إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
(الصورة: شجرة الكريسماس في مدينة طرابلس اللبنانية، تم إحراقها وأعيدت من جديد)
*
لا يتطلب الأمر أن تكون مسيحياً لكي تستمتع بعيد الكريسماس. فبغض النظر عن معتقدك الديني أو عدمه، فإن الكريسماس عيد جميل بطقوسه وزينته، ويحتفل به مليارات البشر سنوياً، من مسيحيين وبوذيين وملاحدة ملاعين وغيرهم.
* * *
تاريخياً، كان الرومان، قبل المسيح، يحتفلون بقدوم الشمس بوضع أغصان دائمة الخضرة في بيوتهم. كما اعتاد كهنة شمالي أوروبا على تزيين معابدهم بأغصان دائمة الخضرة كرمز للحياة الأبدية. ويقال إن الفضل في وضع أشجار عيد الميلاد في البيوت يعود أساساً لألمانيا، التي بدأت تقليد شجرة الميلاد الحالي، مع حلول القرن السادس عشر، أي بعد 1500 عام من ميلاد المسيح، حيث كان المتدينون المسيحيون يجلبون الأشجار المزخرفة إلى منازلهم. كما يعتقد، على نطاق واسع، أن القس مارتن لوثر، مؤسس البروتستانتية، أول من أضاف الشموع المضاءة إلى الشجرة، حيث قام بربطها بأغصان الشجرة. وإلى ما قبل 200 عام، كان الأميركيون يعارضون وضع شجرة الميلاد في البيت، كونها رمزاً وثنياً، وكان هناك قانون في ماساتشوستس يعتبر الاحتفال بالكريسماس جريمة جزائية، لكن الوضع في الغرب برمته تغيّر مع عام 1846، عندما تم تصوير الملكة فيكتوريا، وهي تقف وأسرتها حول شجرة عيد الميلاد، وأصبح الأميركيون أكثر تقبلاً لفكرتها مع أوائل القرن العشرين، وأصبحت مع الوقت جزءاً من طقس عالمي، خصوصاً بعد وصول الكهرباء لمصابيحها، ومن كل ذلك نكتشف أن ليس لشجرة الميلاد أي دلالات دينية، أو علاقة بالمسيحية، والمسيح لم يولد تحت شجرة مثلها، والموضوع برمته يرمز إلى الفرح وإلى حدث سعيد، مع عدم إغفال الجانب التجاري للموضوع. لذا نجد أن عشرات الدول، مثل الصين وكوريا واليابان، تحتفل بالكريسماس وتضع أشجار الميلاد في بيوتها ومحلاتها وفنادقها وساحاتها العامة، كرمز للفرح، وليس كرمز ديني. وكان مثيراً للحزن والقرف قيام مفتشي البلدية، سنة بعد أخرى، بالإغارة ـ والوصف دقيق تماماً ـ على الكثير من المحلات، ومصادرة ما بها من أشجار ميلاد بلاستيكية، وتحرير مخالفات لأصحابها، وتهديدهم بالغرامات المالية، والإغلاق إن باعوا شيئاً منها.
إن هذه التصرفات وغيرها غير أخلاقية ولا منطقية، ويقصد بها غالباً إغاضة أصحاب الديانات الأخرى، ومنعهم من الفرح وجعل حياتهم خالية من كل جميل، وزيادة رتابة الحياة وجعلها مملّة، فوق ما هي عليه من بؤس، فكيف يمكن لعاقل تصوّر أن شجرة بلاستيكية، لا يزيد طولها على مترين يمكن أن تؤثر على دين لم يتوقف سنة عن التوسّع، منذ أن خرج للنور قبل أكثر من 1400 سنة.
في 1988 قام سيكورسيزي بإخراج فيلم «الإغراء الأخير للمسيح»، المقتبس من رواية تعود إلى عام 1955 للكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكيس المثير للجدل، تحمل الاسم نفسه، ومن تمثيل ممثلين مغمورين. صوّر الفيلم حياة المسيح وصراعه مع أشكال مختلفة من الإغراءات، بما في ذلك الخوف والشك والاكتئاب والتردد والشهوة، وتعرضه للإغواء، فأثار ذلك في حينه غضب بعض المسيحيين، وصرح رامسي، رئيس أساقفة إنكلترا حينها، بأنه لا يعارض عرض الفيلم، فإذا كان فيلم بذلك الضعف يشكل خطراً على المسيحية، فهذا ليس عيب الفيلم!
* * *
دعوا الناس يفرحون ويحتفلون، فقد ثبت أن أغلبية من دعوا إلى التشدد ومحاربة أصحاب الملل الأخرى كانوا من أصحاب أجندات خارجية، وممن سعوا إلى التآمر على أوطانهم، بالتعاون مع دول أخرى، وبينهم من تورط في مختلف العلاقات والتعاملات المشبوهة!
هؤلاء هم مصدر الخطر وليست شجرة ميلاد بلاستيكية!
* * *
ملاحظة: نتقدّم بخالص التهنئة إلى أتباع الكنائس المشرقية بحلول عيد ميلاد المسيح المجيد، متمنين لهم دوام الصحة والسعادة.
في ناس عايشه في الجاهليه حامله الفأس لضرب الرقاب وشعله للحريق