لبنان لا يريد الحرب
Le Liban ne veut pas la guerre
Lebanon does not want war

الجيش اللبناني.. مخطط حزب الله لآخر معاقل الدولة 

0

وفي خطاب سابق في ذكرى اغتيال قاسم سليماني، حرص أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، على إعلامنا أن سليماني، وفي أوج حرب 2006، لم ينس قلبُهُ الرحوم تذكر المقاومة في غزة.

ومن موقعه المشرف على جميع أعمال المقاومة وحرصه على تقويتها في الأراضي الفلسطينية خصوصاً، طلب منه إرسال صواريخ كورنيت إلى الأراضي الفلسطينية، يعني غزة ويعني حماس والجهاد. فأجاب نصرالله أنها صواريخ من بشار الأسد (وهي روسية الصنع) وعلينا أن نستشيره. فوافق الأسد بأريحية على إرسالها.

في حينه، بدا لي هذا التعريج لإعطاء هذه المعلومة غير مفهوم ومعلومات يفترض أنها سرية في غير محلها. لكن يتبين مع الوقت أنها كانت للإشارة إلى روسيا بأن الأسد لا يتورع عن إرسال أسلحة روسية إلى حماس لمواجهة حليفتها إسرائيل.

وأخيرا جاءت تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بعد أعنف قصف قامت به اسرائيل ضد ميليشيات ومواقع إيران في سوريا، وقال فيها إن روسيا لا تريد سوريا ساحة للمواجهات الإسرائيلية والإيرانية. كما أكد أن روسيا لا تريد أن يستخدم أحداً سوريا لتهديد أمن إسرائيل أو ساحة للمواجهة الإيرانية–الإسرائيلية.

فروسيا مستعدة لمعالجة المخاوف الإسرائيلية وترفض استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل. وأضاف لافروف أن بلاده لن تشتبك مع الولايات المتحدة في سوريا لكنها تطالب واشنطن بعدم استخدام القوة ضد المنشآت التابعة للسلطات السورية. ضمناً، يمكنها استخدام القوة ضد المنشآت الأخرى، تركية أو إيرانية أو غيرها. غياب إيران عن اجتماع حميميم، يعني أن ما يهم روسيا قبل كل شيء، أمن إسرائيل وعلاقتها معها. وتحاول ترتيب شيء ما بين السوريين والإسرائيليين.

وبمعزل عن نجاح هذه المساعي أو فشلها، المؤسف أنه بعد 10 سنوات على تضحيات “المقاومة” في سوريا من أجل الحفاظ على النظام السوري “المقاوم الأول” ضد إسرائيل، تنتهي بأن سوريا ممنوع عليها أن تستخدم منصة “للمقاومة”. هذا إذا كان في سوريا الأسد حقا مقاومة من أي نوع كان.

على كل ذلك أتى الرد الإيراني بالإمعان في توريط الدول الأربع التي تفخر باحتلالها في خطة الدمار الشامل.

فلقد ورد في الأخبار أن إيران تعمل على خطة دفاعية للمقاومة تشمل حزب الله، لصياغة مشروع قرار إيراني يقوم على إنشاء معاهدة دفاعية أمنية تشمل الدول القائمة تحت محور المقاومة. تنص بنودها على أن تقدم الدول المشمولة بالمعاهدة الدعم الشامل بوجه أي خطر إسرائيلي يقع على أي دولة من الدول المذكورة. على أساس أن لها باع طويل في “مقاومة” الاعتداءات الإسرائيلية في طهران نفسها وسائر إيران!!

هذا يعني أن إيران تمعن بجعل الشعب اللبناني المحتل، الذي تحول إلى أشلاء، مجرد ورقة تفاوض بيدها. تماماً كالحوثيين والحشد الشعبي والنظام السوري وحماس. وتزداد تدخلاً بشؤوننا وتفرض سياساتها التي ستجعلنا تحت احتلالها رسمياً. فحتى عندما كنا تحت الانتداب لم تُوَقّع مثل هذه المعاهدة مع فرنسا.

حقيقة يبدو أن لا حدود للغطرسة الإيرانية، فهي تسمي المجموعات المسلحة في هذه الدول “حركات التحرر” وتشمل حزب الله. هذا في الوقت الذي يقوم فيه لبنان بترسيم الحدود مع الدولة الإسرائيلية كبلد سيد مستقل يملك قراره مع دولة يعترف بحدوده معها. فما معنى أن يكون حزب الله “حركة تحرر وطني”؟ تحرر من ماذا؟ من الدولة اللبنانية وجيشها على ما يبدو!

فالاستراتيجية الدفاعية، لا تزال تنتظر حتى الآن، مع أنها كانت على رأس أولويات ما كان على العهد أن ينجزه. هذا في الوقت الذي تتبارى فيه الأقلام على توصيف الشلل التام الذي أصاب ويصيب المؤسسات تباعا كما ولو أن هناك رئيس أوركسترا يشرف على دقة تنفيذ سيناريو مرسوم مسبقاً. فيهيئ لمثل هذا الإعلان الإيراني الموضوع برسم الإدارة الأميركية الجديدة للتفاوض مع أوراق قوة.

فجمهورية الموز الموضوعة في الفريزر، لماذا؟ لأن المسألة مسألة “أعصاب”، أو من يصرخ أولاً ويتنازل. على ما ذكر سامي الجميل في مقابلته مع « الحرة » عن لسان أحدهم. فمحور “الصابرين” له باع طويل في ما يسمى “الصبر الاستراتيجي”. الصبر على الضربات الإسرائيلية التي قيل إنها بلغت الألف في سوريا قبل الضربات الأخيرة التي وصفت بالشديدة الموجعة، والصبر على مقتل قاسم سليماني في العراق، وفخري زاده في قلب طهران. صبر هذا المحور لا حدود له، على عكس ما تزعم أم كلثوم.

ومن ضمن آليات الصبر هذه، الخطة التي اتبعت مع الاستراتيجية الدفاعية المؤجلة تحت راية المعادلة الذهبية الشهيرة “جيش، شعب، مقاومة”. تحت هذه الثلاثية تم خوض معارك وتأخر تشكيل حكومات من أجل إدراجها في كل بيان حكومي. يبدو أنها استنفدت وظيفتها بعد وضع اليد على لبنان وتعطيل جميع مؤسسات الدولة.

من هنا نعود إلى خطاب نصرالله الأخير والذي أشار لأول مرة إلى ضرورة الكشف عن السبب الحقيقي للانفجار، محملاً الجيش مسؤولية “إعلان نتيجة التحقيق التي توصلت الأجهزة إليها”، ومتسائلاً: “هل المسبب هو: طيران إسرائيلي أم عبوة ناسفة أم إهمال؟ لماذا لا تقولون الحقيقة؟“. ولفت الى أن حزبه معني بشكل أساسي بكشف الحقيقة بسبب الحديث عن علاقته بكميات النيترات التي انفجرت. مبدياً التعاطف لأول مرة مع أهالي ضحايا الانفجار. لن نناقش هنا موضوع إذا كان مستورديها من السوريين، فما هوية من أدخلوها وأشرفوا على تخزينها وإرسالها على دفعات عبر الحدود المفتوحة برعايته.

كانت هذه إشارة البدء بالهجوم على الجيش ومؤسساته في الإعلام “المقاوم” والتي افتتحها الصحافي رضوان مرتضى باتهام وقح غير مسبوق واصفاً الجيش “بالحمرنة” من محطة « الجديد ».

لكن ردة فعل مخابرات الجيش المبالغ فيها بطريقة هوليوودية، في إرسال دورية طوقت مبنى « الجديد » بعدد من الآليات، وكأنها تداهم إرهابيا عتيقا. ما أثار الرأي العام، واضطر مبادرة “إعلاميون من اجل الحرية” لإصدار بيان دفاعاً عن مرتضى من أجل حماية الحريات الصحافية، عوضاً عن إدانة تصريحات الصحافي المشبوهة. وذلك احتراماً لحرية الرأي وللقانون الذي يفترض مثول الصحافي أمام محكمة المطبوعات.

فماذا نفهم من كل ذلك؟ أن المعادلة الثلاثية “جيش وشعب ومقاومة“، والتي اعتبرها أكثر من نصف الشعب اللبناني خشبية، يراد التخلي عنها ما دام الجيش لا يخضع للحزب كجميع المؤسسات الرسمية والحكومية الأخرى.

فإلى كل من يراهن على أن حزب الله سيتمكن من استعادة وجهه اللبناني، أن يتعظ من الهجمة الشعواء من الجيوش الإلكترونية، على قاسم قصير، أحد صحافيي المنظومة الإيرانية الإعلامية “الناعمة”، لأنه نقل إلى الرأي العام وجهة نظره التي تعبر عن استياء بدأ يغزو دوائر الحزب يعبر عن نفسه بمطالبته بالعودة إلى لبنان.
حرص قصير على التأكيد أنه لا يريد إعادته الى لبنان بشروط فارس سعيد، أي بوضع سلاحه بإمرة الدولة اللبنانية، بل بشروطه هو. أي بإخضاع الدولة اللبنانية بقضها وقضيضها لأمرة سلاحه.

وهنا تكتمل الدائرة، فنحل اللغز على طريقة أغاثا كريستي. المؤسسة الوحيدة المتماسكة بوجه الحزب ولم ينفرط عقدها بعد، هي مؤسسة الجيش. “فلنقضِ عليها” ونسير في معاهدة إيران “الدفاعية”.

لكن السؤال دفاع عمن وبوجه من؟ إذا كانت سوريا أيضا قد تتحول إلى القافلة العربية التي بدأت تقيم علاقاتها مع إسرائيل؟

وبماذا تعدنا إيران، في حال سعت حقاً إلى تحقيق مرادها وماشاها حزب الله ولبنان؟

كل هذا تحت شعار الكرامة، استعادة الكرامة وحفظ الكرامة.

بالطبع، فكلما جاع طفل أو مرض شيخ أو ماتت امرأة أو أقفل معمل ودكان وصيدلية ومحل ومستشفى ومدرسة ومصرف، وكلما تصاعد عدد المتوفين يومياً في المستشفيات حيث أصبح العداد اليومي أكثر من 50 متوفياً؛ كلما ازدننا كرامة وشبعنا كرامة لنتهجر ونموت بكرامة.

monafayad@hotmail.com

الحرة

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
Share.