تكشفت معلومات جديدة حول توقيف العميد المتقاعد في الجيش اللبناني فايز كرم من قبل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
وعلمت «السفير» من مصدر أمني على صلة مباشرة بالتحقيق أن التحقيقات الأولية مع كرم أظهرت اعترافه بالتعامل مع الإسرائيليين، وهذه المعطيات صارت ملك الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري، وكذلك وزير الداخلية زياد بارود والنائب العام الاستئنافي القاضي سعيد ميرزا.
وقال المصدر إن التحقيق مع كرم يتم حاليا بوتيرة هادئة، إذ إن المحققين يراعون وضعه الصحي، على اعتبار انه سبق وأجرى جراحة قلب مفتوح منذ فترة غير بعيدة.
ولفت المصدر الانتباه إلى أن كرم حاول في بادئ الأمر أن ينفي تهمة التعامل عنه، لكنه خلال أقل من خمسين دقيقة أقرّ بتعامله بعدما واجهه المحققون بـ«الأدلة الثبوتية المهمة والقاطعة» التي لم يستطع نفيها. ولم يؤكد المصدر أو ينفِ ما إذا كانت تلك الأدلة كناية عن إثباتات ووثائق ومستندات أو حركة اتصالات هاتفية بالإضافة الى ما تردد عن صور «وذلك حرصا على مجريات التحقيق».
وأشار المصدر إلى أن بداية التواصل بين العميد الموقوف وبين الإسرائيليين تمت في نهاية الثمانينيات، وخلال تبوئه موقعا عسكريا مهما في الجيش اللبناني الذي كان متمركزا في ما كان يعرف بالمناطق الشرقية في ذلك الحين، والذي كان، أي الجيش، يكن العداء لسوريا.
واستنادا الى التحقيق الأولي، حدد المصدر خارطة مغادرة كرم لبنان في تلك الفترة، حيث أشار إلى أن القوات السورية وبعد عملية 13 تشرين الأول، ألقت القبض على كرم وتم نقله إلى سوريا حيث أمضى تسعة أشهر في السجن، ثم أُطلق سراحه وعاد الى لبنان، ليمضي فيه فترة قصيرة وينتقل عن طريق الجبل إلى مدينة جزين التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن هناك نقله الإسرائيليون في موكب أمني إلى حيفا، حيث مكث أياما قليلة فيها، وبعدها نقله الإسرائيليون بحرا إلى قبرص وأمنوا دخوله بجواز سفر مزوّر انتقل بواسطته الى باريس، حيث أمضى سنوات عدة قبل أن يأتي الى لبنان مع عودة العماد ميشال عون إلى بيروت في 2005.
أضاف المصدر: التواصل بين كرم والإسرائيليين كان متواصلا حتى فترة ليست بعيدة وثمة اتصالات عدة تمت بينه وبين الإسرائيليين في العام 2009، تلك السنة التي حصلت فيها الانتخابات النيابية وقد كان مرشحا للانتخابات آنذاك».
ونفى المصدر أن يكون خلف توقيف العميد المتقاعد أي بعد سياسي، وقال إن الوقائع التي يظهرها التحقيق هي التي تجيب عن ذلك، علما أننا تعاطينا مع هذا الموضوع من خلال أدلة سعينا إليها حتى تأكدنا منها، اما كيف توصلنا الى اكتشافه، فذلك حصل خلال عملية المتابعة التي نجريها في الأساس، حيث تمكنّا في البداية من الوصول الى «اختراق معيّن» ولفت انتباهنا «تصرّف مشبوه» ووضعنا يدنا على هذه المسألة منذ ستة أشهر، حتى اكتملت الصورة عندنا بشكل كامل وتيقنّا من تعامله مع الإسرائيليين، وساعتئذ دخلنا في المرحلة الثانية، أي في مرحلة التوقيف.
وأشار المصدر الأمني إلى أن فرع المعلومات وضع المعلومات الأولية التي حصل عليها بتصرف مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، الذي درس الملف وأعطى موافقته على التوقيف، إلا أننا دخلنا في دراسة كيفية إتمام ذلك، وعقدت سلسلة اجتماعات على مدى أكثر من عشرة أيام، وطرحت اقتراحات بدهم منزله وإلقاء القبض عليه فيه، ولكن تم العدول عن هذه الفكرة لاعتبارات شخصية، كما تم درس فكرة إلقاء القبض عليه خارج منزله، في ذوق مكايل فصرف النظر عنها إلى أن رسا الأمر على فكرة استدراجه (احتساء فنجان قهوة مع صديق مشترك)، ومن ثم تم توقيفه.
ورداً على سؤال حول توقيت إلقاء القبض عليه في هذه الفترة، وخصوصا أن ثمة من أحاط العملية التي قام بها فرع المعلومات بعلامات استفهام، قال المصدر الأمني: «في الأساس لم نكن لنقارب هذا الموضوع لو لم نكن متأكدين من كل المعطيات التي وصلنا اليها، وبالطريقة ذاتها التي نتعقب فيها العملاء، وأما لماذا أوقفناه الآن، فلأن الصورة اكتملت معنا في هذا الوقت، ولو أنها مكتملة قبل ستة اشهر لأوقفناه آنذاك، وحتى لو لم تكتمل الآن، وتأخرت واكتملت في أي وقت لاحق لكنا أوقفناه في تلك اللحظة وليس صحيحا أن هناك بعدا سياسيا أو توقيتا سياسيا».
السفير
*
المقال السابق
خطأ بشري كشف كرم: زوّد إسرائيل بمعلومات عن حزب الله واعتقل في “كمين أمني”
النسبة الى جديد هذه القضية، أكدت مصادر أمنية موثوقة لـ«السفير» أن العميد كرم اعترف أمام المحققين في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بأنه بدأ التعامل مع العدو الإسرائيلي منذ أوائل التسعينيات، وأنه واظب على تقديم المعلومات إلى العدو حتى هذه الأيام.
وقالت المصادر إن العميد كرم كان يفترض أنه بعيد كل البعد عن الشبهات، موضحة أنه لم يكن ممكناً كشف تعامله لولا «خطأ بشري» أدى إلى كشف معطيات كانت تحت الرقابة والمتابعة من قبل فرع المعلومات منذ العام 2007، من دون أن يتم ربط تلك المعطيات بالعميد كرم شخصياً.
وكشفت تلك المصادر عن أن العميد كرم كان يستخدم ثلاثة خطوط هاتفية أوروبية من دول مختلفة، وهي تتمتع بحماية ضد التجسّس والمراقبة، بحيث لا يمكن معرفة أمكنة استخدامها، وقد كان فرع المعلومات يشكّ فيها نظراً لندرة استعمالها والخصوصية التي تتمتع بها من حيث الحماية.
وأشارت المصادر إلى أن «خطأ» حصل أدى إلى كشف المكان والشخص الذي يمتلك أحد هذه الخطوط، فأخضع لرقابة مشددة على مدى أسبوع وتم جمع كل المعطيات المتراكمة، ليتبين أن العميد كرم هو صاحب الخطوط الثلاثة، وأنه يستخدمها للاتصال بالعدو الإسرائيلي عبر أوروبا التي كان العميد كرم يتجوّل فيها بعد مغادرته لبنان إلى العاصمة الفرنسية التي يمتلك فيها بعض الأعمال الخاصة.
وأوضحت المصادر أن العميد كرم لم يلق القبض عليه في منزله لا في ذوق مكايل ولا في الشمال، كاشفة عن انه تم استدراجه الى «كمين أمني»، من دون أن توضح التفاصيل المتعلقة بكيفية إلقاء القبض عليه. واشارت إلى أنه جرت مداهمة منزله في ذوق مكايل بعد الحصول على إذن النيابة العامة، حيث صودرت أجهزة وخطوط الهاتف الأوروبية الثلاثة إضافة إلى أجهزة الكومبيوتر ووثائق عديدة، ويجري تحليلها لمعرفة طبيعة المعلومات التي كان ينقلها العميد كرم إلى الموساد الإسرائيلي، علماً أن هناك معطيات شبه مؤكدة عن أنه زوّد الموساد بمعلومات محددة عن «حزب الله».
الى ذلك، قال العماد عون تعليقاً على توقيف كرم ان «السقوط من طبيعة البشر، ومن رسل السيد المسيح الذين اختارهم بنفسه سقط 25%، توما سقط بالشك، وبطرس سقط بالخوف ويوضاس سقط بالإغراء». وأضاف: ما يصدمنا ليس الحدث بحد ذاته بل الشخص، في حال إدانته. ولكن ما حصل لن يؤثر على ثقتنا في أنفسنا أو في الآخرين، وما نزال على المواقف ذاتها، بل أقوى، وسنكمل مسيرتنا».
السفير
توقيف العميد فايز كرم القيادي في التيار الوطني الحر بتهمة التعامل مع إسرائيل
معلومات عن ارتباط كرم بشبكة متورطين… وعون يتلقى الخبر الأسوأ في حياته