(الصورة: لقي أكثر من 90 شخصا حتفهم بعد اندلاع حريق في جناح عزل فيروس كورونا في مستشفى بمدينة الناصرية العراقية)
ليس للأوهام التي تحاول إيران نسجها عن انتصارات إلهية في المنطقة، بدءاً من لبنان مروراً بالعراق واليمن وسورية أي معنى. إذ عندما تشرق الشمس ستظهر الحقيقة، بكل بشاعتها، لما ارتكبته تلك الدولة المارقة ليس في الإقليم فقط، بل أيضاً في الداخل الإيراني من جرائم.
لهذا فإن محاولتها إيهام العراقيين، وكذلك الإيرانيين، أن الانسحاب العسكري الأميركي من العراق كان بفعل الضربات التي وجهتها العصابات الطائفية المدعومة منها إلى تلك القوات، متناسية كالعادة، أن ذلك الانسحاب مبرمج منذ العام 2011، ولولا أن طهران لم تساعد “داعش” لكان نُفذ منذ سنوات.
هذا المشهد منسوخ تماماً عما حاولته في لبنان في العام 2000 حين صورت الانسحاب الإسرائيلي منه اندحاراً بفعل تأثير ضربات العصابة المدعومة منها لتعلن انتصاراً موهوماً على ركام هزيمة نكراء لمشروعها في الإقليم.
كذلك حاول نظام الملالي استثمار حربه على إسرائيل انطلاقاً من لبنان العام 2006، ليخرج حينذاك زعيم عصابة”حزب الله” حسن نصرالله بعد 33 يومياً من القتل والدمار معلناً انتصاره الإلهي، ولاعباً على وتر حماسة الناس وعطشها إلى أي انتصار على إسرائيل بعد تاريخ طويل من الهزائم، غير عابئ بالدمار الهائل الذي حل بلبنان من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وآلاف الجرحى والقتلى.
استناداً إلى هذه الحقيقة لم يكن مستغرباً إصدار قادة الحرس الثوري أوامرهم الى الميليشيات الطائفية لتصعيد هجماتها ضد القوات الأميركية، فهؤلاء يبحثون عن أي شيء كي يستثمروا فيه المزيد من التضليل، داخلياً وإقليمياً، من أجل إطالة أمد وجودهم في العراق، كما يصورون أن أكبر قوة عسكرية في العالم لم تستطع الصمود أمام صواريخ هي أقرب إلى الألعاب النارية منها إلى الأسلحة التي يمكن أن تهزم هذه القوة الكبيرة، فيما يتناسون أن حاجة الولايات المتحدة إلى الوجود العسكري المكثف قد استنفدت بعد هزيمة “داعش”.
من هذا المنطلق يمكن قراءة الاعتداءات الميليشياوية الطائفية ليس على مصالح واشنطن وقواتها فقط، بل أيضا على المنشآت المدنية والصحية، لأن هذه العصابات تحاول أن تضرب عصفورين بحجر واحد، أحدهم التضليل بالانتصار، وثانيهم محاولة إخفاء كل الإدلة التي تدينهم في ما يتعلق بالنهب الممنهج وإفقار وتجويع العراقيين، إضافة إلى استخدام هذا البلد العظيم حديقة خلفية للإرهاب الإيراني.
لكن كما هي الحال في كل الدول التي عاثت فيها إيران تخريباً وفساداً لن تنطلي هذه الأكاذيب على العراقيين، فالرهان على تناسي الشعوب مآسيها برمي فتات انتصارات وهمية لن تخمد بركان الغضب الذي يتأجج تحت رماد الأزمة المعيشية الخانقة التي أوصلت تلك العصابات العميلة العراقيين إليها.
ولنا في دماء الإيرانيين الأبرياء الذين أعدمهم نظام الملالي طوال أربعين عاماً بحجة تآمرهم على الحكم خير دليل، فتلك الدماء لا تزال تلاحق قادة نظام الملالي حتى في كوابيسهم.
جريدة « السياسة » الكويتية