(وكالة الصحافة الفرنسية)- اعتمد البرلمان الألماني الأربعاء مشروع قرار يعتبر المجاعة التي تسبب بها نظام جوزيف ستالين في أوكرانيا قبل تسعين عاما “إبادة جماعية”، وهي جريمة جماعية يتردد صداها مجددا منذ الغزو الروسي.
في إجماع نادر، سيتبنى القرار في مجلس النواب (البوندستاغ) الائتلاف الحاكم المشكل من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر والحزب الديموقراطي الليبرالي مع المعارضة المحافظة ممثلة بالاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عبر تويتر “اتفقت جميع الكتل البرلمانية الألمانية الديموقراطية على قرار مشترك مهم بشأن هولودومور”، معربا عن “امتنانه لتكريم الشعب الأوكراني”.
في 1932 و1933، قضى نحو 3,5 ملايين أوكراني ضحايا ما يسمى بالأوكرانية ال”هولودومور”، أي “الإبادة بالتجويع” التي ارتكبها النظام الستاليني بمصادرته المحاصيل باسم تشارك الأراضي.
– “إبادة” استنكرها البابا –
هذه المجاعة التي تحيي أوكرانيا ذكراها في رابع يوم أحد من تشرين الثاني/نوفمبر، تندرج “على لائحة الجرائم اللاإنسانية التي ارتكبتها أنظمة شمولية تسببت في القضاء على ملايين الأرواح البشرية في أوروبا ولا سيما في النصف الأول من القرن العشرين”، وفق ما جاء في مشروع القرار الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس.
ويضيف المشروع أن هذه الجريمة “جزء من تاريخنا المشترك كأوروبيين”، كما يشدد على أن “أوكرانيا بأسرها تأثرت بالمجاعة والقمع وليس مناطق زراعة الحبوب فيها فقط”.
ويؤكد أن “من المنظور الحالي، من الواضح أن هذه إبادة جماعية على المستوى التاريخي والسياسي”.
والبوندستاغ “يستنتج من ماضي ألمانيا مسؤولية خاصة، وهي تحديد الجرائم ضد الإنسانية والتعامل معها داخل المجتمع الدولي”، وفق مشروع القرار.
وتوصيف “الإبادة الجماعية” مفهوم تمت صياغته خلال الحرب العالمية الثانية لكنه يكتسي أهمية خاصة مع الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويرى النائب عن حزب الخضر روبن فاغينير أحد الذين يقفون وراء النص أنه “مرة أخرى، يحرم العنف والإرهاب أوكرانيا من مرافقها الحيوية ويخضعان البلاد بأكملها”، مؤكدا أن توصيف “هولودومور” بأنه “إبادة جماعية” يشكل “تحذيرا” لموسكو التي يمكن أن تؤدي حربها ضد أوكرانيا إلى مجاعة جديدة.
وأضاف فاغينير أن سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يندرج في إطار السياسة الوحشية والإجرامية لستالين”.
ذكر البابا فرنسيس نفسه هذه الجريمة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر واستخدم مصطلح “الإبادة الجماعية”. وقال الحبر الأعظم من الفاتيكان “نصلي من أجل ضحايا هذه الإبادة الجماعية ومن أجل العديد من الأوكرانيين والأطفال والنساء وكبار السن، والرضع الذين يعانون اليوم من العدوان”.
وأعرب المستشار أولاف شولتس ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك على لسان المتحدثين باسمهما الجمعة عن تأييدهما لمشروع القرار.
– “تحريف” روسي –
تخوض أوكرانيا منذ سنوات حملة للاعتراف بال”هولودومور” على أنها “إبادة جماعية”.
وصوّت مجلس الشيوخ الإيرلندي الخميس على قرار يصف المجاعة الكبرى بأنها “إبادة جماعية للشعب الأوكراني”.
وترفض روسيا بشكل قاطع هذه الصفة مؤكدة أن المجاعة الكبرى التي ضربت الاتحاد السوفياتي في أوائل ثلاثينات القرن الماضي لم يكن ضحاياها من الأوكرانيين فقط، بل من الروس والكازاخستانيين وألمان الفولغا وأفراد شعوب أخرى.
ويذكّر مشروع القرار الألماني بأنه “في بداية الثمانينات، كان ممثلو الاتحاد السوفياتي لا يزالون ينكرون هولودومور أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة”، معربا عن الأسف لأن الأمر “استغرق عقودا حتى يدرك القادة السوفيات بقيادة ميخائيل غورباتشوف أن أوكرانيا شهدت مجاعة”.
ويرى مشروع مجلس النواب الألماني أن سياسة بوتين التي أدت في عام 2021 إلى إغلاق منظمة ميموريال المتخصصة في توثيق جرائم الستالينية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، تعكس “التحريف” الجاري للتاريخ الروسي.