وقفنا، في مقالة سابقة، عند أبرز العقائد التي تتأسس عليها جماعة العدل والإحسان بهدف استجلاء أوجه التشابه وأوجه التباين بين الجماعة وبين تيار السلفية الجهادية. لأجهل هذا الغرض نتوقف اليوم عند الأسس العقائدية لهذا التيار الجهادي الذي لم ينخرط منظروه فيما بات يعرف بـ”المراجعات”، بل لازال على عقائده وقناعاته الحركية/العنيفة. وفي مقدمة هذه العقائد ما تضمنه البيان التأسيسي لـ”الجماعة الإسلامية للتوحيد والجهاد بالمغرب الأقصى”، والتي ألقت السلطات الأمنية المغربية القبض على 28 من أعضائها في فبراير 2007 . ومما جاء في البيان التأسيسي:
(نعتقد أن الديمقراطية دعوة كفرية تعمل على تأليه المخلوق واتخاذه ربا وترد له خاصية التشريع والحكم من دون الله تعالى فهي كفر بواح وخروج عن دائرة الإسلام فمن اعتقد بها أو دعا إليهاوناصرها أو تحاكم إليها فهو كافر مرتد مهما تمسح بالإسلام وتسمى بأسماء المسلمين.
ونعتقد أن الأنظمة الوضعية السائدة في بلاد الإسلام نظام كفري مقتبس من قوانين اليهود والنصارى واضعوها شركاء لله في الحاكمية والعاملون بتلك الأنظمة أو المقرون لها أو المتحاكمون إليها مشركون.
ونعتقد كفر الحكام الذين يبدلون شرع الله بشرائع و قوانين الكفر و الحاكم الذي يجعل من نفسه ندا لله في خاصية التشريع فيشرع التشريع الذي يضاهي شرع الله.
ونعتقد أن العلمانية على اختلاف راياتها ومسمياتها و أحزابها المعمول بها في الأمصار التي تفصل الدين عن الدولة والحياة وشؤون الحكم والعباد وتجعل ما لله لله وهي زوايا التعبد وحسب وما لقيصر لقيصَـر وهي جميع مرافق و شؤون الحياة وما كان لقيصر لا يصل إلى الله وليس من حقه ولا من خصوصياته التدخل فيه غرس خبيث ودخيل على الأمة وهي كفر بواح و مروق من الدين فمن اعتقد بها أو دعا إليها أو ناصرها أو قاتل دونها أو حكم بها فهو كافر مشرك.
ونعتقد أن الديار التي تعلوها أحكام الكفر هي ديار كفر و حرب ولا يلزم من هذا تكفير ساكنتها مع اعتقادنا بأنها خليط بين الكفار و الفساق و المسلمين كل يعامل بحسب حاله ولا نقول بقول غلاة المكفرة أن الأصل في الناس الكفر .
و نعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط في صحة الإسلام فمن لم يكفر بالطاغوت منفي عنه الإيمان و غير داخل في دائرة الإسلام إذ هو الركن الركين في شهادة التوحيد بنص القرآن) .
وبناء عليه ، تلتقي جماعات وخلايا هذا التيار على عقيدة الولاء والبراء التي لا تترك من خيار سوى الانتقال إلى الفعل وممارسة العنف والقتل والتدمير باسم “الجهاد” ضد المجتمعات المسلمة ـ مجتمعاتهم الأصلية ـ بحجة أن الجهاد ضد مواطنيهم مقدم على الجهاد ضد غيرهم بحجة أن (جهادهم مقدم على جهاد اليهود لسببين: القرب والردة) كما أفتى بهذا عبد الكريم الشاذلي أحد شيوخ هذا التيار.
وتجسيدا لهذه العقائد أصدر شيوخ التيار الجهادي الفتاوى والأحكام التالية:
ـ المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع كافر، لأنه استبدل القوانين الإسلامية بالوضعية، وأن مظاهر الانحلال والفساد فشت فيه، وأن المعروف قد أصبح منكرا، والمنكر أضحى معروفا.
ـ أفراد هذا المجتمع وحكوماته مرتدون مارقون، والمظاهر الإسلامية في هذا المجتمع مظاهر كاذبة
مضللة منافقة، فشيوخ الدين ممالئون للسلطان الكافر .
ـ الجهاد مفروض لتغيير هذا الواقع، وإحلال شريعة الله مكان شريعة الكفر .
ـ الوسائل السلمية لا تجدي فتيلا ولا توصل للهدف السابق لأن كل عمل سلمي للدعوة يقابل بالدعاية الحكومية الكافرة .
ـ ما دام الحكام كفرة والجهاد واجبا، فقد وجب الخروج عليهم وقتالهم بالسلاح .
ـ يجوز قتل كل من تترس به الكافر ولو كان من المسلمين .
ـ ليس للنساء والأطفال حرمة، لأن أولاد الكفار من الكفار .
ـ يجوز قتل الكفار ـ وهم الحكام والشعوب الراضية ـ ليلا ونهارا، وبغير إعلام وإشعار لهم ، ولو قتل في ذلك نساؤهم وأطفالهم .
ـ لأن النظام نظام كافر ، فالدار التي نعيش فيها دار حرب، وبذلك تكون كل ديار المسلمين الآن ديار حرب ، يجوز فيها ما يجوز في دار الحرب ، من القتل والسلب والنهب والغصب والخطف .
ـ ليست هناك طريقة لإيجاد الحكم الإسلامي إلا بالحرب) .
ونفس الاعتقاد نجده عند باقي شيوخ هذا التيار أمثال الفيزازي والحدوشي والخطاب وأبو حفص وغيرهم . وهو الاعتقاد الذي جعلهم يعلنون “الجهاد” ضد كل المواطنين الذين يؤمنون بالديمقراطية وبحق الناس في التشريع لأنفسهم أو يقبلون بالعيش في ظل الأنظمة “الطاغوتية” . في هذا الإطار أفتى عبد الكريم الشاذلي بالكفر في حق المغاربة كالتالي ( كل من اتخذ مع الله آلهة أخرى في التشريع فقد أشرك بالله.. وعلينا أن نعلم أن المرء لا يكون من الموحدين حتى يكفر بكل طاغوت قديما كان أو معاصرا . فإن لكل عصر وزمان ومكان طواغيته وأشنعها طواغيت عصرنا الذين يحكمون الناس بالقوانين الوضعية في صور شتى). من هنا يرى هؤلاء التكفيريون/الجهاديون أن القتل والتدمير هو الأسلوب الوحيد لإقامة مملكة الله في الأرض. ومن ثم زينت لهم عقائدهم قتل الأبرياء بعد أن جعلته أعظم “قربة” يتقربون بها إلى الله تعالى . هذا ما أقر به يوسف فكري زعيم خلية إرهابية في رسالته حيث قال (وبعد شهرين رجعنا إلى مدينة اليوسفية لكي نترك للسلطة رسالة عملية مفادها أنكم بسبب اعتقالكم لأولئك الإخوة فإننا سنلجأ إلى عمل من نوع خاص والذي يعتمد على السرية التامة فكان المدعو عمر الفراك أول عدو أتقرب به إلى الله عز وجل) . إنها عقيدة الجهاد والتكفير والانتحار التفجيري التي جعلت الإرهاب دينا والقتل جهادا والانتحار شهادة والإقدام عليهما سعادة” و”مكرمة” كما جاء على لسان يوسف فكري في دعواه وهو المحكوم عليه بالإعدام(وأنا قادم على لقاءالله عز وجل وقد يكرمني ربي بشهادة في سبيله على يد هؤلاء المرتدين)
selakhal@yahoo.fr
* الدار البيضاء
للحديث بقية.
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(1)
selakhal@yahoo.fr