كوباني وداعش وحزب الاتحاد الديمقراطي

0

ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل

الدولة الإسلامية في العراق والشام، “داعش”، التي توسعت خلال الفترة الماضية في العراق، لم تتمكن من التقدم في إقليم كردستان العراق الذي تحميه قوات “البيشمركة”.

لكن يبدو أن الوضع في سوريا ليس مشرقاً كذلك. فتنظيم “داعش” الذي أعدَّ العُدّة لاحتلال منطقة “كوباني” الواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD لا يزال يواصل هجومه، مع أنباء عن سيطرة “داعش” ،على مجموعة قرى في المنطقة إياها.

استغلَّ حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الظروف السياسية التي تولَّدت عن الانتفاضة الشعبية ضد نظام البعث وحاول إدارة جغرافية لا تشبه جغرافية إقليم كردستان العراق، يسكنها العرب والكرد والسريان والتركمان معاً وبنسب متساوية (يشكل الكرد الغالبية). وقد وضع لذلك استراتيجية ثبت فشلها. ولتحقيق هذه الاستراتيجية تمت تصفية المجموعات الكردية الأخرى المختلفة، ومٌنِع الكرد من دعم المعارضة السورية، ومن ثم تم الإعلان عن كانتونات في ثلاث مناطق كردية سورية رئيسية (عفرين، وكوباني، والجزيرة).

حكومة “هولير” التي تُعدُّ الحالة الكردية الوحيدة على الأرض، لم تعترف بحالة كردية ثانية (الكانتونات)، وإذا كان المطلوب هو البحث عن مخرجٍ قومي بعدما خفَّتْ الخلافاتُ بين هولير وروجآفا، إلا أن اشتداد المعارك منعَ ذلك. رغم ذلك، فإن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، المتابع جيداً للأحداث وما تظهره، قد دعا المجموعات الكردية السورية وضمنها حزب الاتحاد الديمقراطي إلى هولير (عاصمة إقليم كردستان العراق)، وأوصاهم بالتعامل مع بعضهم البعض متحدين. وقد قام صالح مسلم وقادة آخرون في “حزب الاتحاد الديمقراطي” بالعديد من الأعمال بشكلٍ حر ومنفصلٍ في هولير، لكن وبمجرد تحقق “ثورة روجآفا” انتهى التحالف القومي بين الأحزاب الكردية.

سيخسرُ كرد سوريا إذا ما تحركوا بناءً على مصالح حزب أو طرف، أو فئة معينة. فقط الأحزاب الكردية التي تجمعها مصالح قومية هي الأقرب للربح. ولا ننسى هنا أن القومية العربية تم تدميرها على يد حزب البعث. بقي أن الجلوس مع “داعش” للتفاوض سيكون مرهوناً بالعشائر والطوائف التي قسمت الشعب نفسه إلى قسمين.

بالنسبة للكرد مجدداً..

بشكلٍ مماثلٍ لما حدث في تركيا، يريد حزب الاتحاد الديمقراطي من كرد سوريا اليوم تصديقَ أنهم يقومون بثورة اشتراكية “باسم فقراء روجآفا”!

هناك أصدقاءٌ وأعداءٌ لكل ثورة، ويُعدُّ داعش أكبر أعداء ثورة روجآفا، وأتمنى أن يتوقف زحفُ داعش على المنطقة. وإذا كانت هذه ثورة، فإن المؤكد أن البعثيين أيضاً لن يوافقوا على هذه الثورة حين تستقر الأوضاع. والسؤال الأساس هنا هو:

لماذا لا يوجدُ لثورة روجآفا أصدقاء؟ وإذا وجدوا فأين هم في هذه الأوقات العصيبة؟

قد يكون من العبث البحث عن جوابٍ لهذا السؤال.

ليسَ واضحاً ضدَّ من قامت “ثورة روجآفا”! فنظام البعث يغض النظر عنها، و”ثوار روجآفا” لم يواجهوا النظام عسكرياً وإن لمرة واحدة! بالمقابل، فإن هؤلاء “الثوار” وقفوا إلى جانب موظفي النظام المدنيين والعسكريين مراراً، ولكن لم يُبقوا ملاذاً للمجموعات الكردية الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

خارج الملوحين بأيديهم لروجآفا في جيهانغير ونشانتاشي، من حملة البنادق القديمة تقديراً للخبز والملح والرفاقية القديمة، فإن لا أصدقاء لثورة روجآفا في العالم!

ولو لم يتعامل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD بعدائيةٍ مع مسعود البارزاني والمجموعات الكردية الأخرى في سوريا لكان تم التجاوب مع ندائهم للدفاع عن كوباني.

يمكنُ لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD إظهارَ امتثالهِ للمصالح القومية الكردية في المناطق الخاضعة لسيطرته. بناءً عليه كان يمكنه البقاءُ مرتبطاً باتفاق هولير (أربيل).

لا شكَّ،إنكم تتابعون الأخبار وتفهمونها. فالذين اقتيدوا إلى روجآفا للحرب هم صغارٌ في مرحلة الدراسة الثانوية.

حين تقرأون الرسالة التي تلقاها الكاتب “علي بيرم أوغلو”، ونشرها، ستفهمون مدى خطورة الوضع. وهي رسالة التي تلقاها من أبوي طالبٍ في الصف السادس مُصاب بمرض مميت ويبحثان دون جدوى عنه في روجآفا. إنها قصة الإخفاء القسري لطلبة من التعليم الثانوي، والبحث عنهم في روجآفا.

ينبغي من أجل المدافعة عن كوباني الابتعادُ عن هذه الإجراءات، وعودة حزب الاتحاد الديمقراطي إلى الحقيقة، وعدم اعتماده التحشيد بناء على تسويق أن “العدو على الأبواب”. عليه الانخراط في البحث عن الأصدقاء في الأحوال العادية، وإقناع الكرد الذين لا يفكرون مثله.

أعلم أنكم ستقولون أنها مهمة صعبة، لكني أعتقد أن لا طريقاً ولا حلاً آخر للدفاع عن كوباني اليوم وغداً.

• المصدر: صحيفة ستار Star التركية.

• العنوان الأصل للمقال: دفاعاً عن روجآفا.

• روجآفا: تعبير معتمد في الإعلام التركي يطلق على المناطق الكردية في سوريا (كردستان سوريا).

• يعتقد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD أنه أطلق ثورة كردية في المناطق الكردية السورية اعتباراً من يوم 19 يوليو / تموز 2012،ومن هنا حديث الكاتب أورهان مير أوغلو عن “ثورة روجآفا” و “ثوارها”.

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading