بغداد (رويترز) – قالت ثلاثة مصادر من فصائل مسلحة ومصدران أمنيان عراقيان مطلعان إن قياديا بارزا بالحرس الثوري الإيراني دعا الفصائل المسلحة الشيعية بالعراق إلى تكثيف هجماتها على الأهداف الأمريكية وذلك في اجتماع عقد في بغداد الأسبوع الماضي.وتعرضت القوات الأمريكية في العراق وسوريا لهجمات عدة مرات في أعقاب زيارة وفد إيراني بقيادة حسين طائب رئيس الاستخبارات بالحرس الثوري والتي جاءت بعد ضربات جوية أمريكية ضد فصائل مسلحة تدعمها إيران على الحدود السورية العراقية في 27 يونيو حزيران.
وقالت المصادر الثلاثة من الفصائل المسلحة التي حصلت على إفادة عن الاجتماع إنه على الرغم من تشجيع الفصائل على الانتقام إلا أن الإيرانيين نصحوا العراقيين بعدم الذهاب بعيدا في هذا الطريق لتجنب حدوث تصعيد كبير.
وقال أحد المصادر الثلاثة، وهو قائد كبير بفصيل محلي مسلح اطلع على الاجتماع، إن الإيرانيين نصحوهم بتوسيع نطاق هجماتهم بشن عمليات انتقامية ضد القوات الأمريكية في سوريا.
يأتي ذلك في وقت تخيم فيه خلافات كبيرة على الجهود الدبلوماسية الرامية لإحياء اتفاق إيران النووي الموقع في عام 2015، والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقال مسؤول كبير في المنطقة أطلعته السلطات الإيرانية على زيارة طائب إن رئيس استخبارات الحرس الثوري اجتمع مع عدد من قادة الفصائل المسلحة العراقية أثناء الزيارة ونقل لهم “رسالة الزعيم الأعلى بمواصلة الضغط على القوات الأمريكية في العراق حتى ترحل عن المنطقة“.
ومنذ الضربات الجوية الأمريكية، زادت الهجمات على القوات الأمريكية وعلى العسكريين أو القواعد التي يعملون بها في العراق واتسع نطاقها إلى شرق سوريا.
ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الفور على أسئلة من رويترز بخصوص هذا التقرير. ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين في مكتب العلاقات العامة للحرس الثوري للتعليق.
ونفى المبعوث الإيراني لدى الأمم المتحدة هذا الشهر الاتهامات الأمريكية بأن طهران دعمت الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وندد بالضربات الجوية الأمريكية على الفصائل المسلحة التي تدعمها إيران هناك.
ولم يتسن على الفور الحصول على رد من الحكومة العراقية أو مكتب رئيس الوزراء العراقي على أسئلة عن الاجتماع.
وتحدثت المصادر لرويترز طالبة عدم نشر أسمائها لحساسية الموضوع.
* التنافس الأمريكي الإيراني
والعراق، وهو أكبر دولة عربية تسكنها أغلبية شيعية، مسرح للتنافس الأمريكي الإيراني منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين في عام 2003.
وتشن الفصائل المسلحة الشيعية حملة متواصلة تزداد تطورا، ضد القوات الأمريكية التي انسحبت من العراق عام 2011 لكنها عادت عام 2014 على رأس تحالف لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن الهجمات التي استُخدمت فيها أيضا طائرات مسيرة ملغومة زادت منذ الضربات الجوية الأمريكية، التي تقول الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران إنها أودت بحياة أربعة من عناصرها.
وقال المصدران الأمنيان العراقيان المطلعان على أنشطة وعمليات الفصائل المسلحة إن الإيرانيين سلموا حلفاءهم العراقيين خرائط جوية للمواقع الأمريكية في شرق سوريا خلال الاجتماع الذي عُقد في الخامس من يوليو تموز.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنها قلقة بشدة إزاء الهجمات، بما في ذلك قصف بوابل من الصواريخ في السابع من يوليو تموز على قاعدة عين الأسد الجوية، أصيب خلاله جنديان أمريكيان.
وطائب شخصية كبيرة في الحرس الثوري ورجل دين شيعي متوسط الرتبة، يعتبره مطلعون على الشؤون السياسة الإيرانية ومحللون مقربا من الزعيم الأعلى خامنئي.
وقال المسؤول الكبير في المنطقة إن خامنئي أوفد طائب إلى العراق بعد فشل زيارات للبلاد قام بها البريجادير جنرال إسماعيل قاأني، الذي عُين العام الماضي قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، في إحداث التصعيد.
وقال مسؤول في الحكومة العراقية إنه يبدو أن إيران تسعى لاستخدام حلفائها في العراق في الضغط من أجل العودة للعمل بالاتفاق النووي، الذي ستُرفع بمقتضاه العقوبات الأمريكية المشددة في مقابل قيود على الأنشطة الذرية الإيرانية.
وقال دبلوماسي إيراني كبير إن زيارة طائب لبغداد تشير إلى أن خامنئي ضالع مباشرة في الشؤون العراقية بعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، في ضربة بطائرة مسيرة أمريكية في العراق في أوائل العام الماضي.
وأكد متحدث باسم أحد الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والذي استهدفته الضربة الجوية الأمريكية الشهر الماضي أن الهجمات الأخيرة نفذتها (المقاومة الإسلامية العراقية)، في إشارة إلى الفصائل المسلحة الشيعية المدعومة من إيران.
وقال كاظم الفرطوسي المتحدث باسم (كتائب سيد الشهداء) لرويترز إن التصعيد العسكري ضد القوات الأمريكية سيستمر إلى أن ترحل جميع قواتها المقاتلة من العراق.
وقال سعد السعدي، وهو مسؤول كبير في المكتب السياسي لفصيل (عصائب أهل الحق) المدعوم من إيران، إن على القوات الأمريكية أن تنتظر هجمات أكثر فاعلية في أي مكان من سوريا والعراق إذا واصل الأمريكيون استهداف الفصائل.
وقال اثنان من قادة الفصائل المسلحة إن الاجتماع عقد في حي الجادرية الراقي في بغداد، في فيلا مواجهة للسفارة الأمريكية عبر نهر دجلة.
وبدأت إيران والولايات المتحدة محادثات غير مباشرة في فيينا في أوائل أبريل نيسان للعودة للعمل بالاتفاق النووي. ولم يتحدد موعد آخر لمزيد من المحادثات التي أرجئت في 20 يونيو حزيران.
وقال بعض المسؤولين الغربيين والإيرانيين إن المحادثات أبعد ما تكون عن الوصول إلى نتيجة، مع استمرار الخلافات حول العقوبات الأمريكية التي ينبغي أن تُرفع والالتزامات النووية التي يتعين على إيران أن تنفذها.