أكد الأمين العام ل#حزب الله حسن نصرالله في خطابه الأخير أن “الكلام يبقى للميدان. لست أنا من أعلن عن الخطوة. وسياستنا في المعركة الحالية أن الميدان هو الذي يتكلّم، ثم نأتي نحن لنشرح فعل الميدان؛
ولذلك يجب أن تبقى العيون على الميدان».
“الميدان” يعني بالنسبة لنصرلله ساحة المعركة في جنوب لبنان بوجه إسرائيل، حيث السلاح بجميع أنواعه، وحيث الحرب تحطّ رحالها. وفي “الميدان” اليوم من الجانب اللبناني، “حزب الله” وحركة “أمل” و”حماس” وفصائل فلسطينية أخرى، ممّا يعني قوى متعدّدة، حتى ولو كانت على ما يبدو، بقيادة مايسترو واحد، من خارج “الميدان”.
و”الميدان” العسكري يميل بطبيعته إلى التصعيد، وإلى استخدام منطق الرد بما هو أقوى. وتجارب المعارك العسكرية تشير بما لا لبس فيه إلى أن ضبط إيقاع المعارك وحدودها ليس بالمسألة السهلة ولا المضمونة، خاصة إذا تعدّدت القوى المنخرطة فيها، مما يهدد بتوسع الحرب على الأراضي اللبنانية. وهذا ما جعل أصوات اللبنانيين ترتفع أكثر في الأيام الأخيرة، وبعد خطاب نصرالله الثاني، وتصاعد الاشتباكات، لتقول بصوت عالٍ “لا نريد الحرب”.
الادعاء أن الميدان يتكلّم هو تنصّل من المسؤولية، فالبشر وحدهم يتكلّمون يا سيد نصرالله. وفي الدول التي تحكمها الدساتير، الكلام وحده هو صاحب السلطان فيما السلاح هو في خدمته، فيتحاور البشر ويصوّتون على القرارات التي تخصّ مجتمعاتهم وتحدّد مسارها ومصيرها.
من واجبك الوطني يا سيد نصرالله ألا تنتظر ما سيقوله لك الميدان الأبكم، بل أن تتكلّم مع أبناء شعبك، في إطار المؤسسات الدستورية، التي هي وحدها مَن يقرّر فعل الميدان وليس شرحه وفق ما تقول؛ ومعظم أبناء شعبك قالوا لك بوضوح وصراحة إنهم لا يريدون الحرب، ولا يقبلون أن يكونوا رهائن لما يمكن أن “يقوله” لهم الميدان الأبكم.
وبعد، يا سيد نصرالله، هل المناوشات العسكرية في الجنوب تخفّف فعلاً من عدد القتلى وحجم التدمير في غزة، أم أنها تزيد من عدد القتلى وحجم التدمير في لبنان، فضلاً عن نزوح الأهالي من قرى الجنوب، وتعطّل الأشغال والقلق الشعبي المتزايد على الأراضي اللبنانية كافة؟
سأجاريك في استخدام مصطلحاتك، وأذكرك بأن “الميدان أو الساحة هو وصف يطلق في الهندسة المعمارية على مكان محدّد في داخل المدينة أعرض من الطرق التي تنتهي إليه، ويكون مجمعاً لتلك الطرق. وتُستخدم الميادين أو الساحات لأغراض متعدّدة، وغالباً ما تتزامن مع المكان الذي توجد فيه المباني الرئيسية مثل مقرّ حكومة المدينة أو تلك الدينيّة. يوجد تشكيلات كثيرة من الميادين التي لا يمكن وصفها وتصنيفها لأن كلّ ميدان في المدينة له خصائص مختلفة. ومع ذلك، فإن أحد الخصائص الأساسية للميدان هي أن:
• – يكون موجوداً في فضاء مفتوح
• – يكون ميزة للمدينة.
• – تحيط به عادة مبانٍ عامة.
• – يكون مكان لقاء بين أفراد المجتمع.
• – يؤدي وظائف عامة تؤثر على سكان المدينة بشكل إيجابي”.
هذه الخصائص موجودة جميعها في ميدان معروف في قلب بيروت، هو “ساحة الشهداء” أو “ساحة الحرية”، أو “ساحة البرج” قديماً.
فما رأيك في أن ندع هذا الميدان يتكلّم، بحكومته ومجلسه النيابي ومجتمعه المدني، الذي يفضّل أن يُعبّر عن تطلّعاته، في هذا المكان بالذات؟