منذ عشية قمة النقب والفلسطينيين غاضبين من نموذج الشرق الأوسط الجديد الذي قدمته قمة النقب. حدث هجوم إرهابي في الخضيرة مساء الثامن والعشرين من مارس الماضي من قبل مسلحين “فلسطينيين” على القوات الإسرائيلية، والذي راح ضحيته جنديين. جاء هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ “داعش“، كإعلان لرفض التقرب العربي–الإسرائيلي والذي يزعمون أنه على حساب “القضية“. تكرر هذا العنف في مدينة تل أبيب تحديداً في شارع ديزنغوف، حيث اعتدى إرهابي اعلنت قوات الأمن أنه يُدعى “رعد حازم” على مدنيين إسرائيليين وقُتل ثلاثة واصيب ثمانية.
يحاول “الفلسطينيون” بهذه التصرفات الإرهابية التي يعتبرونها “مقاومة” لفت انتباه العالم إليهم، لكن في الواقع أن ما يقومون به من تصرفات إرهابية لا يمكن أن يتعاطف معها أحد بل ستزيد من معاناة المدنيين، وستعرقل كافة الجهود في محاولة خلق سلام وإيجاد حلول موضوعية للصراع. لم تفلح أعمال منظمة أيلول الأسود الإرهابية في حل الصراع فيما مضى، كذلك لن تفلح أعمال الإرهاب حالياً.
نحن نعتبر الماضي ملكاً للجميع ونرى أن صراعاته يجب أن تكون وراء الجميع، لا معهم ولا أمامهم!
ادهشني اعتبار الكثيرين في تعليقاتهم على منصات الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي ما حدث على أنه مقاومة، تحديداً تعليقات المصريين والذين استعادوا صورة لما حدث في الثامن من إبريل 1970 في بحر البقر ليؤكدوا جدليتهم بإضفاء شرعية لأي تصرف عنيف يصدر تجاه ما يسمونه “العدو الصهيوني“؛ وكأنه لم تُنهِ اتفاقية السلام كل هذا وأنه على الجميع أن يخرج من سرديات الماضي ويعيش الحاضر ويتعاون من أجل المستقبل.
في الواقع، إن تأطير الإرهاب تجاه مدنيين إسرائيليين في صورة مقاومة يُدلل على ازدواجية اِستخدام المصطلحات داخل بعض المجتمعات العربية. تُشكل هذه المصطلحات ثُنائيات متضادة لبعضها البعض؛ فعلى سبيل المثال أن ما يعتبره البعض داخل المجتمع المصري “مقاومة” لأنه ضد إسرائيل، يتعاملون معه داخل المجتمع على إنه “إرهاب” وينددون به ويشجبون وينعون؛ فكتائب القسام التي تنفذ عمليات إرهابية في إسرائيل مصنفة داخل مصر كمنظمة إرهابية وعُوقب الكثيرون داخل مصر من 2013 حتى الآن بالإعدام وأحكام مؤبدة بتهمة انضمامهم لكتائب القسام وحماس أيضاً.
يتضح من هذا المثال البسيط، إن كل مجتمع يُضفي الشرعية على مصطلح ما أو يجرده منها وفق منظومة قيم مجتمعية ترتبط بالمصطلح نفسه. يعكس هذا أيضاً ما يُسمى بـ “الازدواجية السياسية Dualism”؛ فبعض الذين يدافعون عن الإنسان وحقوقه يهللون فرحاً بمقتل مدنيين إسرائيليين. إن ما حدث فعل إرهابي لا علاقة له بمقاومة أو دفاع عن موقف، قتل إرهابي لمدنيين يجعله قاتلاً لا مناضلاً، ولا يجب تمجيد فعل كهذا لأنه كفى خلق أجيال تُعظم القتل على أنه فعل بطولي داخل المجتمعات العربية؛ فتسمية الأشياء بمسمياتها في صالح الجميع، وعلى الفلسطينيين أن يدركوا حقيقة أن ما يفعلونه لن يجعل العالم ينظر لهم على أنهم أبطال بل إرهابيين.