« الهولوكوست » أو « المحرقة » واحدة من الفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية بقيادة هتلر وأعوانه خلال الحرب العالمية الثانية التي ابتدأت في 1939، وتحديداً مع بداية ترحيل يهود أوروبا بين عامي 1941 حتى 1945 إلى معسكرات الإبادة الجماعية مثل « أوشفيتز–بيركيناو » و« تريبلينكا » و« بلزاك » و« سوبيبور » و«داخاو » وغيرها. وقد وصل عدد تلك المعسكرات إلى 47 معسكراً في كل الدول التى وقعت تحت سيطرة النازيين.
راح ضحية ذلك الإجرام الممنهج حوالي ستة ملايين يهودي بالإضافة لخمسة ملايين إنسان من أعراق أخرى. كانت شهادات الناجين من المحرقة مرعبة، ولم يرووها إلا لشعورهم بالواجب تجاه الذين قتلتهم العنصرية والتمييز العرقي والكراهية والعنف غير المبرر. ولكي نتعلم شيئاً من شجاعة كل هؤلاء الذين ماتوا أو شجاعة الذين نجوا. لكن، لحسن الحظ، يبدو أننا أمام مرحلة جديدة لنشر ثقافة أكثر رحمة تسعى لتقبل الآخر يلهمنا خلالها الضحايا وتصديق شهادات الناجين عنهم.
إن اختيار إحياء ذكرى « الهولوكوست » فى مصر كأول دولة عربية في الشرق الأوسط، هو بالتأكيد بداية نهاية عصر « الإنكار » لدى البعض والإعتراف ببشاعة ما حدث في الحرب العالمية الثانية بحق اليهود والضحايا الآخرين.
فى الرابع والعشرين من يناير الجاري، نشر « روبرت ساتلوف » المدير التنفيذي لـ« معهد واشنطن » عبر حسابه على « تويتر: عدة تغريدات تفيد بأن السفارة الأمريكية فى مصر نظمت ذلك الحدث، بالتعاون مع متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة الأمريكية، في فندق « فور سيزون » القاهرة. وأشار أنه حضر الحدث السفير الأمريكي جوناثان كوهن ومدير البرامج التعليمية الدولية تاد ستانكي. كان على رأس الحضور من الجانب المصري غير الحكومي السيدة ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية المصرية ومينا عبد الملاك مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعدد آخر من الحضور المهتمين.
مصر الأولى في توقيع إتفاقية سلام مع إسرائيل، والأولى عربياً في إحياء ذكرى الهولوكوست!
فى عام 2005 صدر القرار 7/60 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بإحياء ذكرى المحرقة دولياً، وبالفعل، منذ ذلك العام تحيي تلك الذكرى المؤلمة جميع الدول الأوروبية وأمريكا، لكن لم يسبق أن تم إحياؤها في أي دولة عربية. كانت مصر أول دولة يُقام بها ذلك الحدث، ولحقتها الإمارات العربية المتحدة؛ ويبدو كأن ربيع الإتفاقيات الإبراهيمية الدافئ يعمم ثقافة السلام ونبذ الكراهية في المنطقة ككل.
يقول ألبير كامو “كل شئ يبدأ بالوعي، ولا قيمة لشئ من دونه.”
قد تكون هذه الخطوة الجريئة بمثابة بداية لوضع حجر الأساس لإماطة القصور المعرفي عن جزء مهم من التاريخ اليهودي، والتوعية به داخل المجتمعات العربية. ومحاولة لترسيخ مبدأ السلام الشعبي فى إحدى المجتمعات التى لم تحظ بداخلها إتفاقية السلام بشعبية واسعة. كما أنها خطوة بناءة للتوعية بأن السلام ونبذ الكراهية والعنصرية في صالح الجميع، أما الحرب، كما وصفها الكاتب والفيلسوف الفرنسي « بول فاليري »’، فهي لصالح مجموعة من الأشرار الذين يعرفون بعضهم البعض جيداً ولا يذبحون بعضهم البعض.
نأمل في السنوات القادمة أن تتشجع أيضاً السفارات الأوروبية في المشاركة في إحياء ذكري الهولوكوست داخل مصر مثلما تُحييها خارجها، ودعوة أفراد من الحكومة المصرية للمشاركة والكثير من الأكاديميين والشباب. وأن يتم التعويل على قوة تأثير الفن المرئي والمسموع في نشر ثقافة التسامح والتعايش والتكاتف من أجل التصدي لأي شكل من أشكال الإرهاب. وليكن ذلك صوتاً صارخاً يقول « لن يحدث ابداً مرة أخرى »!
السلام الشعبي المفقود بين مصر وإسرائيل: أسبابه ومدى تأثير مُتغيّرات المنطقة في استعادته
لكِ مني كل التقدير سمادار على مجهوداتك من أجل السلام. أشكرك. تحياتي!
كل الاحترام لكاتبة المقالة!