الحديث عن تحديات القطاع الصناعي في الكويت لا يحتاج إلى وقت طويل، أو لدراسة يقوم بها مستشار عالمي لكشف المعوقات التي تواجه الصناعيين فهناك أسباب تقليدية معتادة يعرفها القاصي والداني، أبرزها ندرة الاراضي وقلة الإنفاق الحكومي على مشاريع القطاع الصناعي وغياب التشريع.
*عبدالله العفاسي هو الوكيل السابق لوزارة التجارة الكويتية
ورغم وجاهة هذه التحديات إلا أن السبب الجوهري في تأخر الصناعة الكويتية هو عدم إيمان الحكومة بأهمية التنمية الصناعية المستدامة، وهذا هو الاشكال الحقيقي الذي يبطئ نهضة القطاع الصناعي محلياً.
فتحقيق النهضة الصناعية ليس جهداً فردياً يقوم به مسؤولو الهيئة العامة للصناعة، أو وزير التجارة والصناعة، بل ينبغي أن يكون مستهدفاً حكومياً من جميع الوزراء والجهات، بحيث يسهم جميع المعنيين في تطوير الصناعة برؤية تراعي حاجة الحكومة من القطاع، وبما يراعي التغيرات التي طرأت أخيراً، خصوصاً وأن العديد من الدول المتقدمة والناشئة تسخر جميع جهودها لهذه الغاية، وفي مقدمتها المملكة السعودية التي أطلقت أخيراً مدناً صناعية برؤى ملهمة.
وإذا كان هناك اتفاق جماعي بأن التنمية الصناعية تعتبر من أهم ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة حيث تعد قاطرة الاقتصاد، خصوصاً في بلد مثل الكويت يعاني خللاً هيكلياً كبيراً في ميزانيته لاعتماده بشكل أحادي على النفط كمصدر رئيس للدخل، يجب وضع إستراتيجية حكومية شاملة تضمن أولاً رفع منسوب السيولة الموجهة للقطاع الصناعي، بما يوازي الاحتياجات التمويلية التي تضمن ضخ الاستثمارات الإستراتيجية المطلوبة.
ولذلك، بدلاً من حجز هيئة الصناعة لـ 5 أو 10 في المئة من عوائدها سنوياً لتوظيفها في تحقيق التنمية الصناعية المستهدفة، يجب أن تزيد الحكومة المبالغ المخصصة للقطاع ومشاريعها التنموية لتشمل جميع العوائد، إضافة إلى تجنيب مخصصات مالية إضافية تؤمن كامل الحاجة لتحقيق الرؤية في بناء مدن اقتصادية صناعية شاملة تضمن تحقيق النهضة الاقتصادية.
ومن نافل الإشارة إلى أنه معروف عالمياً أن القطاع الصناعي يضمن زيادة القيمة المضافة، ويساعد على تأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء والكساء وتحسين الموازين الاقتصادية من تجاري ومدفوعات وتشغيل الأيدي العاملة وتقليل معدل البطالة الحالي وتأمين فرص عمل للأجيال المقبلة.
الخلاصة: دعم القطاع الصناعي المحلي والارتقاء بمستوى الصناعات الموجودة، يجب أن يكون من الأهداف الأساسية للحكومة وضمن أي سياسة تنموية شاملة، لا سيما وأن لهذا القطاع وزناً نسبياً كبيراً بين القطاعات الاقتصادية إلى لا حدود التي يستحق معها ومن جميع أجهزة الدولة تضافر الجهود في تدعيم كل ما يؤدي إلى تحقيق وتعزيز استمرار التنمية الصناعية في البلاد.