أما وقد تشكلت الحكومة الجديدة برئاسة سمو الرئيس الشيخ صباح الخالد فلم يعد مجدياً الغرق في تفاصيل الوزراء، والحديث عن مؤهلاتهم تارة وسنوات خبرة بعضهم تارة أخرى، وبالطبع هناك تفهم للمخاوف المثارة حول جانب الكفاءة والخبرة لمنظومة الوزراء الجديدة، ومدى ملاءمتها لمتطلبات المرحلة المزمنة لجهة الإصلاح وقدرتها على تعويض الشعب عما فاته من ضياع آماله الفترة الماضية الطويلة.
كما أن إيقاف ساعة الزمن عند البحث عن مدى انسجام مؤهلات الوزراء الجدد مع توزيرهم سيفرغ بدوره النقاش إلى مواضيع مختلفة لا طائل تحته، وإلى التشتت عن النقاش الأصلي الذي يفترض الالتفاف حوله، والخاص بتتبع مسار إنجاز الوزراء الذي يتعين أن نحاسب الحكومة الجديدة عليه والذي يفترض أن تظهر بعض ملامحه قريباً.
ولذا، من الأفضل للجميع تأجيل التنبؤ بمستقبل الحكومة الجديدة من خلال قراءة الأسماء فقط، وإعطاؤها فرصة ولو موقتة حتى تتضح خطط الوزراء الجدد، في تحمل مسؤولية المرحلة الحرجة التي تمر بها الكويت، وهذا ما سيكشف حكماً مؤهلات الوزراء الحقيقية قريباً، مع الأخذ بالاعتبار أن أغلب المتفائلين يؤكدون أن تشكيلة حكومة سمو الشيخ صباح الخالد هي أفضل ما يمكن.
فلا يعد سراً القول إن رئيس الوزراء وهو يقلب خياراته في تشكيل أعضاء حكومته الرابعة واجه اعتذارات عدة من شخصيات يعول عليها كثيراً في إحداث التغيير، لكن يبدو أن هذه الشخصيات نفسها لا تعول كثيراً على قدرة الحكومة في إحداث التغيير المستهدف، وهذا يفسره اعتذارها عن قبول توزيرها.
وعملياً، يواجه وزراء الحكومة الجدد ملفات عالقة في وزاراتهم التي حملوا حقائبها، وسط تطلعات شعبية لمرحلة يكون طابعها الإنجاز والتطوير، باستمرار العمل الجاد في تقديم معالجات حقيقية وعملية للملفات التي تنتظرها، والإرث الذي ستتحمل مسؤوليته، وهو بلا شك ثقيل جداً، ومنها التعديلات المطلوبة على قانون الدين العام وتغطية العجوزات المالية التاريخية التي بلغت عن العام المالي السابق 10.8 مليار دينار، علاوة إلى حلحلة المشكلة الإسكانية ورفع كفاءة المنظومة الصحية والاستمرار بمحاربة الفساد، والأهم الهدف الأوسع وهو تحقيق التنمية المستهدفة عبر تنفيذ حلم رؤية الكويت 2035.
وهنا بيت القصيد، حيث يتعين أن يكون نقاش المحاسبة الصارمة مفتوحاً على الإنجاز وليس اختيار أسماء الوزراء، فإذا كان اختيار تركيبة الحكومة مسؤولية رئيسها وشأنه، فإن محاسبتها على الأداء وتحقق تطلعات الشعب منها مسؤولية جماعية.
وهذا ما يجعل الحكومة الحالية أشبه بحكومة عنق الزجاجة، فإما أن تفاجئ الجميع وفي مقدمهم المتشائمون بتحقيق الإصلاحات المطلوبة منها، ومعالجة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، بحلول مبتكرة تؤشر إلى قدراتهم لإدراك المخاطر، والتغلب على التحديات التي تواجه الدولة ويعرفها القاصي والداني.
وإما أن تكون حكومة الفرصة الأخيرة، بتشكيلها حلقة إخفاق جديدة تضاف إلى سلسلة الحكومات المتعاقبة والعاجزة عن تحقيق المستهدف منها، وبذلك ستشبه سابقاتها لجهة عمرها الذي سيكون قصيراً وقد يعد بالأشهر. الخلاصة: بدأ العد العكسي للحكومة الجديدة نحو تحقيق الأمل المعقود على الوزراء الجدد، ونجاحهم يحتاج لأدوات مختلفة ليس أقلها التجانس والعمل ضمن رؤية واحدة عنوانها الإنجاز بعقول قادرة على إدارة حوار ناجح وتقديم حلول مبتكرة تمكن من الإنجاز المأمول، وتؤدي إلى تخفيف حدة المواجهة بين المجلس والحكومة.
وبناء على النتائج التي يفترض أن تظهر مؤشراتها قريباً سواء بزيادة جرعة التفاؤل أو التشاؤم، تكون المحاسبة وبأقصى درجاتها عادلة، فلم يعد هناك متسع من الوقت لتضيعه أو فرص عديدة يمكن اختبارها في تحقيق التنمية المستهدفة من الحكومة، فكل شيء بات بنهايته وفي مقدمة ذلك القدرة على تحمل الانتظار مجدداً، وتقبل المبررات خصوصاً غير المقنعة منها.
الرأي