منذ جلسة افتتاح دور انعقاده في 18 أكتوبر الماضي، تتجه الأنظار محلياً إلى المجلس النيابي الجديد، الذي برزت فيه وجوه جديدة تطمح إلى التغيير والسعي لإنقاذ الكويت من أزمته الاقتصادية والسياسية التي لم ينجح النواب القدامى في حلّها.
وبالتالي، ينتظر من النواب الجدد أن يضعوا نصب أعينهم أولويات عدة مرتبطة بالشأن الاقتصادي، وليس فقط المحافظة على شكل العلاقة القديمة التي ميزها التصدع بين مجالس الأمة السابقة والحكومات المقابلة.
وبعيداً عن مدى استحقاق الجدال النيابي الحكومي الدائر أخيراً حول رفض مجلس الأمة إقرار موازنة السنة المالية 2023/2022 من منطلق أنها تستند إلى برنامج عمل لحكومة سبق للمجلس رفضه، يبرز السؤال عن أولويات النواب… فإذا كانت الحكومة مطالبة بتقديم خطة عمل واضحة ومحددة زمنياً تستطيع من خلالها حلحلة جميع الملفات العالقة، والتي تؤخر التنمية والحياة العامة في الكويت، يمكن القول إن مجلس الأمة مطالب أيضاً بتقديم أولويات عمله للفترة المقبلة، والمقصود هنا أولوياته التشريعية.
ولعل ما يذكي هذا المطلب ويجعله أكثر استحقاقاً، التغيرات التي طرأت على تركيبة مجلس الأمة، ووجود تكتلات مختلفة من النواب تستدعي أن تعرض برامج عملها في الدورة الحالية أمام الحكومة والمواطنين، حتى لا يتحول المجلس الحالي إلى مجرد صورة كربونية للمجالس السابقة لجهة الاعتماد على ردات الفعل في الهجوم على الوزراء.
بالطبع هذا لا يعني الدعوة إلى تقييد اختصاصات النواب، ولا إلى حظر حقهم في مزاولة مهامهم، لكن مع استمرار التوترات المزمنة بين الحكومة والمجلس الذي تهيمن عليه المعارضة من دون وجود محتوى نيابي هادف للتغير، ومقنع لذلك، ستستمر حالة الجمود التي تعتري الحياة السياسية في البلاد منذ سنوات طويلة.
ولذلك من الضروري نيابياً إعادة بث الثقة في تصحيح المسار من قبل النواب ببرنامج عمل تشريعي يدفع باتجاه التحول إلى مرحلة التنمية، على أن يتضمن ذلك وضع أولويات تشريعية حقيقية تضمن تحقيق الاستدامة المالية للدولة، ورفع قدرتها على تحقيق التغيير اقتصادياً وصحياً وبشرياً وسياحياً، باختصار على كافة القطاعات التي تحتاج لإنقاذ سريع.
ولا يعد مجافاة للموضوعية القول إن على مجلس النواب الجديد أن يولي الأهمية لإقرار تشريعات تخرج الكويت من موقعها الاقتصادي المتأخر كثيراً، والعمل على البت في القوانين التي تشكل أولويات، على أن تمنح البرامج النيابية الأولوية للملفات المرتبطة بالشأن الاقتصادي، لأن المواطن لم تعد لديه قدرة على تحمل التحولات التي تحدث في المنطقة بقوة وهو لا يزال ثابتاً في موقعه المتراجع أساساً.
الخلاصة:
يجب أن تتضافر جهود النواب الحاليين في إخراج قوانين تدعم تعزيز الموازنة العامة بما يضمن زيادة مصادر الدخل العام، وعدم الاكتفاء بالنفط كمصدر وحيد للدخل، وبالطبع يجب أن يتفادى النواب التكسب سياسياً بمشاريع شعبوية تزيد من أوجه الهدر وتعاكس مستهدفات عمليات البناء في أي دولة.
وأخيراً وليس آخراً يتعين الالتفات باهتمام نيابي إضافي وعين رقابية أوسع إلى الحاجة لإقرار قانون الدين العام، وتسريع الخصخصة وزيادة شراكة القطع الخاص، وللضمانة يمكن تأطير هذه القوانين بضمانات تحقق العائد المرجو منها للدولة بدلاً من الرفض القطعي.
الرأي