عندما تكون الدمعة، دمعة أحساس، ولا أقصد هنا الدمعة العابرة، وإنما المعبرة، أكون أتحدث عن سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي أضاف للدمعة معنى يعاكس مفهومها التقليدي، من انعكاس للحزن لآخر أكد التزامه كولي أمر مخلص لشعبه، بصفته القوي الأمين، بجانب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح.
حمل الخطاب الذي ألقاه سمو الشيخ مشعل، نيابة عن سمو الأمير الشيخ نواف، في افتتاح دور الانعقاد الأول لمجلس الأمة 2022 رسائل عدة بدأها بـ«أبناء وطني العزيز» والتي جاءت تتويجاً لديموقراطية الكويت الفريدة بين الحاكم وشعبه.
أما الرسالة الثانية فكانت موجهة لجميع السلطات في الدولة، حيث أكد سموه أن الجميع شركاء في تحمل المسؤولية، وشركاء في عملية البناء والإصلاح، شعباً وأسرة حكم، كل من موقعه ومركز عمله.
وأضاف سموه: «ولئن كان خطابنا السابق في 22/ 6/ 2022 هو خطاب العهد الجديد، فإن خطابنا اليوم أمام مجلسكم الموقر هو خطاب وثيقة العهد الجديد، والذي يعتبر خطابا توجيها وإرشادا ومتابعة».
مثل هذه الكلمات تبعث على التفاؤل بأننا مقبلون على مرحلة جدية، وعهد يأمل معه تغير حال الكويت لآخر يعلوه التنمية ويحيطه الانجاز وحلحلة كل الملفات العالقة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتعليمياً وصحياً وإسكانياً وإصلاح.
وأثناء ذلك، يتجدد الأمل في تحقق الحلم الذي طال انتظاره بتحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة، لتحصل الكويت مع ذلك على ما تستحقه من مكانة مؤجلة منذ سنوات طويلة بحكم العلاقة المتصدعة بين الحكومات السابقة ومجالس الأمة المقابلة لها.
المتعمق بخطاب سمو الشيخ مشعل، سيجد أن خطابه لم يحمل مجرد وعود بالتغيير فقط، بل تضمن أيضاً دعوة صريحة للجميع للمساعدة والتكاتف لتحقيق ذلك، ولأن يكون الجميع على الوعد مع العهد الجديد في صياغة هذا المستقبل المشرق الذي يتمناه الجميع.
وبالطبع هذا يتطلب مبدئياً تلاقي جميع السلطات ومن ضمنها الشعب على دفع قطار الكويت إلى الأمام بكل القدرات الممكنة، وأن تكون محطتنا المقبلة هي التنمية والانجاز على الأصعدة كافة.
وما يعزز التفاؤل بالعهد الجديد اكتمال جميع محركات انطلاقة الكويت بدءاً من انتخاب مجلس أمة أحسن الشعب اختيار أعضائه، مروراً بحكومة توافقية، وانتهاء برعاية سامية تعهدت بأن تكون أول من يحاسب الحكومة، ليكون مع ذلك كل طرف مدعواً لأداء واجبه الوطني بكل تفانٍ، وألا تتم المزايدة أو المساومة على القوانين والقرارات التي تتعلق بمصالح البلاد.
الخلاصة:
عندما سقطت الدمعة المعبرة من عين «الوطن» وهي عين سمو الشيخ مشعل، يتعين على جميع السلطات تلقفها كل من ناحيته تفاهماً وتوافقاً على الانجاز لمصلحة الكويت.
ولا يعد سراً أن ما أكثر الملفات المستحقة المعلقة في الكويت منذ سنوات طويلة، ما يجعلها أولوية للحكومة الحالية، وأن تتم معالجتها بأسرع وقت ممكن، وعلى رأس هذه الملفات تصحيح المسار الاقتصادي والإداري في البلاد، وليكن عبء خسارة الفرص التنموية في السنوات الماضية حافزاً إضافياً للجميع للتقدم سريعاً في تعويض الكويت وشعبها عن ما فاتهما من انجاز مستحق وملح.
ولا يقل أولوية الإسراع الحكومي في تسكين الشواغر القيادية في مختلف وزارات وهيئات الدولة بكفاءات وطنية تمتلك القدرة والرؤية على صناعة الفارق المستهدف، أخذاً بالاعتبار أن استمرار تأجيل هذه الخطوة يعني تقطيع مزيد من الوقت دون استثماره في إعادة تعيين الوجهة من الوقوف إلى الحركة للأمام.
وأخيراً يتعين أن تكون دمعة الشيخ وقوداً لكل مسؤول يشحذ بها قدراته وهممه على تقديم كل ما يملك للكويت، ولاستعادة موقعها التاريخي، ولتحقيق ما يستحقه شعب الكويت الوفي والذي أثبت بمختلف المراحل أنه على قدر المسؤولية، وأن غداً لناظره لقريب.