لا شكَّ أنَّ ما يجري في القدس والمسجد الأقصى وغزة والمدن الفلسطينية المُحتلة، مرفوضٌ ومُدانٌ على المستويات كافة. لكن السؤال الذي على الفلسطينيين أنفسهم الإجابة عنه: ماذا فعلتم لبلدكم؟ وماذا قدَّم لكم ما يُسمى “محور الممانعة” الذي يُطلق الشعارات والتهديدات الخلبية منذ 40 عاماً عن تحرير فلسطين، والصلاة بالمسجد الأقصى، فيما هو يرتكب المجازر في العراق وسورية واليمن؟
أليست إيران موجودة اليوم على الحدود السورية– الإسرائيلية؟ فلماذا لم تدك بصواريخها تل أبيب، وحيفا ويافا، وأشدود، وغيرها من المناطق الإسرائيلية، بدلاً من أن تقصف بها الأماكن المُقدسة في مكة والمدينة المنورة، أم أنها تكتفي بالاحتفال بما يُسمى “يوم القدس” عبر استعراضات عسكرية؟
قبل أسبوع قال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي: “إن الضربة الأولى للكيان الصهيوني يُمكن أن تكون الأخيرة، حيث يُمكن تدميرُهُ بعملية واحدة”، أليست الفرصة مُتاحة اليوم لتضرب قواته تلك الضربة، فلماذا لا تُقدم عليها؟
منذ بدأت أحداث المسجد الأقصى، وقصف “حماس” و”الجهاد” إسرائيل بالصواريخ، تنطَّع كثيرٌ من الفلسطينيين لمُهاجهة السعودية والإمارات ودول الخليج العربية، وتحميلها المسؤولية عن ذلك. ورغم أننا لا نفهم كيف جرى الربط بين الحديث، نقول: منذ اللحظة الأولى أعلنت هذه الدول إدانتها المُمارسات الإسرائيلية، واحتجت لدى المحافل الدولية، ودعت إلى موقف عربي موحد، وكذلك أعلنت استعدادها لدعم الفلسطينيين، فلماذا هذا الموقف الجاحد؟
يعرف الجميع في المنطقة أن ميزان القوى يميل إلى مصلحة إسرائيل، دولياً، وأن الولايات المتحدة الأميركية تقف خلفها بقوة، وتُقدِّم لها كلَّ الدعم، بل حتى الأمم المتحدة، فهل يعتقد هؤلاء أن شتم الإمارات والسعودية وقادتهما سيُحرِّر فلسطين؟
أليست السلطة الوطنية تنسق أمنياً مع تل أبيب، ويجتمع الوزراء والمسؤولون الفلسطينيون يومياً معهم؟ أليست “حماس” تعقد اجتماعات سرية مع “الشين بيت”؟ فلماذا هذا الحَوَل السياسي في النظرة إلى الدول العربية؟
لا نخطئ في قولنا إن الفلسطينيين أفشل محامٍ لقضية عادلة، وهم محترفون بخسارة الأشقاء والداعمين والأصدقاء، فالذين يتحدثون عن تحرير فلسطين ببضعة صواريخ يرشقونها على الأراضي الإسرائيلية، يقبضون رواتبهم بالشيكل، وكل موادهم الغذائية من المستوطنات التي بنوها بأيديهم، فكيف تستقيم المعادلة عند هؤلاء: بالعمل لدى المحتل والعيش من أمواله، ومن ثم زعم النضال من أجل التحرير؟
كان واضحاً منذ العام 1969، عندما أحرق الأسترالي اليهودي مايكل روهان المسجد الأقصى، ولم يتحرَّك أبناء الأرض للدفاع عنه، أن الفلسطينيين لا يريدون تحرير بلدهم، ولقد صدقت غولدا مائير بقولها يومذاك: “لم أَنَمْ ليلتها وأنا أتخيَّل أنَّ العرب سيدخلون فلسطين أفواجاً من كلِّ صوب، لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء، أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة”.
طوال 50 عاماً لم يتحرَّك الفلسطينيون خطوة باتجاه وطنهم وأرضهم، حتى التسوية التي وافقوا عليها وأعطتهم سلطة وطنية كانت بضغط من دول الخليج، والسعودية تحديداً، ولقد قبلوا بالفتات، فيما كانوا يستطيعون إعلان النفير العام والهجوم على الإسرائيليين بالحجارة وتحرير بلدهم، إذ لن يستطيع الجيش الإسرائيلي قتل نحو ثمانية ملايين فلسطيني، لكن هؤلاء يريدون فقط الحصول على الأموال من خلال مُتاجرتهم بالقضية عبر شتم العرب، ولهذا عليهم الآن أن يقلعوا شَوْكَهُم بأيديهم، ولتساعدهم بذلك إيران التي تحتل جزر الإمارات، وتبيد العرب في العراق وسورية؛ لأنها ترى أن الطريق إلى القدس تُشَقُّ بدماء شعوب هذه الدول؟