انفجار أزمة اللاجئين أشعر الأوروبيين بضرورة إيجاد حل سريع
واشنطن-
علمت «الراي» من مصادر أوروبية رفيعة في العاصمة الأميركية أن «تصريحات (وزير خارجية النمسا سباستيان) كيرتس حول ضرورة التحالف مع (الرئيس السوري بشار) الأسد، على الرغم من الجرائم التي ارتكبها نظامه، لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لم يأت من قبيل المصادفة، بل هو نتيجة مشاورات تجري منذ فترة بين موسكو وعواصم أوروبية متعددة تتقدمها برلين».
وأضافت أنه «إلى جانب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يعتبر نظيره الألماني فرانك شتاينماير من أبرز مؤيدي فكرة إعادة تأهيل الأسد والتحالف معه في الحرب ضد (داعش)».
وتتابع المصادر أن «عواصم أوروبية كثيرة تتبنّى هذا التصور الروسي – الألماني، لكن معظم هذه العواصم – باستثناء موسكو – تذكر موقفها هذا خلف الأبواب الموصدة فقط».
وتعتقد المصادر أن «انفجار أزمة اللاجئين السوريين الذين يغزون شواطئ أوروبا ومحطات قطاراتها» دفع الحكومات الأوروبية إلى الشعور بأن حلاً مطلوب في سورية على وجه السرعة، وأن «الحل الأمثل والأسرع لإعادة الاستقرار السوري يتمثّل بإبقاء الأسد في الحكم وإعادة تأهيله حتى تتسنّى له السيطرة على الأراضي التي خسرها» لمصلحة المعارضة السورية المسلحة منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011.
وتشير المصادر إلى أن الوزير النمسوي تلقّى اتصالات «ذات نبرة حادة» من نظرائه الأميركي والفرنسي والبريطاني، فتراجع كيرتز وحاول نفي ما سبق أن أدلى به.
وتفيد المصادر بأن «روسيا تعمل منذ فترة على تسويق بناء تحالف إقليمي دولي لمحاربة الارهاب في سورية، يكون الأسد جزءاً رئيسياً فيه. لهذا السبب، دبّرت زيارة مسؤول الأمن في نظام الأسد علي مملوك إلى السعودية، حتى يَعدَ الاخير السعوديين بان نظامه مستعد للتخلي عن التحالف مع ايران، وأن يطلب منها سحب الميليشيات الموالية لها من الارض السورية كجزء من خطة كاملة لحصر السلطة بيد النظام السوري وجيشه، حتى يتسنّى له القضاء على التنظيمات الارهابية مثل (داعش). لكن يبدو ان مملوك لم يلتزم ما قالته روسيا للسعودية لناحية الانفصال عن إيران وإجبارها على سحب قواتها من سورية، فلم تثمر زيارته».
على أن فشل زيارة مملوك جدة لم تثن الروس عن الاستمرار في عملية تقليص اعتماد الأسد على ايران وميليشياتها، في خطوة اولى لفك ارتباط الرئيس السوري وقواته بصراعات المنطقة وإدخاله في التحالف الدولي ضد الإرهاب. لهذا السبب، شنّت روسيا حملة لإعادة بناء قدرات الجيش السوري، فأرسلت عتاداً وذخيرة وأسلحة ومستشارين روساً.
ويقول الاوروبيون إن موسكو تأمل أنه، مع استعادة الأسد قواه وانفصاله عن ايران، ستصبح عملية إدخاله في تحالف دولي ضد الإرهاب أسهل، ويمكن حينها للتحالف عزل من يرفض الدخول فيه من دول الإقليم.
لكن المسؤولين في واشنطن سبق أن كرروا أن مفاتيح الحل في سورية هي بيد الإيرانيين، لا الأسد الذي اصبح لاعباً ثانوياً. هكذا، في وقت لا يفوّت أوباما فرصة من دون ان يدعو فيها الدول المعنية بالملف السوري الى الدخول في حوار بمشاركة ايران للاتفاق معها على تسوية، يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى جعل مفاتيح التسوية بيد الأسد، بحيث يكون مستقلاً عن إيران ومرتبطاً بروسيا، أي ان بوتين يرى ان تعزيز قوة الأسد وربطه بموسكو يجعل مفاتيح الحل في أيد روسية بدلاً من إيرانية.
تطور غريب في الأحداث، لا شك أن سببه الاتفاقية النووية، التي تدفع أميركا وإيران إلى ناحية، وروسيا والأسد الى ناحية مقابلة. أما أوروبا، فمنقسمة كعادتها على نفسها، بريطانيا وفرنسا مع أميركا وإيران، فيما ألمانيا ودول أخرى أقل وزناً، مثل النمسا، مع روسيا. أما في العلن، فالاصطفاف يبدو مختلفاً، وتقف فيه أميركا وأوروبا في ناحية، وروسيا وإيران والأسد في ناحية مقابلة، لكن ما في السرّ صار يظهر إلى العلن رويداً رويداً، وكل يوم يقترب فيه العالم من إبرام الاتفاقية النووية مع إيران، ومن تطبيع العلاقة بين واشنطن وطهران، يقترب أيضاً من اصطفافات دولية وإقليمية ومحلية جديدة.
من جهة ثانية، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين أن روسيا أرسلت سفينتي إنزال بري وطائرات إضافية إلى سورية قبل أيام قليلة، وأرسلت عدداً صغيراً من قوات مشاة البحرية في أحدث المؤشرات على حشد عسكري جعل واشنطن تقف في حالة تأهب.
وقال المسؤولان إن قصد روسيا من التحركات العسكرية في سورية ما زال غير واضح، وأضاف أحدهما أن المؤشرات الأولية تفيد بأن تركيز التحركات هو إعداد مطار قريب من مدينة اللاذقية.
ونقلت الوكالة نفسها عن ثلاثة مصادر لبنانية مطلعة على التطورات السياسية والعسكرية في سورية أن قوات روسية شاركت في عمليات عسكرية في سورية، وإنما بأعداد صغيرة حتى الآن.
“الرأي“