رغم مرور 32 عاماً على الغزو العراقي للكويت والذي تصادف ذكراه 2 أغسطس المقبل، لا يزال أهل الكويت يتذكرون جيداً مواقف عديدة تُروى، عن فترة الاحتلال، أبرزها الملحمة الوطنية التي سجلها أبناء الشعب بأحرف من نور في رفضهم للاحتلال بدمائهك قبل أموالهم.
فبعيداً عن جراح الحرب التي لم تندمل بعد رغم مرور أكثر من 3 عقود عليها، لما خلفته من ألم وشهداء لا يمكن نسيانهم على مر السنين، إلا أن ما سطره جميع الكويتيين قيادة وشعباً طوال فترة الاحتلال بضربهم أروع أنواع التضحيات، يستدعي استحضار اعتبار آخر لا يقل أهمية وهو سمة التعاون التي تميز أبناء المجتمع الكويتي، في الأزمات.
ولعل ما يزيد من أهمية استذكار هذا الاعتبار الظروف السياسية التي تمر بها الكويت حالياً، والتي تظهر للأسف عكس حقيقة المناضل الكويتي المشهود له تساميه فوق أي خلاف في مواجهة أي رياح تهدد بلاده متلفحاً دائماً بعباءة الوطنية لحماية وطنه الذي يعلو لديه ولا يعلو عليه مهما كان الطرف المقابل.
بالطبع،العاطفة والمقالات الصحافية هنا تذكرنا بتاريخ لا يمكن نسيانه لكن ذلك وحده لا يكفي للحفاظ على الكويت.
إذاً، لا بد من البحث مجدداً عما يجمعنا أكثر مما يفرقنا خصوصاً في ظل تعقيدات الأوضاع الجيوسياسية وخطورتها على صعيد المنطقة والعالم أجمع، والتي تستدعي من الجميع الوحدة.
فإذا كانت التجربة الكويتية في مواجهة الغزو العراقي وتجارب العالم الأخرى المشابهة، تثبت تاريخياً دور وأهمية الحماية الخارجية، إلا أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أنها موقتة مهما طالت، وأمام هذه الحقيقة لابد من التفكير في تطوير وتحديث جدار علاقاتنا المحلية للحماية من الأخطار التي تحيط بنا من الخارج أكثر من أي وقت مضى.
الخلاصة:
تمر الكويت اليوم بمرحلة مفصلية عالية الحساسية، وربما لا تعد مبالغة القول إن تداعيات الخلاف السياسي حالياً لا تقل خطورة عن الغزو العراقي، فإذا كانت كلفة الغزو باهظة في شهدائه ودماره المادي والمجتمعي، فإن كلفة استمرار حدة النزاع السياسي أيضاً باهظة لما تفرضه من تمزيق المجتمع وتصنيف أبنائه سياسياً ومجتمعياً لفرق كل منها يسوق لمشروعية موقفه وأنها الفرقة الناجية سياسياً.
وأثناء ذلك سننسى حكماً استحقاق التنمية بكل أنواعها للدرجة التي يخشى معها أن نصل ليوم نعتبر فيها استحقاق التنمية رفاهية فكرية بدافع انشغالنا بالمعارك السياسية التي باتت تشتعل يومياً، هنا وهناك لأبسط سبب وأحياناً من دون سبب لمجرد ضمان استمرار شعلة العدوانية.
ما نحتاج إليه حالياً وفاء أهل الكويت للكويت بمختلف طوائفهم، وفئاتهم، فالدفاع ينبغي أن يكون عن شرعية ازدهار الكويت.
فالشعوب التي لم تستفد من تجاربها شعوب لديها قصور في الوعي والفكر الإستراتيجي، واستخلاص الدروس التي تعتبر محورية على طريق البناء والنهضة التي تصب في مصلحة الكويت قبل الأشخاص.