بيار عقل
*
رز
كان مجدي مصطفى نعمة المولود عام 1988 نقيبا في الجيش السوري قبل أن ينشق عنه عام 2012 ويصبح متحدثا باسم “جيش الإسلام” الذي تشكل عند اندلاع النزاع في سوريا.
أوقف في كانون الثاني/يناير 2020 في مرسيليا بجنوب فرنسا ووجهت إليه تهم “التعذيب” و”التواطؤ في حالات اختفاء قسري” و”جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب” بين 2013 و2016 وأودع السجن.
وينفي نعمة المعروف باسمه الحركيّ إسلام علوش، هذه الاتهامات منذ البداية. وفي تموز/يوليو 2020، قدّم محاميا الدفاع عنه رافايل كيمف ورومان رويز التماسا لإسقاط الاتهامات الموجهة إليه، نافيين أن يكون القضاء الفرنسي يتمتع بالصلاحية العالمية التي تخوّله ملاحقته.
وسيكون قرار غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف في باريس على قدر خاص من الأهمية بالنسبة للعديد من المراقبين، بعدما اعتبرت محكمة التمييز مؤخرا أن القضاء الفرنسي لا يملك الصلاحية في قضية سوري آخر كان جندياً في الجيش السوري ووجهت إليه تهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.
واستندت الهيئة القضائية العليا الفرنسية إلى مبدأ “التهمة المزدوجة” الذي نصّ عليه قانون 9 آب/أغسطس 2010، ويقضي بأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب يجب أن يكون معترفاً بها في بلد المشتبه به الذي تعتزم فرنسا محاكمته.
إلّا أن سوريا على غرار عدد من البلدان الأخرى، لا تعترف بهذه الجرائم ولم تصادق على نظام روما الأساسي الذي نصّ على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
– اجتهاد جديد؟ –
أثار قرار المحكمة الصادر أواخر تشرين الثاني/نوفمبر والمعروف بقرار “شعبان” باسم المتهم عبد الحميد شعبان، زلزالا في أوساط القضاء وبين منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي تخشى أن يشكل سابقة تكون لها انعكاسات على تحقيقات أخرى مماثلة.
وقد يطال هذا القرار 36 تحقيقات أوليا من أصل التحقيقات الـ75 التي تجريها حاليا النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب في قضايا جرائم ضد الإنسانية. كما أنه قد يضر بـ13 تحقيقا قضائيا من أصل 80 جارية حاليا.
وفي طليعة الملفات المعنية قضية مجدي نعمة.
وكان آلاف من مقاتلي “جيش الإسلام” يتمركزون في منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق، التي حاصرتها قوات النظام لسنوات إلى أن شنت هجوماً واسعاً عليها انتهى في نيسان/أبريل 2018 بسيطرتها على المنطقة بعد اجلاء الآلاف من مقاتلي المعارضة والمدنيين الى شمال البلاد.
ويتهم نعمة خصوصا بالضلوع مع ناشطي فصيله في خطف المحامية والصحافية المعارضة رزان زيتونة مع زوجها وائل حمادة وسميرة خليل وناظم الحمادي، الناشطين المعارضين، أثناء تواجدهم في مدينة دوما، في 9 كانون الأول/ديسمبر 2013. لكن الفصيل نفى باستمرار الاتهامات فيما لم ترشح أي معلومات عن مكان تواجدهم أو مصيرهم.
حازت رزان زيتونة جائزة ساخاروف لحقوق الانسان التي يقدمها الاتحاد الاوروبي عن نشاطها في توثيق انتهاكات نظام الرئيس السوري بشار الاسد في مجال حقوق الانسان وكانت تنتقد التجاوزات التي يرتكبها جميع أطراف النزاع في سوريا ومن بينها جيش الإسلام.
وشهد عدّة أشخاص ضد مجدي نعمة أمام قضاة التحقيق الفرنسيين، واتهمه عدد منهم بالتعذيب وبتجنيد أطفال.
وينفي المتهم الوقائع، مؤكدا أنه خرج من الغوطة الشرقية في أيار/مايو 2013 قبل سبعة أشهر من عمليات الخطف المنسوبة إليه متوجها إلى اسطنبول. وهناك يقول إنه استأنف دراسته مع مواصلة نشاطه كمتحدث باسم الفصيل ثم تخلى عن هذا النشاط عام 2016 قبل أن يغادر الفصيل عام 2017.
وأبرز محاميا الدفاع في التماسهما أنه لا يمكن ملاحقة موكلهما في فرنسا بتهمة “التواطؤ في حالات اختفاء قسري” لأن الصلاحية العالمية في هذه الحالات “لا تنطبق إلا إذا كانت هذه الجريمة من فعل عملاء حكوميين أو أشخاص يتحركون بإذن الدولة أو دعمها أو موافقتها”.
ولفتا إلى أن جيش الإسلام ليس مجموعة تابعة للدولة.
وأوضح المحاميان من جهة أخرى أنه لا يمكن للقضاء الفرنسي ملاحقته إذ أن فرنسا ليست بلد إقامته الاعتيادية، وهو كان موجودا فيها بموجب إقامة طلابية لبضعة أشهر، وتم اعتقاله قبل أيام من مغادرته البلاد.
وصرح رويز وكيمف لفرانس برس “ننتظر الجلسة باطمئنان، ونأمل أن تنضم محكمة الاستئناف إلى القرار الصادر عن محكمة النقض في قضية شعبان”.
إقرأ أيضاً:
Un djihadiste syrien arrêté à Marseille
حين خذلت الإدارة الأمريكية رزان زيتونة ورفاقها