العلاقة الامريكية الاسرائيلية: احد عوامل استمرار الحروب

0

ان احتكام الولايات المتحدة الامريكية للمصالح الاسرائيلية اصبح مع الوقت احد اهم مسببات العنف الاسلامي /العربي الامريكي. وقد اصبح من الضروري بل من الحتمي ان تناقش هذه المسألة بوضوع من قبل اصدقاء الولايات المتحدة قبل اعداءها ومن قبل حلفاءها قبل خصومها. ان العلاقة الامريكية الاسرائيلية في العشر السنوات الاخيرة اصبحت تهدد بمزيد من التوتر في العلاقة بين العالم الاسلامي والعربي من جهة و الولايات المتحدة من جهة اخرى. والسبب واضح في هذا. فالسلاح الذي يقتل به العرب في الاراضي المحتلة هو سلاح امريكي، والمتفجرات التي تلقى فوق مناطق عربية وفلسطينية هي امريكية، والمستوطنات التي تبنى في المناطق العربية وفي القدس تتم باموال امريكية تصل لعشرات المليارات، كما ان الولايات المتحدة ساهمت بحماية اسرائيل سياسيا على الصعيد الدولي من خلال حق النقض الفيتو. ان مجموع الفيتو الذي مارسته الولايات المتحدة منذ السبعينات حتى اليوم لحماية اسرائيل في مجلس الامن يساوي مجموع ما استخدم من حق النقض الفيتو من قبل بقية الدول من الاعضاء الدائمين. يصعب على العالم العربي التضاهر بأن كل هذا لم يقع.

ان هذا الوضع يثير تساؤلات كبرى حول حيادية الدولة الكبرى الاولى في العالم، كما يثير التساؤلات عن مدى مقدرتها خط سير مستقل عن اسرائيل. والمشكلة الاخطر في الموقف ان الولايات المتحدة لا تساعد اسرائيل الان للدفاع عن وجودها او حماية امنها الوطني او استقلالها بل تساعد اسرائيل اساسا( بوعي ام يغير وعي) في قمع الفلسطينيين وتمكين اسرائيل من البقاء في الضفة وفي القدس والجولان.

حتى الان يصعب ان نشرح لشاب تحت الاحتلال او للشعوب العربية التي تشاهد كيف تستباح القدس انه يوجد فارق كبير بين اسرائيل الولايات المتحدة الامريكية. بينما يعي افراد مثلي الفارق في امور كثيرة وعديدة، الا ان الصورة العامة للولايات التحدة بين العرب والمسلمين ترى في الولايات المتحدة منفذا لرغبات اسرائيل. الا تذهب الاموال الامريكية بصورة او بأخرى الى المستوطنات في القدس والضفة الغربية كما تذهب الاموال العربية والمسلمة الى المقاتلين في القاعدة؟ وهل هناك فارق حقيقي بين الاثنين. فهذا يقتل المدنيين ويعتدي عليهم وذاك يفعل نفس الشيئ بحق الشعب الفلسطيني ومقدسات المسلمين؟

وبينما توجد قوانين واضحة لمنع وصول الاموال العربية الاسلامية الى القاعدة والى الطالبان ، الا انه لا يوجد جهد دولي قانوني عالمي لمنع وصول اموال الولايات المتحدة الى المستوطنين في القدس وحولها وفي الضفة الغربية والجولان. اليس صحيحا ان الكثير من الجمعيات الخيرية الامريكية اكانت مسيحية ام يهودية تقوم باعمال تبرعات كبرى تنتهي بمستوطنات القدس والخليل ونابلس؟

ثم نتساءل عن ايران والنووي الايراني ثم النووي الاسرائيلي. اليس صححيا ان الرئيس الامريكي جونسون عندما علم عام ١٩٦٩ بالبرنامج الاسرائيلي النووي من رئيس المخابرات المركزية الامريكية قال له “ بأن لا يعلم احد انه يعلم بالامر وذلك ليتفادي القيام بأي جهد لايقاف البرنامج”. ان استمرار هذا المنهج اليوم كما في السابق يعود ويؤكد للعالم العربي والاسلامي ان المنطق في النهاية هو للاقوى وليس للاحق. لكن لمنطق القوة حدود.

ان تأسيس عالم اسلامي وعربي اقل عنفا واقل كرها للسياسة الامريكية سيتطلب ابتعادا امريكيا عن تسليح اسرائيل وعسكرتها حتى النهاية، سوف يعني هذا سياسة امريكية جديدة توقف تدفق المليارات من الدولارات العلنية والسرية التي تنتهي في مستوطنات تؤسس لحروب ومواجهات لا نهاية لها بين اسرائيل والعالم الاسلامي. ان الادانة اللفظية الامريكية للاستيطان ستؤدي في النهاية الى جعل الدولة اليهودية خطر على نفسها وعلي الولايات التحدة. من هنا تنبع اهمية الرئيس اوباما وامكانية ان يكون قادرا على تغير المسار. لقد تحولت اسرائيل لعبئ كبير على الولايات المتحدة، كما ان الالتزام الامريكي بأبقاء اسرائيل متفوقة على مجموع الدول العربية المحيطة بها بينما تقوم اسرائيل بالاعتداء على محيطها لن يساهم في السلام العالمي والاقليمي. هذه سياسات ستقوي لقاعدة، كما انها تقوي ايران او حماس بل على العكس ستضعف كل الوسطيين العرب.

ويبقى عالمنا حتى الان عالم غير عادل، ولهذا يصعب ان ينتهي فيه العنف. ان الولايات المتحدة التي تقاتل في اففانستان والعراق واماكن اخرى تزيد العداء لها في العالم الاسلامي والعربي بسبب دفاعها الاعمى عن اسرائيل التي لا تواجه خطرا. ان انسحاب الولايات المتحدة من الصدام مع العالم العربي والاسلامي لن يكون ممكنا بلا حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يتضمن القدس وانسحاب اسرائيل والمستوطنين، وحل عادل لقضية اللاجئين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، كما ويتضمن انسحابا من الجولان السورية. ان حل كهذا لن يكون ممكنا بلا تحرر امريكي من سطوة اللوبي الداخلي الذي يرهق الولايات المتحدة ويوجهها كما يريد. إن اسرائيل بوضعها الراهن عبئ على السياسة الامريكية.

استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading