إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
يُعرف عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لديه جذوراً إخوانية. لكن على عكس ما يعتقد الكثيرون فإن حزب “العدالة والتنمية” ليس إخوانيا وإنما هو أقرب إلى الحزب الوطني- الديني. أما الحزب الذي قد يمثّل توجه الإخوان المسلمين في تركيا أو هو قريب من هذا التوجه فهو حزب “سعادت”، الذي لديه اختلافات مع أردوغان ومع حزب “العدالة والتنمية” منذ سنوات عديدة. وفي الانتخابات المقررة غدا (الأحد) فهو لديه حضور قوي في التحالف المنافس للائتلاف الحاكم.
وفي حين يتابع تيار الإسلام السياسي في المنطقة، ومن ضمنهم “الإخوان المسلمين”، الانتخابات التركية بحساسية كبيرة ويشعر بقلق من إمكانية خسارة أردوغان وحزبه، فإن ثلاثة أطراف من التحالف السداسي المعارض لأردوغان تتكون من أحزاب إسلامية. وكانت هذه الأطراف متحالفة مع أردوغان بالأمس، لكنها اجتمعت ضده اليوم في تحالف مع العلمانيين، حيث تشكّل العلمانية الجسد الاجتماعي لهذا التحالف.
فبالإضافة إلى حزب “سعادت” الإسلامي، فإن حزب “المستقبل” بقيادة أحمد داود أوغلو و”الديمقراطية والتقدم” (إسلامي ليبرالي) بقيادة علي باباجان، الذي انفصل بسبب خلافات مع أردوغان حول أسلوب إدارته، تمثل المثلث الإسلامي في التحالف المعارض.
هذه الأحزاب الثلاثة وقادتها، وأردوغان نفسه”، في الأساس كانوا يتبعون عرّاب الإسلام السياسي في تركيا “نجم الدين أربكان”، الذي أصبح رئيسا للوزراء لمدة عام واحد في تسعينيات القرن الماضي، لكنه اضطر للتنحي نتيجة احتجاجات المعارضة العلمانية والمؤسسة العسكرية.
وبعد فشل تجربة أربكان، وحل حزب “الرفاه”، ثم حزب “الفضيلة”، برز حزبان من قلب ذلك: الأول هو حزب “سعادت” عام 2001، الذي يعتبر نفسه وريث مدرسة أربكان، والثاني هو حزب “العدالة والتنمية” عام 2002 بقيادة أردوغان.
جاء تأسيس “العدالة والتنمية” نتيجة لتنظير جديد من قبل بعض الإصلاحيين والبراغماتيين أمثال أردوغان وأحمد داوود أوغلو وعلي باباجان، الذين عارضوا النهج السياسي لأربكان بعد دخوله في مواجهة علنية مع العلمانية التي تشكّل أساس الجمهورية في تركيا. فركّزوا على التنمية الاقتصادية كبوابة للدخول إلى عالم السياسة من أجل تثبيت أقدام الإسلاميين فيها. ومنذ البداية، اتّبع الطرفان اللذان انبثقا عن مدرسة أربكان طريقين مختلفين ودخلا في خلافات.
جدير بالذكر أن حزب “سعادت”، على الرغم من كونه يمثّل امتدادا فكريا لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا، له نظرة بنيوية للقضايا الإقليمية تختلفغ عن نظرة أحزاب الإخوان المسلمين الأخرى في المنطقة، خاصة تجاه الثورات والحراكات العربية. فعلى سبيل المثال وقف الحزب إلى جانب النظام السوري خلال الأزمة السورية، وتوجه زعيم الحزب مصطفى كمالاك إلى دمشق عام 2012 والتقى بشار الأسد. كما أن للحزب علاقات وثيقة مع إيران.
الخلافات بين “سعادت” و”العدالة والتنمية” اشتدت مع مرور الوقت، ولم يتمكن اللقاء بين زعيم الحزب وأردوغان، قبل عامين من إنهائه. واليوم، يُعتبر “سعادت” أبرز حزب إسلامي معارض لأردوغان في تحالف المعارضة.
إن الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الإسلامية الثلاثة، مع الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي حصدها حزب “سعادت” لوحده في الانتخابات السابقة، تمثل حوالي 5٪ من مجمل الأصوات. وهو بالطبع ليس عددا ضئيلا وسيكون مهما في تحديد مصير الانتخابات. لكن أهمية وجودهم في التحالف المعارض، وخاصة حزب “سعادت”، ترجع إلى حقيقة أن المعارضين العلمانيين يعتمدون بشدة على هذا الوجود لكسب أصوات المحافظين والمتدينين، الذين يشكلون حوالي 40٪ من المقترعين، والذين هم القاعدة الرئيسية لحزب “العدالة والتنمية”.
وفي هذا الصدد، يجب الإشارة إلى التصريحات المثيرة للاهتمام لزعيم حزب “الجيد” الموجود في تحالف المعارضة، ميرال أكشينار، والتي تهدف إلى الحصول على أصوات المتدينين. فقد قالت مؤخرا أنها ذهبت إلى الحج وتؤدي فرائض الصلاة الخمس يوميا!