إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
أعطت محاولة الاغتيال التي تعرض لها دونالد ترامب في ولاية بنسلفانيا زخماً جديداً لحملته الانتخابية التي يواجه فيها الرئيس جو بايدن. كانت محاولة الاغتيال هزيمة أخرى لجو بايدن الذي يرفض استيعاب أنّه صار جزءاً من الماضي الأميركي. انتصر ترامب بالصورة، التي ستدخل التاريخ، والتي ظهر فيها الدم على وجهه رافعاً قبضته متحدّياً… مباشرة بعد إطلاق النار في اتجاهه وإصابته في أذنه اليمنى.
في المقابل، نجد تآكلاً لوضع جو بايدن الذي يعتبر نفسه الشخص الوحيد القادر على هزيمة ترامب. يتكشف يومياً أن الرئيس الأميركي غير مؤهل لخوض الانتخابات الرئاسية بغية الحصول على ولاية ثانية. أراد بايدن، قبل نحو أسبوع، تصحيح الصورة السيئة التي خرج بها بعد المناظرة الرئاسية مع ترامب. فشل في ذلك فشلاً ذريعاً. كان المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام القمة التي عقدها حلف شمال الأطلسي (ناتو) فرصة ليؤكّد بايدن للأميركيين وللعالم أنّه لا يمتلك المؤهلات التي تسمح له بأن يكون منافساً جدّياً للمرشّح الجمهوري.
ارتكب الرئيس الأميركي هفوتين، على الأقل. سمّى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان حاضراً في واشنطن، “الرئيس بوتين”. وسمّى نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس “دونالد ترامب”. بكلّ بساطة، يعاني بايدن بسبب تقدمه بالعمر (81) من أمراض الشيخوخة، بما في ذلك غياب القدرة على التركيز وفقدان بعض الذاكرة. يرفض الرئيس الأميركي الخضوع للواقع والتعاطي معه بجرأة. من الواضح أنّ زوجته، جيل بايدن، لا تزال متمسكة ببقائه في البيت الأبيض رافضة أخذ العلم بأنّه لم يعد صالحاً لا لخوض مواجهة مع ترامب ولا للبقاء في موقع الرئيس الأميركي. ترفض زوجة بايدن الاقتناع بأن لا متبرعين بعد الآن للحملة الانتخابيّة لجو بايدن. ليس هناك من هو مستعد للرهان على مرشح خاسر سلفاً وتبديد أمواله من دون عائد يذكر. هذه سنّة الحياة في عالم اسمه الولايات المتحدة حيث المال في غاية الأهمّية للفوز في أي انتخابات رئاسيّة.
في كلّ الأحوال، ستحاول الجهات النافذة داخل الحزب الديموقراطي إيجاد بديل من بايدن. لكنّ على هذه الأوساط إقناع الرئيس الأميركي نفسه بأن عليه البحث عن بديل في حال كان يريد إنهاء حياته السياسية بطريقة لائقة. من الآن، يمكن القول إن كامالا هاريس بين أبرز المرشحين لتكون مرشحة الحزب الديموقراطي. الأكيد أن هاريس غير مؤهلة، بدورها، لهزيمة ترامب… لكن زعماء الحزب الديموقراطي الذين يعانون من حالة من الذعر في سباق مع الوقت. هؤلاء، بينهم الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، يبحثون عن بصيص أمل يمكنهم من هزيمة ترامب الذي يتصرّف منذ الآن بأنّه سيقيم مجدداً في البيت الأبيض ابتداء من مطلع الشهر الأوّل من السنة 2025.
أي ترامب سيكون في البيت الأبيض؟ هل هو ترامب نفسه بحسناته وسيئاته… أم هناك ترامب جديد؟ الواضح أن ترامب سيكون مستعداً لعقد صفقة مع فلاديمير بوتين كما سيكون متساهلاً إلى حد كبير مع العدوانيّة الإسرائيلية في غزة ومع بنيامين نتنياهو الذي يراهن على استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني، وهي حرب تسببت بها “حماس” التي شنت هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من دون مشروع سياسي واضح ومن دون التفكير بما سيكون عليه الوضع في اليوم التالي للهجوم.
ببايدن، فاقد بعض الذاكرة، وبترامب الذي يصعب التكهن بتصرفاته، سيكون العالم في وضع في غاية الخطورة. يظل أخطر ما في الأمر أن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في فقدان الزعامات السياسية. المرض الذي تعاني منه أميركا ينعكس على العالم كله وعلى أوروبا تحديداً التي سيكون عليها مواجهة فلاديمير بوتين، المدعوم من الصين، في أوكرانيا. ليس في استطاعة أوروبا مواجهة الحلف الروسي – الصيني من دون دعم أميركي واضح. في النهاية لا يمكن تجاهل أنّ من هزم هتلر وأنقذ أوروبا من النازية كان الولايات المتحدة التي ساهمت مساهة حاسمة في المعركة الأخيرة (إنزال النورماندي) التي قضت على جيش هتلر وسمحت لاحقاً بدخول برلين وحمل ألمانيا النازيّة على الاستسلام.
سيدخل العالم مرحلة جديدة في العهد الثاني لدونالد ترامب في البيت الأبيض. لا بدّ من معجزة كي ينتصر المرشح الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. المشكلة أنّ زمن المعجزات انتهى وليس ما يشير إلى وجود أي أمل بإنقاذ ما يمكن إنقاذه ما دام بايدن يصر على الترشح… وعلى الخروج مهزوماً أمام دونالد ترامب الذي عرف حتّى، عن طريق الصورة الملتقطة له، كيف يخرج منتصراً ومتحدياً من محاولة الاغتيال!
المصدر: النهار العربي