ليلة البحث عن ثابتة..

0

لعقود من الزمن، إن لم يكن لقرون و”ثابتة” تمثل لنا التهديد الكبير الذي يعصف بكل الأمم العربية والإسلامية ، وخصوصاً اليمن..

في اليمن كانت ما زالت ثابتة تكبر، وتزهر، وتتقوى، وتسمن مع كل سلطة مستبدة، تسمن وتتشحم مع غياب الدولة، والقانون، مع القبائل والعشائر، والأعراف.. “ثابتة”، لا تزهر إلا في الجوع إلى المواطنة وإلحاقها بالحشد.

وكل ما لاح طيف جديد يخرجنا من الظلمات.. يأتي من يهددنا بوحش “ثابتة” الجاثمة على عقولنا وصدورنا وتأبى بكل صلابة أن تغادرنا ولو لمؤقت لنتنفس مثل خلق الله في هذا الوجود..

ظل حكام الأئمة في اليمن ولقرون طيلة يخوفوننا بأن الدستوريين هم “المدسترين” أي المجانيين” وكما قال كبيرهم الإمام أحمد: “سيفي هو الدستور” وأن العصريين هم كفرة – هكذا قالت أحفاد الرسول.. وباسم ثابتة عُزلت اليمن عن العالم والحياة، ودخلت في قبر واسع لأكثر من ألف عام.. فالجديد عند “حراس ثابتة” الذي سيهب من خلف الجبال والبحار هو الشيطان والشر والجحيم، سيزعزع الملك، ويبدد ثروة الشعب المبلوعة في بطن الملك –السلطان، بل وستصبح البلاد والعباد بلا دين وسترجع الجاهلية والأصنام.. الخ.

ولقد أشتغل على المحروسة ثابتة أحد حراسها الأمناء بجدارة، بل والمجدد لها ولكل الثوابت والأوابد، النظام السابق / اللاحق، ولعقود مديدة، هددنا، وجوعنا، بأن تظل اليمن ملحقة بالقرون الوسطى. فالدولة هي السم الزعاف لثابتة، وكذلك القانون، والمواطنة، والحياة الإنسانية الكريمة ، كلها ضدية للغالية “ثابتة ” ..

للأمانة، ستدخل خطابات زعماء اليمن/ خصوصاً “الزعيم” صالح موسوعة جينس من شدة سيل الثوابت التي يكرعها في كل مناسبة وطنية ووحدوية وثورية ودينية..

**

منظومة ثابتة هي نظام ما قبل الدولة، عدم احترام إشارة المرور، هي اللاقانون، هي الهويات المتشظية والمتناحرة، هي اللامدينة، اللا رصيف اللاحديقة، اللا متحف، اللا موسيقى، هي مجاعة الروح بامتياز، هي الشيخ، والسيد، والفتوى، هي العنف باسم المقدسات.. هي الخرافة والتخريف.. هي الغوغائية، هي حشد المليونيات المنفلتة باسم الثورة والدين والتقاليد، وانعدام صوت الفرد، صوت الإنسان الحر الخال من أي “ثابتة” سياسية /دينية /اجتماعية وثقافية..

وكل ما لاح متغير في أفق هذا البلد المتخم والمخنوق بالثوابت، ظهر الوحش – ثابتة، يهددنا بكل أشكال المجاعات التاريخية المنافية لأي تحديث.

**

دخلنا بقوة ساحات التغيير ما يسمى بالربيع العربي لنجد “ثابتة” جاثمة على الرؤوس والقاع والسماء، وتهددنا بأن الثورة إن خرجت عن “تختة” ثابتة” العقائدية الدينية والقبائلية لن تنجح. ولذا فالثورة التي آلت إلى حماة الثورة (القبائل والجنرالات والمشائخ ورجال الدين) هم “ثابتة”.. نعم الثورة ثورة ثابتة بامتياز وبعقد “نوبلي للسلام” مثقل بكل ثابتة مضادة للتغيير الحقيقي والحياة الإنسانية الكريمة.

للأسف، ثابتة هي اليوم من تتصدر المشهد اليمني بامتياز خصوصا حكومة الوفاق “ثابتة” الغير قابلة للحياة ، المتوائمة مع الموت والخراب والظلام اليومي..

فهل خدعتنا كتب الفلسفة والعقد الاجتماعي، ومنطق الثورات الإنسانية، عندما علمتنا بأن منطق الثورة يأتي بالقطع مع ثابتة وأخواتها، إلا ثوراتنا فقد أتت بكل الثوابت القطعية والقطيعية من الأصنام الماضوية، والخرافات والتخريف.. وقالوا لنا هذه ثورتكم / ثابتتكم، فأعبدوها، ومن خرج عن ثابتة، فهم ثورة مضادة، وروافض، ملتصقون ببلاط السفارات الصهيو-أمريكية؟؟؟!!!

**

ومع مؤتمر الحوار الوطني الشامل ظلت الأحزاب تستجر موروث الثوابت الغارق في القدم. فالدستور خطير على الثوابت، والحقوق السياسية والمدنية خطر على ثابتة، والنصوص الدستورية التي ستنقلنا إلى مصاف أن نحيا بمواطنة متساوية خطر.. حتى أننا ظننا بأننا ديناميت في وجه الحياة الطبيعية “أن نحيا”.. والحمدلله، أنجز الحوار برغم ثابتة وأخواتها المستشرسات في كل نص دستوري وقانوني وتوصية للعقد الاجتماعي الجديد.

لقد أشتغلت أيقونات “ثابتة” على الحوار الوطني من أول وهلة. فإن خرجت المخرجات تتنافى مع خط “ثابتة” الأحادي يعلن الجهاد المقدس.

فها هو “عبد المجيد الزنداني” مهندس ومخرج الثوابت هو و”علي صالح الأحمر” والجنرال “علي محسن الأحمر” حامي حمى ثورة2011، ومهندس الحروب والقاعدة، و”حميد الأحمر” الملياردير وشيخ مشائخ حاشد، ومعهم كل التكفيريين والقبوريين، يلهثون بفجيعة أن ينتاب ثابتتهم المحصنة أي خدش، فتتداعى، ويعم الفجور والفسوق..

وجراء تدافع خطى ثابتة أصبح الشعب هو الخطر، ونحن القوى التقليدية التي ستقوض مداميك “ثابتة” اللاهوتية المقدسة.

المحزن أن ثابتة غدت تنغرس بقوة منذ2011 في الوعي واللاوعي، فأصبح ذلك الماركسي أوالحداثي يدافع عن ثابتة بهلع أي أصولي.. فالكل يتوحدون مع الآلهة / الملكة “ثابتة”.

ها نحن على أعتاب جمهورية اليمن الإتحادية، وإن لم نفككك منظومة ثابتة بشقيها السياسي والديني، وبفلقتي ثابتة النظام: “الستين” حماة الثورة و”السبعين” الثورة المضادة، الموحدين والمتوحدين بها وخلالها، ستبتلعنا ثابتتهم كما ابتلعتنا ثابتة الأم والجدة لقرون طويلة من الزمن.

**

ولا كيف تشوفوووووووووووا؟

arwaothman@yahoo.com

صنعاء

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading