كأنهم يظنون أننا سننسى، أو نقبل كما فعلنا في السابق حين لم نكرس المقال اليومي للقابعين في السجون. أو كأنهم بحجب المواقع ومنع الجرائد من الوصول إلى البلد يمنعون أحاسيس نتشاركها ولو لم نلتق أو نتحدث عنها. كأنهم يظنون بأنهم يستطيعون إلغاء الذاكرة والأسماء والتاريخ. وكأنهم يتنكرون بأن للأولاد ذاكرة حين تنضج تفعل الكثير.
هؤلاء الذين يمسكون مفاتيح السجون، يزجون الناس الجيدين الأكثر شجاعة منهم بالتأكيد، آسفة هنا للمقارنة الفجة، يفعلون ذلك لكي لا يبقى في الخارج من هم شجعان.
والذي حدث ويحدث أن السجن الطويل عذّب الكثيرين وربما خرّب الكثيرين وهذا بديهي علماً، ولكن يوجد جيل في البيوت سيكبر أيها المالك، ولأنه كاره وناقم سينتقم منك ومن البلاد ومن نفسه أخيراً.
نعم أعرف أنكم ترغبون بتخريب البلاد وبتخريب الجيل أو على الأقل لا يهمكم إلا أن تتشبثوا بكراسيكم، ولكن ألا يوجد طريقة أبداً لحل زنقتكم إلا بتخريب البلاد؟ ألا يوجد حل لتثبيت الكراسي إلا بدق المطرقة على رؤوس الناس؟
الأمر المؤلم حقاً، أنه يوجد من الشعوب العربية من تفكر بأن هؤلاء الذين يعفّسون بالبلد/ سوريا وفي الوقت نفسه يتلاعبون بصَغار مع المحيط القريب، يعتبرونها مواقف عربية قومية تستحق التبجيل. فقط لأنها تدعي ذلك، بغض النظر عما تفعل في الواقع.
وتلفزيون الجزيرة، يصور الاعتصام الطويل العريض مع إخراج مسرحية كاملة متكاملة لما يحدث وحدث في غوانتانامو، بالطبع هذا جيد، بالطبع لا لكل السجون. وبعد ذلك كالعادة التقرير اليومي لمساندة سامي الحاج اتصلوا و.. جيد، ولكن ماذا بشأن سوريا وسجون سوريا؟ نعم هاهم يذكرون دمشق. دمشق عاصمة للثقافة العربية، ويتصلون بمن يحتل منصب الوزير ليتحدث بافتخار عن إنجازاتهم التي تبدو من المشاهد والصور أكثر بذخاً مما قد ينظم في دولة السويد التي تكاد نسبة الأمية والفقر تهبط إلى ما تحت الصفر، لكن مثل هذه الدول لا تفعل هذه المظاهر الباذخة رأفة بمشاعر الدول الفقيرة، أو من وجهة نظر عقلانية، تخدم سياستها اليوم وفي الغد.
ثم ماذا تخسر السلطة السورية بهذه التظاهرة التي تسمى ثقافة، إن زاد عدد الفقراء عشرة آلاف مثلاً؟ هذا لا شيء، ذلك لأن السلطة في هذا اليوم وهذه الدقيقة في زنقة لا تتخلص منها إلا بهذه الأفعال.
قال المذيع يسأل وزير الثقافة السوري: دمشق عاصمة للثقافة، ولديكم في السجون مثقفون!
يجيب الوزير ناكراً كعادة المسؤولين السوريين الذين تربوا على طرق التملص الدبقة، في الحقيقة أحست بأنه يشبه شخصية روايتي وهي ابنة الضرة البائتة التي تكذب باستمرار، وتبدو كذبتها دائماً وضيعة ومفضوحة، ولكنها لاتكف عن الكذب، قال مستنكراً: مثقفون في السجون؟.
كأن هذا الذي يحتل منصب الوزير يرغب في هذه اللحظة أن يكيد الشعب السوري ويغيظه، رغم أنه يعرف بأنهم ينكلون بهذا الشعب صبح مساء. ومتى يشفى غليلهم؟ الله وحده يعلم.
حين رجع رياض الترك إلى السجن مرة ثانية، لا أدري بالضبط ما هو رقم المرة، لكن أعرف أنه لم يدخل ويخرج كثيراً ذلك لأنه يدخل إلى السجن ويعصى فلا يخرج.. أقول حين دخل السجن تكاثرت التعليقات والتوقعات من الكثيرين الذين يحبونه من الأعماق ويحتاجونه، قالوا، مؤكد أنهم هذه المرة لن يتجرؤوا على سجن الرجل طويلاً مثل المرة الأولى عشرين عاماً أو تزيد، قالوا سيفرج عنه سريعاً، ثم تبين أن الرجل كان يرتب مكانه في السجن، مخدته وفرشته وخفه وصحن طعامه ليستقر.. ذلك لأنه ينوي أن يقيم.
في الأيام الأولى لسجن فداء الحوراني، كنت أشعر بشيء من الندم أو الرغبة بالاعتذار منها أنها في السجن وحدها، ولكن الآن أفكر أن هذه المرأة الجميلة والأصيلة ستخرج أكثر جمالاً وعتقاً وأصالة، وأعرف أنها لا تريد أن يكون معها أحد.
وأما الأصدقاء الجيدون من هم الآن في السجون السورية، فأظن أننا متضايقين أكثر من ضيقهم في سجنهم، ذلك لأنهم اعتادوا أو كما تقول أمي: هذا الطريق أخذ من أقدامهم “شقف ونتف”. والعمل الذي مضوا به وينوون الاستمرار به لم يتوقف ولن يتوقف، بل إنه ينشط أكثر، وربما يهيئون حيطان وأرض السجن للسكن، إذ يفكرون ماهو ذنب القضبان الحديدية والبلاط إذا كان تركيبها بارد وقارس..
يفكر المرء ويقلّب الأمر مئة مرة ولا يستطيع أن يفهم: ما هذا النبل المسجون الذي يزيد في نبله، وما هذا الكره السجان الذي يزيد في كرهه.
اليوم تنوي السياحة السورية وفي إطار التظاهرة الثقافية أن تهدم حي البزورية لتعمّر مكانه مشروعها وقناعتها، نحزن بالتأكيد على هذا الجمال، لكن أتساءل أي منطق يجعلنا نناضل ضدّ هدم الجمال في حين لا ننسى أن من بيده سلطة الهدم لم يتورع في شباط 1982 في مدينة حماة عن هدم أكثر أحياء العالم جمالاً وعتقاً في أيام قليلة وفوق أهاليها، فلنحمد الرب أن حي البزورية سينذر شاغليه قبل الهدم لكي يلملموا أولادهم وبقية رزقهم وينجوا.
sarraj15@hotmail.com
كاتبة سورية- استوكهولم
المقال اليومي (عن الاعتقالات في سورية)Na3am, la nazal nara o na3ich fi ayamina 7azeh a7dathan la tousaddak Amina lma3koul kama zakarat al katiba an toulakab 3asimatan ma bel thakafa o 3adadon min ahliha la yazaloun fi 3idad l2oumiyin Ajal chay2on you7ayer jeddan o lima l7ira o na7nou nantami li biladen la hadafa laha ghayra an tou7ayer wa la tou7arrar al moutamin laha, ya lihaza lzaman lazi la na3lam fih ila l2an ayou 3asimaten yajeb 3alayna ihda2ouha haza lakaba lthamin , khasi2tamon ya ayouha lchou3oub lwataniya lihaza ljahal lazin antoum mourtabitoun fih Amma fi ma yata3allak bi mawdou3en la akiffou 3an… قراءة المزيد ..
المقال اليومي (عن الاعتقالات في سورية) وأنا أتابع أحيانا لا دائما إحدى الفضائيات العربية ، صعقني خبر دمشق عاصمة للثقافة ، ليس لأنني مغربي حقود يُريد لعاصمة بلاده أن تكون لها الريادة والسبق في عوْصمة الثقافة أو ثوْقفة العاصة ، لكن ما لا أريده هو أن تتحول عواصم بلداننا التي هي قلاع لقطع اللسان وأقبية للظلام والخوف وورش مُجهزة لتعديب الإنسان بلا توقف ومرتع للإستخبارات من كل صنف إلى عواصم للدليس ، لا أريد لها أن تتخفى وراء الدعايات الزائفة للتغطية على جرائمها الفظيعة ضد المُثقفون والنشطاء السياسيون والحقوقيون ، كيف لعوصم الخوف والمصادرة كدمشق والرباط وتونس والقاهرة و طرابلس… قراءة المزيد ..
المقال اليومي (عن الاعتقالات في سورية)الخوارج بيننا! الخوارج ليسوا فرقة عاشت في التاريخ، بل فكرة يمكن أن تجند شبابا متحمسين يسفكون الدم الحرام باسم الله، وهي مرض وعدوى ووباء، قابل للانفجار في كل وقت، تحت أسماء شتى، وأحيانا مغرية جذابة، مثل كل طرق جهنم المعبدة شعارات براقة، ولكن هذا المعنى يغيب عن الكثيرين فوجب التنبيه. وفي يوم نادى أناس بأسماء من الحرية والوحدة فكانت شعارات جرت كوارث لم ننته منها بعد.. فتحولت الحرية إلى ظلمات من الديكتاتورية، والوحدة إلى مزع من الطائفية والحزبية.. وهذا المرض يقصه علينا القرآن لنفهم أنها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، ولكن بيننا وبين… قراءة المزيد ..
المقال اليومي (عن الاعتقالات في سورية)النظام السوري المخابراتي الارهابي يقول وبحماس لو كان جملة الديمقراطية واحترام الانسان رجل او امراة او مواطن شريف لقتلته وقلت عنه انه انتحر او وضعته في الزنزانه وقلت عنه عميل صهيوني او امريكي او اسرائيلي قال لـ”إضاءات”: تجب معالجة ظاهرة الارهاب في مجتمعنا محمد أركون: “قبليّة” العرب أخضعتهم للغرب المتقدم والديمقراطي سيادة الشعب .. وسيادة الله دبي- العربية.نت قال المفكر الجزائري البارز، محمد أركون، إن انقطاع العرب عن التقدم والعلم والديمقراطية مرده إلى أنهم “مجتمعات تعيش على أساس النظام القبلي وهذا ما أدى إلى استعمارهم من قبل الغرب المتقدم والمتعلم”. وجاء حديثه، في الجزء الثاني… قراءة المزيد ..