حَضَرَ الماء، بطَّل التَّيمّم!

0

قبل سنة من اليوم، لم يكن اكثر المتفائلين يتوقعون أن يصبح “الكرد”، وكرد سوريا تحديدا، ممثلين ببندقية “قوات الحماية الشعبية”، ليس الرقم الصعب في جغرافيا ملتهبة تمتد حدودها من اصفهان ولا تنتهي في فلوريدا وغوانتانامو بل وتذهب في الزمن اليومي.

لقد أتى اطلاق “داعش” من كهف العقل الشيطاني بالخلافة (ليس مهما الآن البحث في من اطلقهم)، بعد سقوط التجربة المصرية الاخوانية، وانفلات الصراعات وفشل السيطرة الاخوانية في ليبيا وتقزمهم في تونس رعبا من مصير مصر ومآل مرسي. تعرّت مؤخرة اردوغان التركي الذي حاول المتاجرة والمناورة على كل البسطات وفي اكثر من جبهة زينتها له “قطر” الرحمن.

أغرق أروغان وقطر اخوان سوريا بدورهم في فساد مشين، لربما اسوأ مما تفوح روائحه في دوائر نظام الاسد، بعدما بدوا للحظة وكأنهم يقودون معارضة تابعة أشبه ما يكونون بالدمى الروسية “ماتريوشكا” داخل قبعة الكاردينال العثماني اردوغان.

المشهد الحقيقي اليوم:

ـ امريكا ترغم أروغان بنعومية على بلع الموسى على الحدين، كما فعلت “ميركل.

ـ “كوباني” الكردية، صارت عاصمة الحرب على الارهاب الدولي والدولتي الذي يمثله: أروغان والاسد وخامنئي فضلا عن الدواعش وما اكثرهم..

ـ قافلة عسكرية كردية تنطلق من “اربيل” وجهتها الرسمية المعلنة “غربي كردستان” وعاصمتها ” كوباني” عبر الاراضي التركية” بما يعنيه من مدلول سياسي ليس اعتداء على السيادة السورية بل والتركية ايضا رغم انف اردوغان الذي يصرخ في كل الاتجاهات ولا أحد يسمعه..

ـ “قوات الحماية الشعبية” وكانتوناتها، برمزها الاسطوري بندقية المرأة الكردية المقاتلة القائدة، تصمد لأشرس حالة ظلامية “خلافة داعش” التي أتت بساعات على غالبية المدن والمناطق السنية العربية المهشمة بفعل السلطات العراقية السورية والصحوات الامريكية، من حدود لبنان الى حدود ايران، ولم تجد من يتصدى لها لولا الكرد والخيار الامريكي الغربي.

على الجانب الآخر في الوقت الذي يبحث فيه ( العالم المنافق) أمريكا والسعودية وتركيا وقطر الرحمان وأيران. عن قوى مسلحة سورية معارضة ومعتدلة، ما شاء الله!، بدأت “جبهة النصرة” الممثل المحلي لداعش، بما يشبه التوافق بالتهام كل العصافير الملونة المصنفة كجيش حر معتدل، وتتقاسم الارض والمناطق مع داعش بقوة السلاح او بشراء الولاءات بالمال الفاسد وما اكثره.

لم يبقَ في الميدان كقوة شعبية معتدلة مهيأة لأداء دور تاريخي يعيد الاستقرار للمنطقة لكن بغير الموازين السابقة والخرائط المهترئة. قوة تحفظ ماء وجوه الكبار (امريكا بخاصة)، وتحتفظ ببندقية نظيفة، هي القوى الكردية الفاعلة، من “قنديل” مروراً بـ”اربيل” وصولا الى كوباني وعفرين وربما غدا غيرها وغيرها.

حضرت داعش بشياطينها وراياتها السوداء وسكاكينها، وتحضر “جبهة النصرة” بالرايات السوداء ذاتها والطغيان الديني منفلت العقال والعقل عينه.

لقد سقطت الشرعية الايديولوجية التي اعتاش عليها الاخوان المسلمون عشرات السنين: الاسلام هو الحل.

وعملا بالمسلّمة الشرعية: “اذا حضر الماء بطل التّيمّم”. حضرت داعش لتلغي اولاً كل حركات الاخوان المدعوّين قبل غيرهم للتوبة، وان غدا لناظره لقريب.

يوم تصبح كوباني والمرأة الكردية المقاتلة رمزا لعصر جديد أكثر عدلاً وحرية.

bachar_alissa@hotmail.com

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading