لإصلاح العلاقات المتوترة”. وأكد التقرير قيام وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة مفاجئة للسعودية عرض فيها قطع العلاقات مع الإخوان المسلمين مقابل إصلاح العلاقات مع السعودية.
وقال جيرالد فييرستين، المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية وسفير واشنطن السابق في اليمن، لـ”وول ستريت جورنال” إن هناك إشارات عن تقارب بين السعودية وقطر و”لكن ليس من الواضح أن هناك تحركا بنفس الاتجاه بين الإماراتيين والقطريين“. وقال مصدر قطري لوكالة أنباء الأناضول إن “الهجوم الإعلامي على قطر ومسؤوليها، ما زال مستمرًا في الإمارات على المستويات الرسمية والصحفية، مما يشير أن الأزمة لم يقترب حلها مع الأطراف”.
ويبدو أن إيران هي الرقم الذي يدفع الدول الخليجية، وبالذات السعودية، للتصالح مع قطر في ظل التطورات الجيوسياسية في المنطقة رغم عدم حضور الأمير تميم للقمة الخليجية. وحسب العديد من المراقبين، فإن الإنقسام الخليجي خدم المصالح الإستراتيجية للجمهورية الإسلامية التي استطاعت أن تستغل ذلك لإفشال أي إجماع خليجي للتحرك ضدها، خاصة وأن طهران استطاعت أن تتعاون مع الدوحة تجاريا في ظل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين لمحاصرة إيران اقتصاديا بسبب برنامجها النووي.
من جانب آخر، نشر موقع “المونيتور” مقالا للباحث في جامعة قطر جاستين غينغلر، يتحدث فيه عن السبب الحقيقي الذي يدفع دول الخليج الثلاث لإنهاء الأزمة مع قطر. ويشير الباحث إلى أن الحسابات المالية، وليست إيران، هي من ستقود إلى حل الأزمة الخليجية. وينوه إلى أن حالة الحصار رافقتها حملة إعلامية دولية لمهاجمة قطر وقتل دولة الرفاه فيها، مستدركا بأن الجهود ارتدت عكسا على ما يبدو، حيث دفعت قطر للبحث عن حلفاء أمنيين وتجاريين آخرين. ويقول الكاتب إن “التصدعات الاقتصادية بدأت تظهر ليس في قطر ولكن في دول الجوار، وهذا يساعد على فهم اللفتات التصالحية التي بدأت تظهر من الجيران”.