بعد مسيرة حافلة بالعطاء، قاد خلالها العديد من التحولات السياسية والاقتصادية في الإمارات، توفي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي زاد في عهده تحول الإمارات إلى قوة ضاربة إقليمياً.
حزن الإماراتيون، ومثلهم الكويتيون والسعوديون وجميع مواطني دول الخليج على وفاة الشيخ خليفة، لكنهم سعدوا في الوقت نفسه، وهم يرون مدى تماسك وجاهزية بيت الحكم الإماراتي وقوة مؤسساته ورسوخ قيمه للانتقال سريعاً إلى عهد جديد، على يد أخيه الشيخ محمد بن زايد والذي تم انتخابه من قِبل المجلس الأعلى الاتحادي في اليوم التالي للوفاة.
وسياسياً، تؤشر سرعة انتخاب الشيخ محمد رئيساً للإمارات وبعد يوم من وفاة الشيخ خليفة على التفاف آل زايد والإماراتيون جميعاً على وحدة بيت حكمهم، ما يعيد ذكريات المشهد الكويتي عندما توفي سمو الشيخ صباح الأحمد، وخلفه سمو الشيخ نواف الأحمد في مبايعة جاءت سريعاً وباتفاق جماعي.
بالطبع، الحديث عن دور الشيخ خليفة في الإمارات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لا يحتاج إلى التنقيب، فبجردة بسيطة يمكن معها الوصول إلى أن الراحل كان يتمتع بشعبية كبيرة داخلياً وعربياً وعالمياً.
وإماراتياً يلحظ أن العديد من القرارات المؤثرة التي تمت في عهده كان لها عظيم الأثر في جميع مناحي الإمارات ماضياً وحاضراً، وكذلك في صناعة مستقبلها.
ومن بين أبرز منجزاته إنشاؤه، سنة 1981، دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية، المعروفة باسم «لجنة الشيخ خليفة»، التي ساهمت في توزيع الثروة على المواطنين في إمارة أبوظبي عبر تقديم تمويلات سخية دون فوائد لبناء مبانٍ تجارية تدر على أصحابها عوائد مالية دورية.
وقد أسهم ذلك في رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، وفي النهضة العمرانية في الإمارة، وفي إطار اهتمامه بتطوير البنية التحتية والمرافق الخدمية في دولة الإمارات، كان الشيخ خليفة بن زايد من أهم داعمي بناء أعلى برج في العالم، برج خليفة، الذي يعد أعلى بناء شيده الإنسان بارتفاع 828 متراً، والذي بدأ تشييده قبل أشهر من وفاة والده سنة 2004 وتم افتتاحه في مطلع سنة 2010.
وفي المجال الاجتماعي والإنساني، أسس سنة 2007 مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي تتكفل بمصاريف العلاج والدراسة وتأمين المأوى والغذاء للمعوزين في مناطق عدة في العالم.
وقد أولى الشيخ خليفة اهتماماً خاصاً بالحفاظ على البيئة، وعين أول وزير للبيئة في الإمارات في أول حكومة تشكلت في عهده سنة 2006.
ويحسب للراحل أيضاً أنه منح المرأة الإماراتية الحق بإعطاء أولادها الجنسية عند بلوغهم سن الرشد في حال زواجها من أجنبي. كما حصلت في عهده أول امرأة على عضوية المجلس الوطني الاتحادي.
وخارجياً، مرت سياسة الإمارات خلال عهد الشيخ خليفة وتحديداً منذ أن شغل منصب رئيس الإمارات وحاكم أبوظبي عام 2004 بعد وفاة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسس الدولة عام 1971، بتحولات كبرى، بدءاً بالحياد، ووصولاً إلى الدور الإقليمي.