“إنجاز” أسامة سعد: صيدا وجزين خارج سيطرة الحزب الإيراني!

0

خاص بـ”الشفّاف”

 

ما لم يسجّله معظم المعلّقين على الإنتخابات النيابية التي شهدها لبنان قبل أسبوعين هو أنه،للمرة الأولى منذ العام 1992، خرجت “دائرة الجنوب الاولى”، أي صيدا “عاصمة الجنوب” وبوابته، وجزّين، عن سيطرة حزب الله وحلفائه! وأن ذلك الإنجاز كان بفضل د. أسامة سعد، الذي كتب أحد المواقع عنه أنه “حصان حزب الله في صيدا”! في اللحظة الحرجة، وقف أسامة سعد، مثل معروف سعد، إلى جانب “الشعب” الثائر!

 

في لقاء على هامش تهنئته بفوزه  في الانتخابات النيابية،  جَزمَ نائب صيدا، د. أسامة سعد، أنه لن يقترع للرئيس برّي(86 عاماً) ليستمرّ في رئاسة البرلمان اللبناني إلى الأبد! وعن تحالفه من النواب الجدد “التغييريين”، قال أن شكيل اي كتلة نيابية يجب ان يتم بالسياسة! وأضاف أن وصول مجموعة من النواب الجدد يحتّم ان يشاركوا  في رئاسة اللجان او مكتب المجلس. 

 

من هو؟

هو الابن الرابع في ترتيب عائلة  “الشهيد معروف سعد”، الذي استشهد في  السادس  من مارس/ اذار من العام 1975 على اثر رصاصة اصابته بينما كان يترأس تظاهرة لصيادي الاسماك في مدينة صيدا ردا على تشريع الدولة اللبنانية لشركة ” بروتيين ” لتحتكر صيد الاسماك على طول الشاطيء اللبناني. اثناء التظاهرة أصيب برصاصة  “مجهولة المصدر” في السادس والعشرين من شهر فبراير/شباط 1975 ليتوفّى في 6 اذار من العام نفسه,

معروف سعد، الزعيم “الناصري” لصيدا،كان اغتياله بداية الحرب الأهلية في لبنان. لم يُعرَف حتى الآن من أعطى الأمر باغتياله!

من هو د. اسامة سعد؟

 سياسي لبناني , ولد سنة 1954، تخرج من كلية الطب في جامعة القاهرة عام 1979. بعدها، عاد الى لبنان فساهم في إعادة تنشيط عمل “التنظيم الشعبي الناصري” مع شقيقه النائب الراحل “مصطفى سعد”. وتسلم زعامة التنظيم بعد وفاة اخيه مصطفى في العام 2002.
دخل البرلمان اللبناني لاول مرة في نفس العام من خلال تعيينه  نائبا عن مدينة صيدا في المقعد الذي كان يشغله شقيقه المرحوم مصطفى.
معروف عن النائب سعد تواضعه وقربه من الناس في مدينة صيدا. يلعب دورا سياسيا مهما على صعيد المدينة، وهو يعتبر من السياسيين القلائل المدافعين عن مصالح الناس. كان من المعارضين للسياسة الاقتصادية لـ”تيار المستقبل” (الحريري)، ومن المعادين للتوجهات الاقتصادية اليبرالية!

في معارك بلدية صيدا

خاض في العام 2004 معركة شرسة في الانتخابات البلدية لمدينة صيدا متحالفا مع الدكتور عبد الرحمن البزري , بوجه اللائحة المدعومة من قبل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحصل على عشرين عضوا في البلدية من اصل واحد وعشرين عضوا.
في العام  2010، رد تيار المستقبل على خسارته أمام النائب سعد، فخسرت اللائحة المدعومة من “التنظيم الشعبي الناصري” أمام “لائحة الوفاق والانماء” برئاسة المهندس  محمد السعودي المدعومة من “تيار المستقبل” و”الجماعة الاسلامية” بنتيجة واحد وعشرين عضوا مقابل لا شيء للنائب سعد!

في النيابة

دخل د. اسامة سعد النيابة للمرة الاولى في العام 2002 على اثر تعيينه نائبا عن المقعد الذي كان يشغله اخوه مصطفى عن مدينة صيدا .
شارك في انتخابات العام 2005، وانتُخِب نائبا من جديد عن مدينة صيدا. لكنه عاد  وخسر مقعده في انتخابات العام 2009، مقابل نجاح الرئيس فؤاد السنيورة والذي كان قد ترشح برفقة النائب بهية الحريري.

“سرايا المقاومة” في صيدا: طربوش “سُنّي” لحزب إيراني! لا فرق بين “الماروني” المزعوم جبران باسيل و”سرايا المقاومة” إلا.. بـ”التذكرة”!

استعاد مقعده في انتخابات العام 2018 وفقا للقانون الانتخابي الذي اقر في العام 2017، ويسمّى “قانون جورج عدوان”!  وهو قانون “هجين” بين قانون على اساس نسبي مع اكثري من خلال الصوت التفضيلي، وفي هذا القانون  الكثير من الطائفية والمذهبية التي تثير حساسية ما بين نواب الكتلة الواحدة.
خاض النائب اسامة سعد انتخابات العام 2018 متحالفا مع ما يُسمّى “الثنائي الشيعي”، أي حزب الله وحركة امل، وفاز بعد حصوله على 9880 صوتا تفضيليا في دائرة الجنوب الاولى “صيدا – جزين “.

في المواقف  والمتغيرات السياسية

لا شك بأن النائب سعد فاز في انتخابات العام 2018 في لائحة متحالفة مع ما يُسمّى “الثنائي الشيعي” وبدعم واضح من “حزب الله” على وجه الخصوص! وكان عناصر من تنظيمه مشاركين في ما يسمى “سرايا المقاومة“! وكانوا عبارة عن مجموعات من عناصر ا”لتنظيم الشعبي الناصري” (السنّي الجمهور أساساً) تابعة قيادة وتمويلا وتسليحا لحزب الله. إلا ان مجموعة من التطورات ومن المشاكل حصلت في مدينة صيدا،  فتم سحب عناصر التنظيم المنتمية لـ”السرايا”!

رغم اعتراض الحزب الإيراني، وذيله “الأملي”، دخلت “بوسطة الثورة” إلى صيدا بعد تدخّل د. أسامة سعد

في اواخر العام 2019، وعلى اثر الانتفاضة الشعبية التي قام بها الشعب اللبناني على مساحة  الوطن بدأت المتغيرات السياسية تدخل في اجندة النائب سعد. لا سيما بعدما حاول شبان من التابعين لما يسمّى “الثنائي الشيعي” من “حارة صيدا”، القريبة والملاصقة لمدينة صيدا، الاعتداء على المعتصمين على “دوّار ايليا”. الذي اتخذه المنتفضون  او “الثوار” مقرا لهم واقاموا فيه الخيم، وكانت تقام بقربه يوميا نشاطاتهم وتظاهراتهم.
حينها كان للنائب سعد موقف مغاير لـ”الثنائي”! فاقدم على توفير الحماية للمتظاهرين المعتصمين من خلال عناصر “التنظيم  الشعبي الناصري”. وفي فترة النشاطات الثورية للمعتصمين وبعد ان تقرر ان يجوب “باص الثورة” كل الاراضي اللبنانية بدءا من طرابلس وصولا الى الجنوب، حاول متظاهرون ينتمون لـ”لثنائي” منع الباص (أو “البوسطة”) من عبور عن جسر الاولي الذي يعتبر مدخل صيدا والجنوب. وهو يقع شمال المدينة ويمثل المعبر الساحلي الوحيد لدخول صيدا وباقي مناطق الجنوب.
هنا قام النائب سعد بخطوة جريئة، فصعد بنفسه الى البوسطة وادخلها إلى صيدا، لتستكمل طريقها الى الجنوب.
   هذه البدايا، على رغم عدم اهميتها الكبرى، كانت بداية لحظة الافتراق عن سايسة “الثنائي”!
واستمرت وتيرتها بالتصاعد، واخذت مواقف النائب سعد بالتدرج والتطور، خصوصا بعدما بدأت تلوح في الافق الازمة الاقتصادية التي ازدادت على اثر الانتفاضة الشعبية وخصوصا بعدما اقدمت المصارف اللبنانية على الاقفال لايام عدة ومنعت اللبنانيين من الوصول الى ودائعهم في المصارف. وبدأت تتعالى وتتطور الازمات والتي معها بدأت تزداد ازمات اللبنانيين خصوصا بعدما ازدادت الامور اثكر صعوبة مع البدء في جائحة كورونا..
كل ذلك , ساهم بتطور الاختلاف والافتراق ما بين النائب سعد و”الثنائي” الى ان اتى الاستحقاق الانتخابي فكان للنائب سعد موقف واضح وصريح بأنه لن يتحالف انتخابياً مع اي من “احزاب السلطة”، وبينها حزب الله، التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه حاليا.

هذه المرة، كان الخصمان المتنازعان على زعامة صيدا شريكين في دائرة واحدة!

في الاستحقاق الانتخابي الأخير

الافتراق اصبح واقعا من خلال الاتصالات التي قام بها النائب سعد لتشكيل لائحته الانتخابية تحت إسم “ننتخب للتغيير”،  متحالفا مع الدكتور عبد الرحمن البزري ومع شربل مسعد من جزين.
اثناء ذلك بعث له حزب الله برسائل عدة  لوصل ما انقطع ولعدم الافتراق! إلا ان النائب سعد كان حاسما وحازما بفك عرى تفاهمه مع “الثنائي” وأن الامور وصلت الى  حد الطلاق  السياسي! فكانت له لائحته، وكان لـ”لثنائي” لائحته المسماة “الاعتدال قوتنا”، وهي لائحة غير مكتملة ضمت كل من المرشحين النائب ابراهيم عازار (ماروني)، ويوسف سكاف (كاثوليكي) ونبيل الزعتري (سني) من مدينة صيدا.
نجح النائب سعد مع كحليفيه د. عبدالرحمن البزري عن صيدا وشربل مسعد عن مدينة جزين، والحق هزيمة بلائحة “الثنائي” التي سقط كل مرشحيها. والادهى، أن الحليف “العوني” لـ”الثنائي الشيعي”  خرج خاسرا من المعركة، ما اخرج دائرة الجنوب الاولى من تأثير حزب الله وحلفائه  واصبحت عاصمة الجنوب وبوابته خارج نطاق سيطرة حزب الله!
وتلك المرة الاولى منذ العام 1992، اي منذ اول انتخابات جرت بعدما توقفت الحرب وتم البدء بتطبيق “إتفاق” الطائف!

husseinataya360@gmail.com

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
Share.