4(نشر هذا المقال، لأول مرة، في Feb 27, 2022، ونعيد نشره للتذكير)
الغرب يُمهِل ولا يُهمِل!
« حِكمة قديمة » لم يفهمها صدّام، ولا فلاديمير بوتين!
قرارات أمس السبت التي اتخذتها أوروبا بقطع روسيا عن نظام « سويفت » للتحويلات المالية قادرة على تدمير « الروبل » الروسي الذي سيلتحق بالليرة اللبنانية و« التومان » الإيراني! ترافقها عقوبات على تصدير التكنولوجيا الحديثة ستضع روسيا في مصاف كوريا الشمالية وإيران وكوبا وسوريا. وأفادت الأنباء ليلة أمس أن الرئيس بايدن يدرس « قطع روسيا كلياً عن نظام الإنترنيت »! في حين غرّد إيلون ماسك أن « “خدمة ستارلينك” (الإنترنيت السريع بالأقمار الصناعية) مفعّلة الآن (مجاناً) في أوكرانيا. المزيد من المحطات في الطريق”!
وقد استبق نداءُ العلماء الروس الذي قام « الشفاف » بترجمته أمس السبت ذلك كله بجملة معبّرة: « إن عزلة روسيا في العالم ستزيد من تفاقم التدهور الثقافي والتكنولوجي لبلادنا، بل وستوصد أمامها جميع أبواب النفاذ. إن الحرب مع أوكرانيا هي خطوة نحو العَدَم. »!
عسكرياً، بدأت عمليات تحويل أوكرانيا إلى « أفغانستان » ثانية: حتى ألمانيا، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، قالت إنها سترسل صواريخ، وأسلحة مضادة للدبابات إلى أوكرانيا، كما ستغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية.
*
نعم، ارتكب الغرب أخطاءً تاريخية!
أهمّها أنه لم يفهم، بعد 1989، ما فهمه الجنرال ديغول منذ خمسينات القرن الماضي: أن روسيا (أجلاً أم عاجلاً..) جزء من.. الغرب!
ونداء العلماء الروس يعبّر عن هذه الحقيقة الأساسية.
بذلك، يصبح النقاش حول انضمام أوكرانيا إلى « الناتو » بدون معنى! لنذكر أنه، في 1989، أعلن أبرز جنرالات روسيا رغبتهم بالإنضمام إلى.. « الناتو »!
طبعاً من حق روسيا أن تنزعج من تقدّم « الناتو » إلى حدودها كما انزعج جون كينيدي من وصول صواريخ خروتشوف إلى كوبا في 1962! مفهوم! ولكن، هل يفكّر الغرب فعلاً في « احتلال روسيا »؟ « الناتو » حلف دفاعي، كما يعرف الرفيق فلاديمير!
الغرب ليس بحاجة لقواعد صواريخ في « كييف » ، يا رفيق! يكفيه أن يقصف موسكو بعزلها عن.. « نظام سويفت » للتحويلات المالية!! (الليلة، طالبت فنادق موسكو نزلاءها الغربيين بالدفع « مسبقاً، ونقداً » قبل خروج روسيا من « نظام سويفت » الإمبريالي! بكلام بسيط، بطاقات « الأميركان إكسبريس » و« الفيزا » أشدّ فتكاً من الصواريخ.
هل يقصف فلاديمير بوتين العاصمة البلجيكية، بروكسيل، بصواريخه النووية رداً على « طرد » روسيا من نظام « سويفت »؟
ونعم، تجاهلَ الغرب مأساة شعب سوريا طوال 11 سنة، وسمح لخامنئي وبوتين بفرض « بشّار الكيمياوي » رئيساً لسوريا.
وغضَّ النظر عن نظام طهران الإرهابي.
قصفت نظام طهران منشآت « أرامكو »، فلم يكترث الرئيس ترامب! قصف الملات مدينة « أبو ظبي »، قبل أسابيع، فتظاهر وزير خارجية أميركا أن صاحب الصواريخ كان.. « الحوثي »!
بعد ذلك، اعتقد فلاديمير بوتين أن المجال مفتوح أمامه لاجتياح أوكرانيا.. « على الطريقة الهتلرية »!
هنا استفاق الغرب.
لم يفهم ضابط « الكا جي بي » أن حربه على أوكرانيا الواقعة في قلب أورويا، خطوة أكبر بكثير، بكثير، من « تدخّله » في سوريا (لسوء حظنا نحن!)، أو من تدخّله في.. « مالي »!
لم يفهم الرفيق بوتين أن الأوروبي يركب سيارته في باريس او مدريد ويجتاز حدود أكثر من 30 دولة بدون أن يطلب منه أحد « فيزا » سياحية!
*
فجأة، قرّر الغرب أن فلاديمير بوتين تجاوز الحدود.
وقرر أن يحوّل « روسيا بوتين » إلى « دولة منبوذة »!
فجأةً، أعلن الغرب الحرب على « روسيا بوتين »!
فجأةً، تحوّل فلاديمير بوتين من زعيم « مالئ الدنيا » إلى « منبوذ »!
من سيقف مع بوتين إذا استفاق الغرب؟
الصين بدأت بالتخلي عنه منذ اليوم الثاني لغزوة أوكرانيا!
من سيقف معه؟ « بشار الكيمياوي »! وحسن نصرالله! ورئيس حكومة باكستان عمران خان! وكدنا ننسى زعيم كوريا الشمالية، ما إسمه؟ كيم…! وزعيم « الشيشان ».. « قادروف »! يضاف إليهم « صربيا ».. و « هنغاريا » (من تحت الطاولة)!
هل هي محض صدفة أن وزير خارجية إيران « العبد اللهيان » غرّد ليلة السبت أن طهران « تُراجع بشكل جدّي مسودة اتفاق مقترح »، و« نحن مستعدون لانجاز اتفاق بشكل فوري »! بائع السجاد « أحس بالخطر »!
ليطمئن بالاً « العبد اللهيان »! فإسرائيل لن « تتخلّى » عن فلاديمير بوتين طالما لم يعترض على قصفها للحرس الثوري.. و« وكلائه » اللبنانيين والعراقيين.
وكالة « رويترز » نشرت الليلة برقية لمراسلها في « القدس » فيها: « قالت السفارة الروسية يوم السبت إن روسيا تتوقع استمرار تنسيقها العسكري مع إسرائيل بشأن سوريا وذلك بعد أن أبدت موسكو استياءها من التصريحات الإسرائيلية بشأن الأزمة الأوكرانية. »! بكلام آخر، « موسكو مستاءة ».. ولكنها ستواصل « تنسيق » القصف الإسرائيلي على رؤوس الإيرانيين ووكلائهم في سوريا!
الفرصة سانحة لحسن نصرالله! « المقاتل » بـ٤٠٠ دولار و« الناس جائعين »! آلا توجد « جسينية » أو « مقام » في موسكو؟
من يدري، قد تقرّر طهران أن الإستغناء عن خدمات « وكيلها » اللبناني ثمن زهيد لحماية نفسها من الغرب الغاضب؟
ماذا تنتظر ظهران؟
*
إقرأ أيضاً:
حرص « الشفاف » في السنوات الأخيرة على متابعة « إنشقاق » الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن روسيا (حسب المنطق الروسي) أو تحوّلها إلى كنيسة تتمتع بالحكم الذاتي (بمباركة من بطريرك القسطنطينية برثلماوس الذي يتمتع باحترام دولي واسع). في ما يلي مقالات نشرها « الشفاف » حول الجانب الديني في الصراع، وهي برأينا جديرة جداً بالقراءة:
مزحة “كنيسة منقولة جوّاً”!: الكنيسة الروسية تقترح وقف مباركة أسلحة الدمار الشامل!
الكنيسة الارثوذكسية الروسية تعلن قطع علاقاتها مع بطريركية القسطنطينية
ماذا قال، وماذا لم يقل، بطرك روسيا عن التدخل الروسي في سوريا؟
“فلاديمير بوتين الأرثوذكسي: قيصر روما الثالثة المتجدّدة”
الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تقطع علاقاتها مع بابا الأقباط في مصر
هزيمة بوتين: كنيسة أوكرانيا “المستقلة” تحتفل بالميلاد الأرثوذكسي في « كييف »
تتويج رئيس الكنيسة الارثوذكسية الجديدة في أوكرانيا
الكنيسة الارثوذكسية الروسية تعلن قطع علاقاتها مع بطريركية القسطنطينية
الكنيسة الأرثوذكسية العالمية على وشك الإنشقاق!
“فلاديمير بوتين الأرثوذكسي: قيصر روما الثالثة المتجدّدة”
بطريرك موسكو: بطريركية القسطنطينية “إنشقاقية” وغالبية الأرثوذكس معنا!
“سقطت رهاناته… متى يسقط بوتين؟”.. موضوع رائع وجميل ويشفي الكثير من الغليل؛ هذه هي الكتابة التي نحتاجها لكي نرى.. شكرا لك ايها الرائع؛ ولشفاف على تغطيته المتميزة للغزو الروسي الهمجي على اوكرانيا