يستشهد فعل من افعال المضارعة، والفعل المضارع ما دل على معنى مقترن بزمان يحتمل الحال أو الاستقبال، والمعنيان مقصودتان في عنوان كتابتي هذا، وما ذاك إلا أنني وفي مغتربي خلال الايام الماضية كنت انظر الى النجوم المتناثرة في بحر السماء وأبحث في وسطها عن شهب من بصيص الأمل تبعث على الاستقرار والهدوء في نفسي حيال وضع الصديق العزيز والمناضل الكردي المهندس مشعل التمو والذي اعتقال من قبل أجهزة الأمن السورية في محافظة حلب في سيناريو مشابه جدا الى اعتقال واغتيال والدي الشهيد الدكتور معشوق الخزنوي!!..
وأنا ابحث في بحر السماء عن شهاب الأمل وإذ بطيف من الأمل يسقط جاثيا بين يدي ليشرح لي معاني فعل المضارع ودلالاته واخافني بضرب أمثلته لدلالات المضارع ، فقد تعودت منذ زمن بعيد على أن الأمثلة في كتب النحو والصرف تدور كلها حول زيد وعمر من قبيل يضرب زيد عمراً ، لكن طيف الأمل الذي كنت ابحث عنه لمصير الاستاذ مشعل التمو وجدته يضرب لي الامثلة كلها بمشعل ، يضرب اسد مشعلا ، يعذب بشار مشعلا ، يقتل بشار مشعلا، استيقظت مفزوعاً من غفوتي على هول الأمثلة لدرس فعل المضارعة، لأدخل في غيبوبة أخرى ، لأجد الذاكرة مزحومة والفكر مشلولاً بدأ شريط الذاكرة يمر سريعاً امام ناظري واجد نفسي واخي الشيخ مراد من خلال شريط الذاكرة نطرق كل باب، والدنا مختطف والدنا معتقل، واجدنا نوجه من قبل الأمن السياسي للإلتجاء الى إدارة الأمن الجنائي للبحث عن مفقود ، ونطرق باب شركة سيرياتيبل لنجد الامور كلها تحت سيطرة اجهزة الأمن، وأمور كثيرة لا يسع المقام لذكرها ، شاهدته من خلال الذاكرة واذا بكل مرحلة من مراحل الذكرة كان فعل المضارعة يصارعني يقلقني يستبدل مرشد بفارس ومعشوق بمشعل ، فهل استشهد مشعل ام أنه يستشهد الآن ، راودني إحساس غريب وأنا أراقب واقرأ صفحات ذاكرتي ، وهاجمني تغير مفاجئ وأنا أتلو سطور كلماته، ودفعني إلى حمل أفكار جديدة ملئها الحزن والحب ، الخيبة والوفاء بين جوانح روحي!!.. وكل ما استطعت فعله وكنت متيقنا منه جازماً به، أن ناجيت مشعل من خلال مناجاة الأرواح لأقول له مشعل اصبر على كل جلدة سوط ، تجلد في كل ضرب كهرباء ، تحمل يا أبا فارس فإنا لا نعلم القدر ولكننا نرجو الله أن يحميك وأنت تحت سوط الجلاد ، أن يرعاك وانت مشدود العينين ، فصبراً أبا فارس ، إنك والله مثال البطل الذي يقف أمامه جندي صغير لسانه يلجم خجلا منه ، وما عليه إلا أن يقف وقفة إجلال وصمت واعتزاز فخورا بهذا البطل المقدام الذي لم يخفض رأسه من أجل أمته !!..
وهنا أستفيق على ضجيج كم هائل من الأصوات من داخل الوطن وخارجه في بلاد المهجر ، كلها تصرخ بسؤال واحد : لماذا لم يتحرك الكرد والخطر محدق بنا جميعا بالأرض والبشر ؟ وللأمانة لا يجد المرء إجابة شافية على السؤال رغم الجلد والألم من كل إجابته.
ورغم جميع المؤشرات التي تأكد على قرب خطب جليل وتصعيد كبير في المنطقة الكردية ، إلا أن البعض مصر على عدم فداحة الموقف ، وأن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد لعبة كلعبة القط والفأر يمارسها النظام السوري مع الشعب الكردي، وذهب البعض من ذوي الشأن على الصعيد الكردي الى التقليل من حجم الخطر المحدق بالشعب الكردي وتصعيده من خلال عمليات الاختطاف التي ابتدأت بالشيخ الشهيد معشوق الخزنوي والتي طالت المناضل المهندس مشعل التمو ولا ندري الى أين ستمضي، بل يمضي في وهم هو أشبه بالخيال بأنه في منأى عن أي ضرر ناسياً أو متناسياً حادثة الأثوار الثلاثة .
ولا احبذ أن اقف في موقف المنظر ولكن البرود والتجمد الذي أصاب العلاقة الكردية الكردية وهو ما نلمسه على مستوى الأفراد والساسة وغيرهم ، أدت إلى التعاطي مع قضايانا بطريقة انفرادية وانعزالية يمثل أحد أهم الأسباب لما سبق، والناظر الى الواقع الهش المتواجد على الساحة الكردية وتعامل السلطة الأمنية معها تذكر بكل تطابق عندما غزا المغول بلاد المشرق الإسلامي كان المغولي يأتي لمجموعة من المسلمين ويطلب منهم أن ينتظروا حتى يحضر ويحد سيفه فيمتثلون لأمره ويسلموا رقابهم طواعية له ودون مقاومة تذكر، وليس حال الكرد مع السلطة الأمنية هذه الأيام بأفضل من ذلك الوقت فالكرد اليوم يعيشون حالة من اللامبالاة .
الهموم كبيرة كبر الجبال ، والطريق طويل طول البحر ، وليس لي أمل الآن إلا أن ارفع أكف الضراعة الى الله العلي القدير أن يخسف الأرض ببشار وأعوانه وأن يرد إلينا أبا فارسا سليماً معافى ، فلا نريد أن نفتقد مشعلنا كما افتقدنا معشوقنا .
وهنا يرن الهاتف برنات متسارعة يوقظني من غفوتي، ألو، صباح الخير ، صباح النور، اريد البشارة شيخ ، خير إن شاء الله ، الاستاذ مشعل ظهر، اليوم كان في القصر العدلي بدمشق مع الأمن السياسي ، ألو…. ألو….. ألو شيخ…… شيخ مرشد ألو ….. كانت سماعة الهاتف قد سقطت من يدي لأسجد لله سجدة الشكر ، وصديقي على الجانب الآخر ينادي علي، ألو … ألو ….
حمداً لله على معرفة مصيرك يا أبا فارس ، وليخلصك الله من هؤلاء الحثالة قريباً، عد إلينا سالما أبا فارس قامشلو في انتظارك ايها العزيز … !!!!!
Khaznawi200@hotmail.com
www.khaznawi.de