مجد بو مجاهد
ساد الجدل في الأيام الأخيرة حول سرية مرسوم التجنيس – نسخة 2018 – .
قدم وزير العدل سليم جريصاتي المسوغ القانوني لتبرير السرية المذكورة، لكن وجهة نظره لم تقنع كثيرين.
في بيانه، اعتبر جريصاتي ان “صلاحية منح الجنسية اللبنانية محفوظة لرئيس الجمهورية بموجب مرسوم يشترك معه في توقيعه رئيس الحكومة والوزير المختص، اي وزير الداخلية والبلديات، عملا بالمادة 54 من الدستور، وهذا ما حصل، ويعتبر هذا المرسوم من المراسيم الاسمية التي لا تحتاج الى النشر في الجريدة الرسمية، لا حياء ولا خفرا ولا تورية، بل لانها تصبح نافذة اعتبارا من تاريخ صدورها ويمكن أي ذي مصلحة، او من تتوافر فيه الشروط في قانون الوصول الى المعلومات، الاطلاع عليها أو العمل بموجبها وتنفيذها، وهذا ما حصل ايضا اليوم في الوزارة المعنية لعدد من المشمولين بمرسوم التجنيس الحالي، كما تأسيس كامل النتائج القانونية عليها، بما فيها حق الطعن بها لدى القضاء المختص عند توافر شروطه في الشكل والاساس”.
وتقول مستشارة النائب سامي الجميّل القانوينة لارا سعاده لـ”النهار”، في هذا الصدد، إنه يحق للبنانيين “الاطلاع على المعلومات الواردة في المرسوم”، في رأي سعاده، خصوصاً أن “البعض له الصفة أو المصلحة في الطعن بالمرسوم، وتاليا لا بد من الحصول عليه تسييراً للعمل القضائي (الطعن)، والا يعتبر الحرمان من المرسوم إعاقة لمسار العدالة. وإذا كان القانون قد أعطى رئاسة الجمهورية وحدها صلاحية اصدار مراسيم التجنيس، فلا بد من التوجه الى الإدارة أو الجهة التي أصدرت المرسوم أو نص القانون او المعلومة التي نطلبها. وتعتبر رئاسة الجمهورية الجهة الصالحة إعطاء المرسوم، لا وزارة الداخلية التي من صلاحياتها تنفيذ المرسوم وليس إصداره”.
وفي السياق نفسه، يرى لـ”النهار” مرجع قانوني متضلّع (فضّل عدم ذكر اسمه)، أنه “ليس هناك ما يسمّى المرسوم السري، بل ان الطعن سيسري أمام مجلس شوى الدولة، وتنتفي عندها سرية المرسوم. ولا يعتبر مرسوم التجنيس الذي صدر سرياً في الأساس، ذلك أنه قد صدر أصلاً والاسماء باتت معروفة. ويتخذ مجلس الوزراء المصغّر مراسيم سرية لها علاقة بالأمن الوطني وقرارات السلم والحرب، وكلّ ما عدا ذلك لا يعتبر سريًّا”.
تؤكد سعاده مضي الجميّل في طلب الحصول على المرسوم من وزارة الداخلية، وإذا تعذّر الحصول عليه، عندها “نتوجّه الى مجلس شورى الدولة للطعن بالمرسوم، ونرفق كتاب رئاسة الجمهورية وكتاب الداخلية في طلب الطعن بعد رفضهما اعطائنا المرسوم، ما يلزمهما تالياً إبرازه في إطار الدعوة التي قدمت”.
وفي التفاصيل، أن الجميل كان قد تقدّم من المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية بطلب الاستحصال على نسخة من مرسوم التجنيس “ليبنى على الشيء مقتضاه”. وجاءه الرد أن “الجهة الصالحة للإطلاع على مضمون كتابكم وإعطائه المجرى القانوني إنما هي وزارة الداخلية، المعنية مباشرة بالمضمون المذكور”. ولفت الرد الى أن “المادة 4 من قانون رقم 28 تاريخ 20 شباط 2017، التي تتعلق بالمستندات الإدارية المتعلقة بمعلومات ذات الطابع الشخصي”.
وتلفت سعاده في هذا الإطار، الى أنه “يحقّ لكل مواطن لبناني الاطلاع على هوية من حصل على جنسية بلاده، خصوصاً إذا كان نائباً عن الأمّة ويمثّل اللبنانيين. وقد طلب الجميّل في هذا الإطار، الإطلاع على مرسوم بموجب الحق في الحصول على المعلومات، وليس على ملفات المجنسين الشخصية وتاريخ ولادتهم. وتنتفي في هذه الحالة ذريعة طلب المعلومات الشخصية، لأن الجميل لم يطلب ملفات شخصية أو طبية للمجنسين، بل طلب الإطلاع على المرسوم الذي صدر وله تبعاته على الساحة السياسية اللبنانية”.
كان لا بد من نشر مرسوم التجنيس في الجريدة الرسمية، تقول سعاده، ذلك أن “كلّ المراسيم نشرت في الجريدة الرسمية، ومنها مرسوم سنة 1994 الشهير. ولم ينشر مرسوم تجنيس سنة 2014، ولكن المحامي ابرهيم عواضه حصل عليه عندما طلبه، كونه لا يتضمن معلومات سرية عسكرية، وتم نشره في الجرائد.
وتشير سعاده الى أن منح الجنسية اللبنانية يترجم في ثلاث حالات: “الاقامة على الأراضي اللبنانية خمس سنوات متواصلة، إذ يتقدم الراغب بطلب الحصول على الجنسية ويؤكد أنه سيبقى في لبنان ويتمنى الحصول على جنسية. ويتقدم بطبها إذا كان متزوجاً من لمرأة لبنانية (الحالة الثانية). ويمكن حصوله عليها إذا قدّم خدمات للبنان، كالخدمات التعليمية مثلاً. وقد منح مرسوم تجنيس سنة 2014 الجنسية لعدد من الذين ساهموا في نشر المعرفة في لبنان”.
إذا كانت الأيام الأخيرة المنصرمة قد شهدت أخذاً ورداً غير مسبوقين حول مرسوم التجنيس، فإن ما اثير حول المرسوم الاخير من وجهة نظر جريصاتي لا يعدو كونه “حملات شنّت عليه من بعض السياسيين والاعلاميين عن عدم ادراك او لغايات معروفة تتعلق بالتصميم الرئاسي الحازم والمعلن عنه على مكافحة الآفات المتحكمة بالبلاد والعباد من جراء منظومة الفساد المحصّنة بمحميات يعرفها الشعب اللبناني جيدا، فنحن نقول بهذا الشأن لكل هؤلاء ان كعب أخيل العهد الرئاسي ليس المال الحرام وتجارة النفوذ وبيع الجنسيات والهويات والولاءات وتوزيع الهدايا السيادية، على ما يعرف القاصي والداني، وان هذه الحملة المغرضة، على غرار حملة “الحصة الرئاسية”، لن تجد طريقها الى نفاذ سمومها الى الجسد اللبناني في هذا التوقيت المريب، ونحن على عتبة تأليف حكومة جديدة تتولى مشروع انهاض الدولة على جميع الصعد وتحريرها والمواطن من سطوة الفساد المستشري”.
المصدر: النهار