ظهر إلى العلن دخول “حزب الله” بشكل جدّي وعلني على خط الأزمة السورية. ويتجلّى هذا التدخل بشكل فاضح بعد كل قتيل يسقط منه في الداخل السوري والذي كان أخره القتلى والجرحى الذين سقطوا مؤخراً في بلدة “القصير” السورية. ومن خلال تدخله هذا، يكون “حزب الله” قد أقحم نفسه ومعه الطائفة الشيعية في نزاعات مع محيطها العربي المؤلّف من أكثرية سنية مناهضة للنظام السوري وتحديداً لرئيسه بشار الأسد.
واليوم يبدو إن الواقع الشيعي في لبنان ذاهب إلى مزيد من التأزم مع محيطه العربي في ظل أصرار “حزب الله” على أخذ هذه الطائفة إلى أمكنة لا تليق بها. خصوصاً أنها تميّزت بالعديد من بإعتدال أبنائها من سياسيين ورجال دين أمثال السيد موسى الصدر والراحلين السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين اللذين كانا من دعاة التمسّك بلبنان وطنا نهائيا لجميع أبنائه وتحديداً الشيعة منهم، على عكس الحزب الذي هيمن على القرار الشيعي وجعل من طائفة بأمها وأبيها متراساً في وجه أبناء الوطن الواحد دفاعاً عن المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة.
البلد يغلي تحت حماوة نار الفتنة المذهبية المؤهلة أصلاً لمد شرارتها إلى لبنان والتي بدأت تطل برأسها من الحدود الشمالية. ولذلك فأن كل سياسي مسؤول عن إبعاد شبح الفتنة هذه عن بلد تناسى معظم أبنائه أن لا حل إلا بالعيش المشترك ولا إمكانية لتسلّط فئة على اخرى مهما كبر حجمها أو سلاحها. ومن هنا وإنطلاقاً من شعوره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، كانت الدعوة التي وجهها الرئيس سعد الحريري إلى الطائفة الشيعية ملاقاته في منتصف الطريق من أجل تصحيح الخلل القائم في البلد وإعادة رسم خارطته بشكل يخضع فيه الجميع لسلطة الدولة والقانون لا لسلطة السلاح المتفشّي في كل المناطق.
لكن، ومنذ ذلك اليوم، لم يخرج عن دائرة الهيمنة على القرار الشيعي أي جواب يمكن يُلاقي تلك اليد الممدودة لإنقاذ ما تبقّى من هيبة الدولة ومؤسساتها الرسمية إلا ما نذر من أقلية حرّة وجدت في خطاب الحريري بارقة أمل من شأنها ان تضع لبنان على السكّة الصحيحة.
“حزب الله” وحركة “أمل” صناعة المخاوف والأزمات
من هؤلاء الاحرار المرجع الشيعي السيد علي الامين الذي وصف الحريري، في حديث لـ”الشفاف”، برجل الإعتدال والحريص على العيش المشترك بين الطوائف اللبنانية. فهو أراد أن يبعد شبح الفتنة السنة-الشيعية التي تلوح في المنطقة، باحثاً عن اليد الأخرى التي تلاقيه للعمل على تجنيب البلاد أخطارها، لأن نهج الحريري هو امتداد لنهج والده الشهيد رفيق الحريري الذي رسّخ برؤيته وسياسته الحكيمة نهج الإعتدال والوحدة الوطنية التي أخرجت لبنان من حروب الطوائف من خلال دوره في اتفاق الطائف”، ويلفت إلى “أننا في وطن لا يمكن أن يكتب له الإستمرار والإستقرار إلاّ من خلال تلاقي أيادي أبنائه وقياداته المعتدلة على التوافق والتلاقي إنطلاقاً من مرجعية دولة المؤسسات والقانون، ونأمل أن تلقى دعوة الرئيس الحريري الصدى الإيجابي لدى الأطراف المعنيين الذين يقولون بأننا لا نريد للفتنة أن تقترب من لبنان”.
الأمين يرى أن الواقع الذي صنعته الواجهة السياسية في الطائفة الشيعية المتمثلة بقيادة الثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” هو واقع جدير بصناعة المخاوف والأزمات من خلال الهيمنة على الدولة، ومنطق الإستقواء بالسلاح الذي استخدموه في الداخل، واستمرارهم برفض الحوار الجاد حول انتظام هذا السلاح في مشروع الدولة. وهذا سوف يؤدي إلى ولادة أسلحة أخرى خارجة عن الدولة تزيد من ضعف الدولة وتزرع المخاوف من اندلاع صراعات داخلية تأخذ العناوين الطائفية إنطلاقاً من هذا الواقع الموجود الذي يحمل الصفة المذهبية خصوصاً إذا نظرنا إلى الإحتقانات الحاصلة بسبب الأزمة السورية وأحداثها الدموية”.
أما الإستقواء بالسلاح، فهو بنظر الأمين مصدرالهيمنة على الدولة برمّتها خصوصاً وأن أصحابه قد فرضوا آراءهم على سياسة الدولة الخارجية والدفاعية والداخلية. ولم تستطع الدولة أن تبسط سلطتها الكاملة على الأراضي اللبنانية خصوصاً في المناطق التي يهيمن عليها الثنائي الشيعي. وكلنا يذكر كيف أن الدولة لم تستطع نقل منوظف عسكري من المطار قبل اندلاع أحداث السابع من أيار2008، ويعتبر أنه “إذا كانت الهيمنة على الدولة حاصلة فمن الطبيعي أن يكون القرار داخل الطائفة الشيعية واقعاً تحت هذه الهيمنة، بل تكون هي الأشد عليه. وهذا ما يفسّر حالة الرفض للرأي الآخر والقمع له، خصوصاً داخل الطائفة الشيعية، كما جرى معنا في مدينة صور عندما قامت جماعة مسلحة منهم باحتلال دار الإفتاء الجعفري وما زالوا فيها حتى اليوم”.
كما لا ينفي الأمين أن للثنائي الشيعي تمثيلا كبيرا داخل الطائفة الشيعية في لبنان، ولكنها ليست الشريحة التي يمكنها أن تلغي الشرائح الأخرى داخل الطائفة نفسها أو حتى خارجها. والدليل أن نسبة المشاركة في الإنتخابات النيابية السابقة قد بلغت الاربعين بالمئة تقريباً في مناطق هيمنة الثنائي الشيعي. وهذا يعني وجود شريحة كبرى تخالف في الرأي قوى الأمر الواقع. ويضيف “من الطبيعي ان نجد جمهوراً كبيراً مؤيداً للثنائي الشيعي المنظم والمدعوم من دول إقليمية جعلته قادراً على صنع دويلة لها إعلامها الخاص ومؤسسات التربوية والإجتماعية والدينية الخاصة، يضاف إلى ذلك ما يحصل عليه من الدولة اللبنانية التي يمتلك فيها المواقع والمناصب وكل أسباب الخدمات التي تحتاجها الطائفة الشيعية من خلال إعطائه الوكالة الحصرية عنها بسبب منطق المحاصصة الذي اعتمد فيما سمي حكومات الشراكة والوحدة الوطنية والتي حصرت التمثيل بالثنائي في كل مواقع السلطة”.
أما لجهة الإحتقان المذهبي الحاصل في وطن بات قاب قوسين أو أدنى من تقسيمه إلى دويلات في حال لم يتم تدارك الأخطار التي تهب عليه من كل حدف وصوب، يشرح الأمين الأتي: إن السياسة التي اعتمدها “حزب الله” بعد تحرير الجنوب وتحوله بشكل كامل إلى الداخل اللبناني مروراً بحرب تموز وتداعياتها وأحداث السابع من أيار مدعوماً في كل ذلك من حلفائه في الداخل اللبناني وصولاً إلى وقوفه إلى جانب النظام السوري وتأييده المطلق له، هذه السياسة ساهمت في الإحتقان الطائفي الذي نشهده اليوم في لبنان والمنطقة وجعلت من الطائفة الشيعية مسؤولة عن هذه السياسة بنظر غيرها وهذا ما أضرّ بسمعة الطائفة ومكانتها وبمصالح الكثير من أبنائها وأساء إلى علاقتها مع محيطها العربي ومع شركائها في الوطن من الطوائف الأخرى”، ويدعو إلى ضرورة تغيير هذه السياسة خصوصاً فيما يعود إلى التدخل في الأحداث السورية، لأن ساحة جهادنا هي الدفاع عن وطننا من هجمات الأعداء وليست في القتال على ساحة الأهل والأشقاء، ومن يقتل في تلك الأحداث فقد قتل في الموقع الخطأ”.
وبرأي الأمين إن الواجب علينا كلبنانيين أن نبذل الجهود في الإصلاح بين إخواننا السوريين ووقف سفك الدماء بينهم ما استطعنا، وأن ننصرف إلى العمل على بناء دولة المؤسسات والقانون في بلدنا والحفاظ على عيشنا المشترك ووحدتنا الوطنية وبهذا نجنب شعبنا وأهلنا الإنجرار إلى الفتن التي يراد لها أن تنتقل إلى لبنان والمنطقة كلها، ونكون قد ابتعدنا أيضاً عن سياسة الإرتباط بالمحاور الخارجية من إيران وغيرها”.
وفي الختام يتطرق الأمين إلى الشعارات الإصلاحية المزيّفة والتي تتبدل عند أصحابها مع بلوغهم السلطة، فيؤكد أن “انغماس “حزب الله” في مشاريع السلطة والحكم جعله كغيره من أحزاب أخرى كانت تغرق جمهورها قبل الوصول إلى السلطة بوعود الإصلاح والعدالة وإزالة الحرمان! ولكنهم بعد الوصول إليها تجرهم السلطة إلى طلب المزيد من نعيمها ومغرياتها فيقع أصحابها في الفساد وظلم العباد خصوصاً في أجواء غياب رقابة الدولة ورقابة الأحزاب الأحادية التي تتبدل أولوياتها واهتماماتها من العام إلى الخاص بعد الوصول إلى السلطة”.
الأمين لـ”الشفاف”: “حزب الله” حمّل الشيعة مسؤولية سياستهالعالم كله شاهد سقوط صنم هبل في الرقة انها لحظة تاريخية ونفسية ولكن هبل سقط بيد الشباب الثورة الثائر وليس بيد دبابة امريكية كما في هبل العراق. نعم الشباب الذي يريد الحرية وتطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وهذا هوسقوط الخوف النفسي الذي كان يسيطر لاكثر من 49 عاما عجافا من الديكتاتور الارهابي حافط الاسد المقبور وابنه بشار الاسد السفاح ونظامهم الارهابي الذين اذلوا وفقروا الشعب السوري ودمروه وحولوه الى مزرعة لاسرتهم وعصابتهم وورطوا قسم من الطائفة العلوية بدماء الابرياء وجعلوا سوريا مستعمرة اي محافظة للنظام الايراني الصفوي الفارسي الحاقد على الانسانية الذي يستخدم… قراءة المزيد ..