تعكس الاحتجاجات التي تجري في مدينة طرابلس هذه الايام، حقيقة الصراع الدائر في البلاد، بين قصر بعبدا من جهة و« بيت الوسط » من جهة ثانية.
وعلى جري العادة، دخل المستثمرون واصحاب المصالح على خط الخلاف بين الرئيسين عون والحريري، فتحولت المدينة الى ساحة صراع بين « الاجهزة الامنية » على اختلافها.
اعمال الشغب اندلعت على خلفية قرار اقفال البلاد في مواجهة جائحة كورونا، في بلاد ترزح تحت وطأة ضائقة اقتصادية خانقة، وفي ظل عجز الدولة عن تأمين بدائل للمواطنين تقيهم شر الجلوس في المنزل دون عمل ولا مدخول اقتصادي.
في الظاهر، الضائقة الاقتصادية هي سبب الإنفجار!
أما السبب غير المعلن فهو الصراع الخفي بين جهاز مخابرات الجيش الذي يحركه القصر الجمهوري، والذي سخّر عددا من فقراء المدينة، عبر « مساعدة » الاربعمئة الف ليرة لبنانية التي تُدفع شهريا للعائلات الفقيرة! فباشر ازلامه بالهجوم على مقرات تابعة لـ« شعبة المعلومات » وقوى الامن الداخلي، المحسوبين على تيار المستقبل والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري. وهذا عدا مخفر وسجن القبه والسرايا.
وليس غريبا ان الجيش اللبناني وقف على مداخل ساحة عبد الحميد كرامي، يتفرج على محتجين ومشاغبين يطلقون قنابل يدوية على قوى مكافحة الشغب التابعة لقوى الامن الداخلي، ويسقط من بينهم تسعة جرحى من بينهم ثلاثة ضباط، حالة احدهم حرجة. في حين القى مشاغبون قنابل يدوية على مخفر وسجن القبة شرق المدينة ما ادى الى سقوط ثلاثة جرحى في صفوف قوى الامن. كما قام مشاغبون باحراق مركز « شعبة المعلومات » في المدينة.
تزامناً، وللغرابة، وفي مدينة تمثل ثكنة عسكرية، حيث يرابض عناصر الجيش على مفارق ومفاصل المدينة الرئيسية، فإن سيارات مسلحة تجوب الشوارع، وتطلق الرصاص في الهواء.
قوى الامن ردت باطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين والمشاغبين، ما ادى الى سقوط جرحى في صفوفهم. وبعد ارتفاع عدد المصابين في صفوف الجانبين، بادرت قوى الجيش الى التدخل، ومؤازرة قوى الامن في تفريق المتظاهرين.
وعلى خط الخلاف بين « الاجهزة »، دخل كل من بهاء الحريري، عبر ما يسمى “المنتدى” المدعوم منه، حيث سجل شهود عيان عجقة منتدين، يدخلون ويخرجون الى مراكز « المنتدى“، خلال الايام الثلاثة الماضية. كما دخل النائب فيصل كرامي على الخط، وشارك انصاره في اعمال الشغب، وأيضاً، دخل انصار وزير العدل السابق اشرف ريفي على خط الاحتجاجات، فاصبح الشارع خلطة غريبة لا تمت الى اهل المدينة بصلة!
وتشر المعلومات الى ان المدعو « سيف الدين الحسامي »، الذي يدعي انه من قادة الحراك الشعبي وثورة 17 تشرين، يعمل على تزويد عدد من الذين يدورون في فلكه بالسلاح مدعوما من مخابرات الجيش! علما ان الحسامي كان عميلا لمخابرات نظام الاسد، قبل ان يلتحق بما يسمى “امير حركة التوحيد” في منطقة « الميناء »، المدعو « هاشم منقاره »، ليعلن لاحقا انشقاقه عن « منقاره“، وليظهر من جديد على الساحة الطرابلسية، ويتجول مع مواكبة مؤلفة من اربع سيارات، محشوة مرافقين مدججين بالسلاح.
« الحسامي »، خلال الايام الثلاثة الماضية، نشر عددا من المسلحين، عند المدخل الشمالي للمدينة في محلة “باب الرمل“، تحت اعين الجيش وانظار مخبريه.
من المرتقب ان تعمل قوى الجيش اللبناني على تهدئة الاوضاع في المدينة ليل اليوم، ولكن طرابلس على موعد مع حلقة جديدة من مسلسل تبادل الرسائل بين الاجهزة الامنية وقادتها الموالين لهذه الجهة او تلك.
معلومات تحدثت عن ان فرقة من الحرس الجمهوري التي تأتمر مباشرة باوامر من القصر الرئاسي، وليس بأوامر قيادة الجيش (حسب تقليد « استحدثه » الرئيس الأسبق إميل لحّود في زمن قيادة ميشال سليمان للجيش) توجهت ليل اليوم الى طرابلس؟