(الصورة: على طريق مطار بيروت اليوم)
قال الرئيس ترامب انه اتخذ قرار اغتيال سليماني للحؤول دون حرب وليس لإشعال حرب! تقرير « رويترز » يؤكد أن سليماني كان يريد استفزاز القوات الأميركية وجرها إلى « حرب صغيرة » تُغرِق الإنتفاضة العراقية المناوئة لإيران وأحزابها الفاسدة والعميلة. العملية الأميركية ضد الميلشيات في « الأنبار »، التي تسببت بمقتل ٢٥ عراقي، كانت ضمن مخطط سليماني، وسمحت بشن « عملية السفارة الأميركية ». وكانت ستعقبها « عمليات أخرى » تسقط فيها طائرات هليكوبتر، وأعداد أكبر من القتلى، بهدف تحويل الرأي العام العراقي إلى رأي عام غاضب على أميركا. لهذا اتخذ ترامب، ووزير دفاعه، قرار اغتيال سليماني وإجهاض المخطط من أساسه.
ما لا يتطرّق إليه تقرير « رويترز» هو القسم اللبناني والسوري من المخطط! فالجنرال الإيراني وصل إلى بغداد قادماً من بيروت ودمشق!
الشفاف
*
(رويترز) – في منتصف أكتوبر تشرين الأول، اجتمع قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني مع حلفائه من الفصائل الشيعية المسلحة بالعراق في فيلا على نهر دجلة، على الجانب الآخر من مجمّع السفارة الأمريكية في بغداد.
قال قائدان في الفصائل ومصدران أمنيان مطلعان على الاجتماع لرويترز إن سليماني أصدر تعليمات إلى أكبر حلفائه في العراق، أبو مهدي المهندس، وزعماء فصائل قوية أخرى بتكثيف الهجمات على أهداف أمريكية في البلاد باستخدام أسلحة متطورة جديدة قدمتها لهم إيران.
جاء الاجتماع الاستراتيجي، الذي لم تتحدث عنه تقارير إعلامية من قبل، بينما كانت الاحتجاجات الحاشدة ضد النفوذ الإيراني المتنامي في العراق تكتسب زخما، مما وضع الجمهورية الإسلامية في صورة بغيضة.
وذكرت المصادر المطلعة على الاجتماع وسياسيون شيعة عراقيون ومسؤولون مقربون من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن خطط سليماني لمهاجمة القوات الأمريكية كانت تهدف إلى إثارة رد عسكري من شأنه أن يحول ذلك الغضب المتصاعد صوب الولايات المتحدة.
ودفعت مساعي سليماني الولايات المتحدة إلى شن هجوم يوم الجمعة الذي أودى بحياته وحياة المهندس، مما شكل تصعيدا كبيرا للتوتر بين الولايات المتحدة وإيران. وقُتل الاثنان في ضربات جوية استهدفت موكبهما في مطار بغداد لدى توجههما إلى العاصمة، مما يمثل ضربة قوية للجمهورية الإسلامية والجماعات العراقية المسلحة التي تدعمها طهران.
وتسلط مقابلات مع مصادر أمنية عراقية وقادة فصائل مسلحة شيعية بعض الضوء على كيفية عمل سليماني في العراق، البلد الذي وصفه القائد العسكري الإيراني ذات يوم لمراسل لرويترز بأنه يعرفه عن ظهر قلب.
وقال قادة الفصائل المسلحة والمصادر الأمنية العراقية لرويترز إن سليماني أمر الحرس الثوري الإيراني، قبل أسبوعين من اجتماع أكتوبر تشرين الأول، بنقل أسلحة أكثر تطورا إلى العراق منها صواريخ كاتيوشا ّ وذلك من خلال معبرين حدوديين.
وفي فيلا بغداد، طلب سليماني من القادة العسكريين المجتمعين تشكيل فصيل مسلح جديد -غير معروف للولايات المتحدة- يمكن أن ينفذ هجمات صاروخية على الأمريكيين الموجودين في قواعد عسكرية عراقية. وذكرت المصادر بالفصائل المسلحة التي اطلعت على ما دار في الاجتماعات أنه أمر كتائب حزب الله -وهي قوة أسسها المهندس وتدربت في إيران- بتولي تنفيذ الخطة الجديدة.
وقال مصدر بالفصائل المسلحة لرويترز إن سليماني أبلغهم بأن مثل هذه الجماعة “سيصعب على الأمريكيين رصدها”.
وقال مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم يوم الجمعة إن أجهزة المخابرات الأمريكية كان لديها قبل الهجمات ما يجعلها تعتقد بأن سليماني مشارك في “مرحلة متقدمة” من التخطيط لمهاجمة أمريكيين في عدة دول، منها العراق وسوريا ولبنان. وقال مسؤول أمريكي كبير إن سليماني زود كتائب حزب الله بأسلحة متطورة.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين يوم الجمعة للصحفيين إن سليماني عاد للتو من دمشق “حيث كان يخطط لهجمات على جنود وطيارين ومشاة بالبحرية وبحارة ودبلوماسيين أمريكيين”.
ورفض مسؤول في مقر الحرس الثوري الإيراني التعليق. ولم يتسن الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإيرانية.
* اختيار أهداف أمريكية بالطائرات المسيرة
زاد قلق الولايات المتحدة من النفوذ الإيراني على النخبة الحاكمة في العراق، التي تواجه احتجاجات منذ شهور تتهم الحكومة بإثراء نفسها وخدمة مصالح قوى أجنبية، لا سيما إيران، في الوقت الذي يقبع فيه العراقيون في الفقر دون وظائف أو خدمات أساسية.
ولعب سليماني دورا أساسيا في توسيع نفوذ إيران العسكري في الشرق الأوسط باعتباره مدير العمليات السرية خارج إيران. وكان سليماني (62 عاما) يعتبر ثاني أقوى شخصية في الجمهورية الإسلامية بعد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وأشرف المهندس، العضو السابق في مجلس النواب العراقي، على قوات الحشد الشعبي العراقي التي تمثل مظلة لفصائل مسلحة شيعية في أغلبها ومدعومة من إيران، وتم دمجها رسميا في القوات المسلحة العراقية.
ومثل سليماني، كان المهندس منذ فترة طويلة على رادار الولايات المتحدة التي صنفته باعتباره إرهابيا. وفي عام 2007 أصدرت محكمة كويتية عليه حكما غيابيا بالإعدام لضلوعه في تفجيرات استهدفت السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت في عام 1983.
وقال قائد بالفصائل المسلحة لرويترز إن سليماني اختار كتائب حزب الله لقيادة الهجمات على القوات الأمريكية في المنطقة نظرا لامتلاكها القدرة على استخدام الطائرات المسيرة لاستطلاع الأهداف لمهاجمتها بصواريخ الكاتيوشا. وذكر القادة بالفصائل أن من بين الأسلحة التي أمد بها سليماني حلفاءه من الجماعات العراقية المسلحة في الخريف الماضي طائرة مسيرة طورتها إيران وقادرة على التخفي عن أعين أنظمة الرادار.
وقال مسؤولان أمنيان عراقيان يراقبان تحركات الفصائل المسلحة إن كتائب حزب الله استخدمت الطائرات المسيرة لالتقاط صور جوية لمواقع تنتشر بها قوات أمريكية.
كان مسؤول عسكري أمريكي قد قال في 11 من ديسمبر كانون الأول إن هجمات الفصائل المدعومة من إيران على القواعد التي تستضيف قوات أمريكية في العراق تزداد وتصبح أكثر تطورا، مما يدفع جميع الأطراف صوب تصعيد خارج عن السيطرة.
جاء تحذيره بعد يومين من سقوط أربعة صواريخ كاتيوشا على قاعدة قرب مطار بغداد الدولي مما تسبب في إصابة خمسة من قوات جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم لكن مسؤولا عسكريا أمريكيا قال إن معلومات المخابرات وفحص الصواريخ والبطاريات التي استخدمت في إطلاقها يشير بإصبع الاتهام إلى فصائل شيعية مسلحة مدعومة من إيران، خاصة كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق.
وفي 27 من ديسمبر كانون الأول، تم إطلاق أكثر من 30 صاروخا على قاعدة عسكرية عراقية قرب مدينة كركوك في شمال البلاد في هجوم أودى بحياة متعاقد مدني أمريكي وإصابة أربعة أمريكيين واثنين من العسكريين العراقيين.
واتهمت واشنطن كتائب حزب الله بتنفيذ الهجوم. ونفت الجماعة ذلك. وشنت الولايات المتحدة بعد ذلك بيومين ضربات جوية استهدفت الجماعة مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 25 مقاتلا وإصابة 55.
وأشعلت الضربات شرارة احتجاجات عنيفة على مدى يومين من جانب أنصار فصائل مسلحة مدعومة من إيران والذين اقتحموا نقطة أمنية في محيط السفارة الأمريكية ورشقوا قوات الأمن بالحجارة. ودفع ذلك واشنطن إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة والتهديد بالانتقام من طهران.
وفي يوم الخميس، قبل يوم من الهجوم الذي قتل سليماني، حذر وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر من أن الولايات المتحدة قد تضطر لاتخاذ إجراء استباقي لحماية أرواح الأمريكيين من هجمات متوقعة من جانب فصائل مدعومة من إيران.
وقال إسبر “قواعد اللعبة تغيرت”.