إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
شفاف خاص-
يبدو جليا أن المطالبة السعودية- العربية بالتصالح مع سوريا لكي تعود إلى الجامعة العربية، تتناغم مع قرار الرياض فتح آفاق جديدة من العلاقات مع طهران.
بالنسبة للسعودية، فإن توجهها نحو طهران ودمشق مرتبط بأهداف عدة، لعل أبرزها تحقيق الاستقرار في المنطقة (وقف حرب اليمن، مثلاً) للدفع بمشاريع تنموية ضخمة، والانفتاح على دول الإقليم لإنجاح اقتصاد يخدم الإقليم برمته، والعمل على إغلاق نوافذ “الحراكات” و”المقاومات”، أو تضييق فتحاتها، الأمر الذي تحتاجه الرؤى التنموية-الاقتصادية- التجارية.
بعبارة أخرى، فإن تحقيق تنمية ضخمة وواسعة، وهو هدف سعودي واضح وقادم، لابد أن يسبقه تحقيق استقرار سياسي إقليمي على أرض صلبة، وهذا يستند إلى وجود خطة محكمة، تقودها دول المنطقة، قادرة على قلب طاولة “اللااستقرار” إلى “استقرار”.
وبما أن هناك شكوكا كبيرة في قدرة الجهود العربية على معالجة أزمة الحرب الأهلية في سوريا، فإن ما تأمله الرياض يصطدم بمعارضة رئيسية أمريكية. فقد قالت واشنطن مؤخرا إن نظام دمشق “لا يستحق هذه الخطوة”، وشككت في رغبة نظام بشار الأسد إيجاد حلول للأزمة الداخلية وللحرب الأهلية ولأزمة اللاجئين.
ويبدو أن الموقف الأمريكي من المطالبة العربية يتجاوز مسألة الداخل السوري ويؤشر إلى قضايا أخرى: كاستمرار الوجود العسكري الأمريكي على الأراضي السورية، وتباعد المواقف بين واشنطن وحلفائها حول قضايا عربية عدة. وكأن الحليف العربي، القديم، يسعى لفك ارتباطه بالأمريكي فيما يتعلق بقضايا المنطقة ويريد أن يمارس التحرر لعله يستطيع تحقيق نتائج مغايرة!
النظام السوري من جهته، ورغم ترحيبه بقرار عودته إلى الجامعة العربية، يعلم أن موقف العودة له ثمن. لذا برز في وجهه في ظل ما تحقق من تطورات، مطالب عربية وأخرى دولية. وأبرز تلك العربية يتمثل في كيفية وقف سيطرة النظام السوري على تجارة وتصدير المخدرات، إضافة إلى معالجة موضوع اللاجئين. فيما المطلب الدولي الأبرز يتعلق بتقرير مصير المعارضين السوريين وكيفية الوصول إلى توافق سياسي، إذ لا بد من تقدم يصب في صالح الشعب السوري لا في صالح النظام “القاتل”.
لذلك، عبّر معارضون سوريون عن استيائهم من الخطوة العربية. إذ أكدوا وجود تجارب سابقة تشير إلى أن النظام لن يُقدِم على تحقيق تقدم سياسي، وأن خطوة التطبيع العربي معه هي مجرد “مكافأة” للنظام و”تشجيع للأنظمة الديكتاتورية لارتكاب مجازر والإفلات من العقاب”.
يقول الكاتب والمعارض السوري المقيم في ألمانيا أكرم البني أن عودة النظام إلى الجامعة العربية غير كافية في نجاح التطبيع العربي وإن كانت شرطا لازما له، ويوضح: “قد يعود النظام السوري لمقعده في سياق توسيع المقايضات بين إيران والسعودية، لكن التطبيع الكامل معه يحتاج إلى تنازلات مهمة من قبله لا يزال يرفض تقديمها”.
ويحيل البني هنا إلى “ضمان عودة آمنة للاجئين والحد من صناعة وترويج المخدرات، في وقت تنازل فيه الجانب العربي عن فكرة الانتقال السياسي، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين وكشف مصير المفقودين”.
أما الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي فيرى أن “الخلاف ليس على عودة النظام (السوري) إلى الجامعة العربية وحضور قمة الرياض، إنما حول المطلوب من النظام قبل ذلك”.
معروف أن الحرب الأهلية في سوريا أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشردت أكثر من نصف سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. كما أنها حولت البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، وترك كل ذلك أثره على الاقتصاد جراء الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية والمصانع والإنتاج.