حسب برﺗﺮﺍﻧﺪ ﺭﺍﺳﻞ، ﺍﻟﺒولشفية تُصنّف ﻣﻊ ﺍلإسلام ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻮﺫﻳﺔ!
ﻓﻲ مطالبات جماعات ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ بتعزيز “المشاركة الشعبية” في الحكم، سواء في الكويت، أو في غيرها من بلدان، وكذلك أثناء حراك “الربيع العربي”، ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ في ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ قدرة على ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺗﻬﺎ، ظلّت تلك المطالبات منقوصة وﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ إلتزام فقط “ﺑﺂﻟﻴﺎﺕ” ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ ﻓﻲ مساعي ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ فشل تجارب ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ.
فاﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﺃﺑﺮﺯﺕ ﺗﺠﺎﻫﻞ أﻧﺼﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍلديمقراﻃﻴﺔ، ﻭﻫﻮ “ﻗِﻴَﻤُﻬﺎ”، ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﻷﺟﻞ هذه ﺍﻟﻘِﻴَﻢ، ﺃﻭ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ جعلها ﺗﻌﻤﻞ ﻟﻘِﻴَﻢ أخرى ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﺗﺠﺎﻩ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، قِيَم ﻟﻬﺎ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻟﺪﺕ ﻭﺗﺸﻜّﻠﺖ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭﻫﺎ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ، ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ. فكانت النتيجة أنه لا ﺍﻵﻟﻴﺔ كانت ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻣﻜﻨﻮن حديث، ﻭﻻ ﺍﻟﻘِﻴَﻢ كانت ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻬﺎ.
ﻓﺎﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺁﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻘﻂ. أي لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﻬﺎ. ﻭﻟﻜﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻬﻀﻢ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ – أي ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘِﻴَﻢ – ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ ﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺗﺴﺘﻬﺪﻑ ﻏﺮﺑﻠﺔ “ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ” ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ، ﻟﻜﻲ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺺ نحو ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ، ﺃﻱ نحو ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻨﻘﺪ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ، ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻤﻨﺘﺞ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺍﻟﺸﺮﻃﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ، ﺃﻱ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺣﺮﻳﺔ الفرد بما في ذلك حرية الرأي والتعبير ﻭكذلك ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.
ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻜﻲ يلتحقوا بالديمقراﻃﻴﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ، ﺃﻱ طرح التساؤل التالي: ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻮﺍﻃﻦ حر ﺃﻡ ﻋﺒﺪ؟
ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺁﻟﻴﺔ ﻭﻗِﻴَﻤﺎً، ﺃﻥ ﺗﺒﻨﻲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺇﻻّ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮ، ﺃﻱ باﻟﻤﻮﺍﻃﻦ، ﻻ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺒﺪﺍ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ خلط ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺧﻀﻮﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﻇﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ، ﻭﻣﻨﻬﺎ المسائل ﺍﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺼﺢ ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ، ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗّﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺮﻭﺯ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﺣﺮ، ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، ﻣﻄﻴﻊ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺍﻃﻨﺎ ﺑﻞ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺭﺍﻉٍ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻊ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﺁﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻻ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ.
ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ/ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻌﻪ، ﻛﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﺼﺎﺩﻡ ﻣﻊ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ، ﺭﺍﻓﻀﺎ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ، ﻭﺇﻻّ ﺃﺻﺒﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺔ وتشريعاتها السماوية. ﻓﺎﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ، ﺑﺂﻟﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻷﻓﺮﺍﺩ “ﺍﻷﻣﺔ” ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ، ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﻬﺎ، ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﺻﺮﻳﺢ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ/ﺍﻟﻔﺮﺩ.
ﺇﻥّ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺭﻓﺾ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ/ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﻳﻬﻴﺊ له ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ﻭﻻ ﺑﺪ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺟﻌﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ أن يمهد ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻜﻲ ﻳُﻄَﻠِّﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻭﻳﺒﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ ﺃﺩﺑﻴﺎﺗﻪ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ غير متوافقة ﻣﻊ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﻭﻻ ﻣﻊ ﺁﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻓﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻌﺪّﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ والفكري.
ﻓﺎﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ قادرة على هضم ﻣﻔﻬﻮﻡ “ﺍﻷﻣﺔ” ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺷﺒﻪ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻣﻌﺰﻭﻟﺔ، ﻫﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ “ﺍﻷﻣﺔ”، ﻣﻊ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ. ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺘﺼﺎﺩﻡ ﻣﻊ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ/ﺍﻟﻔﺮﺩ. أما ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ فهي في جانبها القيمي ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﻝ، ﺃﻱ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻤﻨﻊ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻦ ﺇﺑﺪﺍﺀ أهدافه وﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ومشاعره ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﺑﺬﺭﻳﻌﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺛﻘﺎﻓﺔ “ﺍﻷﻣﺔ”، ﺗﺮﻓﺾ ﺫﻟﻚ. ﻓﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻳﻨﻌﻜﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﻳﺘﺠﻠّﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪيمقراﻃﻴﺔ، ﻭﺃﻱ ﻣﺴﻌﻰ ﻟﻮﺃﺩﻫﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ مما ﻳﻨﺎﻫﺾ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ.
ﻭﺣﻴﻦ ﻳﺼﻒ قياديو ﺍلإسلام ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺮﺓ لمطالب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ﺑـ”ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ”، لا بد لهذه ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭمنعكسة على أرض الواقع ومعبّرة ﻋﻦ ﺣﺪﺍﺛﺔ كلمة “الأحرار” في علاقتها بمفهوم ﺍﻟﺪيمقرﺍطية، لا أن تكون مجرد ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ بمعناها ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ومن ثم استغلالها في هذا المسعى الضيق. ﻓﺎﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺤﺮ، ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭﻩ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ/اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﻄﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺨّﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﺳﻤﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ هو ﺳﻤﺔ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗَﺴﺘﺨﺪﻡ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪيمقرﺍﻃﻴﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ.
وحينما يشير ﺑﺮﺗﺮﺍﻧﺪ ﺭﺍﺳﻞ إلى أن ﺍﻟﺒولشفية تصنّف ﻣﻊ ﺍلإسلام ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻮﺫﻳﺔ “لأن هاتين ﺍﻷﺧﻴﺮتين ﺩﻳﺎﻧﺘﺎﻥ ﺷﺨﺼﻴﺘﺎﻥ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ، ﺗﺤﻤﻼﻥ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﺻﻮﻓﻴﺔ ﻭﺣﺒّﺎً ﻟﻠﺘﺄﻣّﻞ. ﺃﻣّﺎ ﺍلإسلام ﻭﺍﻟﺒولشفية، ﻓﻬﻤﺎ ﻋﻤﻠﻴّﺘﺎﻥ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺘﺎﻥ، ﻭﻣﻬﻤﻮﻣﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ”، فقد ﻳَﺼﺪُﻕ هذا الكلام ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، لكن هو ﻟﻴﺲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ، ﺑﻞ ﺍﻷﻗﻮﻯ ﻭﺍﻷﺷﻤﻞ.
*كاتتب كويتي