أوضح سفير فرنسا في لبنان دوني بييتون أنّه لم يصف زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الرّاعي لفرنسا “بالناجحة” لدى تصريحه بعد لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي ، إنّما وصفها بالزيارة “المهمة” لكونها من العادات البروتوكوليّة المعروفة أن يقدم بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الماروني بعد إنتخابه على زيارة تشمل روما ومن ثم فرنسا، مشدّدا على أهميّة الزّيارة الرسمية التي تأتي بعد مرور 25 سنة من تسلّم البطريرك السّابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
بييتون، وفي حديث إلى موقع “الكلمة أون لاين”، أكّد أنّه سيزور الراعي قريبا بطلب من الحكومة الفرنسيّة بعدما خاب أملها من تصريحاته الأخيرة على أراضيها، وذلك لاستيضاح حقيقة مواقفه، وقال:”الزيارة مفيدة لفرنسا إذ سنحت للقاء البطريرك الرّاعي ومناقشته في مواضيع عدة، تختصر بثلاث نقاط رئيسيّة وهي: وجود اليونيفيل في الجنوب على الحدود اللّبنانيّة مع اسرائيل ،المحكمة الدّوليّة الخاصة بلبنان، والوضع في المنطقة خصوصا في سوريا”، مستدركا أنّ الأحداث الحاصلة في سوريا لا تطاق، والنّظام السّوريّ وصل إلى طريق مسدود جرّاء قمع المعارضة بشراسة.
وأشار إلى أن الإدارة الفرنسية وضعت البطريرك في موقفها من أمور ثلاثة، جاءت بمثابة رسائل إلى الدولة اللبنانية:
* التأكيد على دور اليونيفيل في الجنوب، وضرورة حصر السلاح في تلك المنطقة بالدولة اللبنانية الشرعية، ومن ثم ضرورة تأمين حماية حركة قوات الطوارئ خارج منطقة عملها، لا سيما بعد تكرار عمليات الإعتداء عليها.
* تمسك فرنسا بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ودعم عملها.
* الوضع في المنطقة ولا سيما في سوريا، التي تشهد أحداثا دامية اذ لم يعد يطاق النظر إلى اشتداد عمليات القمع الشرسة من قبل النظام السوري للمعارضة.
وكشف بييتون أن ” البطريرك الراعي أظهر قلقه على مستقبل المسيحيين في حال سقوط النظام السوريّ، على اعتباره أنه يؤمن الإطمئنان والحماية للمسيحيين، خصوصا بعد المستجدات الواسعة التي شملت كلّ من مصر والعراق حيث دفع المسيحيون ثمن نتيجة الحرب وغياب الدولة ، فيما نحن نعتبر أن تطبيق الديموقراطية وفتح الباب أمام التعددية هو الذي يحفظ حقوق جميع المواطنين ومنهم المسيحيين”.
خيبـــة
وإذ قال السفير بييتون بأنّ زيارة البطريرك الرّاعي لفرنسا هي زيارة دولة التقى خلالها رئيس الجمهوريّة نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء فرنسوا فيون وعدد من الشّخصيّات الأساسيّة في الجمهوريّة الفرنسيّة واطلع منهم على الموقف الفرنسي الرسمي وحمله المسؤولون الفرنسيون رسائل حول نظرة فرنسا، فإن ما قاله البطريرك بعدها شكل لنا دهشة وخيبة أمل كونه لم يعكس في تصريحه حقيقة موقف السّلطات الفرنسيّة بغضّ النّظر عن نظرة البطريرك الخاصة للأمور وطريقة تفكيره التي هي من حقّه.
وأضاف: ” كلّ السّجال الذي نتج عن تصريحات البطريرك أوجد توقّعات غير مرضية عند اللّبنانيين خصوصا وأنّ البطريركيّة عندهم لها سلطة معنوّية فضلا عن السياسيّة والدينيّة”.
المحكمة
وردا على سؤال عما إذا كان عدم لقاء الرئيس ساركوزي لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يرتبط بموقف الحكومة اللبنانية من المحكمة الدّوليّة وقرار دعمها وتمويلها، أشار بييتون إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لطالما كان ثابتا في موضوع تمويل المحكمة الدّوليّة، وأن فرنسا تنتظر منه الوفاء بوعده بشأن مواصلة المحكمة. لمهامها
وشدد بييتون على وجوب حصر السلاح في لبنان بيد الجيش اللبناني، لافتا إلى مواصلة التعاون بين بلاده والمؤسسة العسكرية اللبنانية في مجالات عدة بينها مساعدات تلقاها الجيش اللّبنانيّ منذ فترة.
أما في شأن ملف اللاجئين الفلسطينيين، أشار بييتون إلى أنّ بلاده لطالما كانت تؤيّد قيام دولة للفلسطينيين، دولة ديموقراطية، جديرة وموثوقة، داعيا لإستئناف المفاوضات، وختم بييتون حديثه بالقول: “هذه القضيّة ستناقش في الجمععية العمومية لمجلس الامن الدولي في نيويورك”.