حل الأزمة السورية يبدأ بفرض عقوبات على النفط الإيراني

0

بدلاً من إعادة تأهيل نظام الأسد من خلال الإهمال المتعمد في سياسة العقوبات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية، على هذه الإدارة تصعيد الضغوط الاقتصادية على الداعمين الإيرانيين لنظام الأسد لإعادة اكتساب بعض النفوذ على طاولة المفاوضات.

 

 

ما فتئت إيران تزوّد علناً نظام بشار الأسد في سوريا و «حزب الله» اللبناني المصنف من قبل الولايات المتحدة كجماعة إرهابية بكميات نفط تقدّر قيمتها بملايين الدولارات. واختارت إدراة بايدن تجاهل الأمر، رغم أن شحنات طهران تمثل انتهاكاً صارخاً للعقوبات الأمريكية والسياسة التي أعلنتها الإدارة الأمريكية والقائمة على إيجاد حل يتماشى مع قرار “مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يدعو إلى عملية بقيادة سوريا من شأنها أن تضع نهاية دائمة وسلمية وسياسية للصراع. وتحقيقاً لهذه الغاية وإبعاد الأسد عن إيران، على بايدن فرض عقوبات مرتبطة بسوريا على الكيانات الإيرانية التي تزوّد دمشق بالنفط.

في تشرين الأول/أكتوبر، أعاد وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن التأكيد على التزام الإدارة بالتوصل إلى حل سياسي في سوريا عملاً بـ “قرار مجلس الأمن رقم 2254”. وقال إن الإدارة الأمريكية “لم ترفع عقوبة واحدة عن سوريا أو تغير موقفها المتمثل بمعارضة إعادة إعمار سوريا إلى حين حصول تقدّم لا رجعة فيه نحو التوصل إلى حل سياسي، والذي نعتقد أنه ضروري وحيوي”.

وتتمثل المشكلة في تصريح بلينكن بأن الإدارة الأمريكية تدّعي أن لديها سياسة واحدة لكنها تنفذ سياسة أخرى على ما يبدو. فعوضاً عن إدخال الأسد في معضلة اختيار تسوية سياسية بموجب “قرار مجلس الأمن رقم 2254” أو الاعتماد على إيران، يعمد فريق بايدن إلى إعطاء الضوء الأخضر بهدوء لإعادة التأهيل الدبلوماسي للديكتاتور السوري دون تقديم محفزات كبيرة.

ويتجلى ذلك بوضوح في رفض إدارة بايدن استهداف كبار ممولي نظام الأسد بالعقوبات. ففي الفترة بين شباط/فبراير وكانون الأول/ديسمبر 2020، صنفت الإدارة الأمريكية السابقة أكثر من 100 مسؤول سوري وداعميهم على لائحة الإرهاب، بمن فيهم كبار الممولين مثل سامر فوز، وحسام قاطرجي وياسر ابراهيم ومحمد ماسوتي. وقد توقفت هذه المساعي حالما تولى بايدن منصبه. ومن المؤشرات الأخرى نذكر الموافقة على إشراك النظام في اتفاق طاقة إقليمي من شأنه أن يعود بالفائدة على الحكومة السورية.

وإذا رغبت إدارة بايدن حقاً بحل سياسي في سوريا عملاً بقرار “مجلس الأمن رقم 2254″، فعليها تقييد خيارات الأسد وليس توسيعها. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجدر بالإدارة الأمريكية تطبيق “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” بشكل كامل وفرض عقوبات أمريكية أخرى تستهدف النظام السوري.

وليست هناك نقطة انطلاق أفضل من استهداف شحنات النفط الإيرانية المتوجهة إلى «حزب الله» عبر المرافئ السورية. ونظراً لأن عقوبات “قانون قيصر” إلزامية، فإن البيت الأبيض ملزم قانوناً بفرضها على كل من يُقدّم عن علم دعماً مادياً مهماً للحكومة السورية. وناهيك عن كون تجاهل شحنات النفط الإيرانية إلى سوريا أمراً لا يمكن تبريره قانونياً، فإنه يزيل حافزاً قوياً لنظام الأسد الذي يعاني من ضائقة اقتصادية من أجل تقديم تنازلات في النهاية على طاولة المفاوضات.

ويُعدّ سجل الأدلة العام واضحاً فيما يخص تطبيق العقوبات على السفن المنخرطة في نقل النفط، ومصدر النفط، والمنظمات التي توفره. وتنقل “شركة الناقلات الوطنية الإيرانية النفط المستخرج وتقوم “شركة النفط الوطنية الإيرانية” بتوزيعه على نطاق واسع. يجب تصنيف هذه الكيانات بسبب سلوكها ليس فقط تحت إشراف السلطات الإيرانية، ولكن أيضاً بموجب العقوبات المتعلقة بسوريا أو المرتبطة بهاوهذا من شأنه أن يبعث برسالة قوية للنظام السوري مفادها أنه سيكون هناك ثمن في الاعتماد المستمر على الطاقة الإيرانية.

وترسل إيران النفط إلى «حزب الله» لأن لبنان في خضم أزمة اقتصادية تاريخية أدت إلى نقص في الطاقة على المستوى الوطني. وتقول إدارة بايدن إنها تريد تخفيف الأعباء على لبنان وسط إظهار أن إيران ليست صديقاً حقيقياً للشعب اللبناني. ومن شأن فرض عقوبات على واردات الوقود الإيرانية إلى لبنان عبر سوريا أن يقطع أحد مصادر الإمداد، ويحفز الواردات اللبنانية من مصادر شرعية، ويمنع «حزب الله» من استغلال أزمة الطاقة التي تعصف بالبلاد لمصلحته السياسية.

وسيكون فرض عقوبات على النفط الخام الإيراني والمنتجات التامة الصنع المرسلة إلى سوريا خطوة أولى مهمة لحرمان النظام السوري من حبل النجاة الذي يوفره له قطاع الطاقة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى، ستحفزه على تقديم تنازلات في إطار “قرار مجلس الأمن رقم 2254″، بما في ذلك اللجنة الدستورية، والإفراج عن المعتقلين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وبالتالي، عوضاً عن إعادة تأهيل نظام الأسد من خلال الإهمال المتعمد في سياسة العقوبات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية، على هذه الإدارة تصعيد الضغوط الاقتصادية على الداعمين الإيرانيين لنظام الأسد لإعادة اكتساب قدر من النفوذ على طاولة المفاوضات.

 

أندرو جيه تابلر، هو “زميل مارتن ج. غروس” في “برنامج غيدولد للسياسة العربية” في معهد واشنطن، و”مستشار أقدم” سابق في “مكتب شؤون الشرق الأدنى” بوزارة الخارجية الأمريكية و “مدير قسم سوريا” في “مجلس الأمن القومي”. ماثيو زويغ هو زميل أقدم في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”.

 

Solving Syria’s Crisis Starts with Sanctioning Iranian Oil

 

Leave a Reply

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
Share.

Discover more from Middle East Transparent

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading