كنت اتمنى على صاحب المقدمة ان يكون اكثر دقة في وصفه للأمور ، وبالسياق سأوضح بعض النقاط التي اصبحت خطأ « شائعا »:
– لم يتبقّ احد في هذه الجمهورية البائسة إلا وعابَ على « القوات اللبنانية » عدمَ المبادرة للمصالحة مع ميشال عون، اكان ذلك من الحلفاء او الخصوم. وساد الرأي ان « القوات »، وهي الأقل تمثيلاً، عليها ان تبادر الى المصالحة. وحتى المجتمع المسيحي برمته، من سياسيين، اكليروس، اقطاعيين، رجال اعمال وغيرهم، كانوا في اوركسترا واحدة يعزفون نشيد المصالحة بالضرب على وتر “شو ناطرين القوات ما بيتصالحوا مع عون”!!!!!
– نعم، كانت القوات مع “القانون الارثوذكسي”، وحاولت جاهدة تمريره عبر القنوات القانونية اي مجلس النواب، لكنها اصطدمت بعقبة “الكتلة الميزان” التي كانت رافضة لهذا القانون. وبالتالي، لن يمر ولو بعد قرن من الزمن. وبذلك نبقى على القانون الانتخابي القديم الذي اكثر من نصف نوابه المسيحيين ينتخبهم المسلمون.
– نعم، ذهبت القوات الى القانون الاقرب الذي يوصل اكبر عدد ممكن من النواب المسيحيين بأصوات المقترعين من ابناء جلدتهم، وبقليل من الجهد الحسابي نصل بسهولة الى اكثرية نيابية سيادية جديدة.
– للأسف، انقسم السياديون على انفسهم. فلم يشأ تيار الحريري التعاون مع « القوات »، وخسرا بذلك سبعة نواب في اقل تقدير. اما السياديون المنفردون، فقد اعتقد البعض منهم انه حيثية بحد ذاته ولا حاجة له للتحالف مع الاحزاب التقليدية السيادية. والبعض الاخر باع السيادة بحفنة من الوعود والعهود. وبذلك خسر المعسكر السيادي الأكترية.
– غني عن القول ان هذا النظام النسبي، ولاول مرة، يساهم بوصول اكبر عدد من النواب المسيحيين بأصوات المسيحيين.
– بالإضافة الى ان المشاركة الشبابية لم تكن على المستوى المطلوب، وها هم الشباب اياهم اليوم يدفعون ضريبة عدم مشاركتهم في الأنتخابات الاخيرة. والأنكى انهم أبلوا اللبنانيين جميعاً بسوء تقديرهم للامور عبر عدم مشاركتهم.
ولنعد الأن الى الجزء الاول، اي المصالحة المسيحية – المسيحية و « اتفاقية معراب ».
أنهما موضوعان منفصلان.
فالمصالحة بدأت قبل موضوع الانتخابات الرسمية ولم تكن ابداً رسم خريطة طريق للمعركة الأنتخابية، اقله من ناحية « القوات اللبنانية » التي تعاملت مع الامر من ناحية وجدانية لا اكثر ولا اقل.
اما موضوع الاتفاقية، فقد أتت على وقع طبول الشر ومقولة « عون رئيس او لا احد »، وبعد عشرات الجلسات النيابية من غير طائل، والتأكد من ان فرنجية لن يمر ولم يبلع حزب الله اتفاق فرنجية – حريري. وعليه حاولت « القوات » التوصل الى اتفاق مسيحي. وكان من الجيد ان يُنَفَّذ عشرة بالمئة منه! فعون واصل واصل، وفرنجية لن يصل! اذاً، مع او بدون « « القوات »، فإن عون سيصبح رئيساً، فلم لا تحاول « القوات » ان تبرم هذه الاتفاقية ،على امل تحقيق ولو القليل منها. فالكحل احلى من العمى…
– واخيراً، ماذا كان ليحصل لو عطّلت « القوات » اجراء الجلسة الإنتخابية للرئيس، او منعت وصول عون الى الرئاسة، ووصل الوضع الى ما وصل عليه اليوم ؟
بعلم المنطق السياسي، اقلّه:
* كانت « القوات » متهمة انها هي من اوصلت لبنان الى ما وصل اليه اليوم بمنعها « الرئيس القوي » من الوصول الى موقع الرئاسة.
* وان السرقة والنهب والفساد كانوا قد توقفوا، لأن عون كان سيطبق برنامجه الاصلاحي!
* كان الصهر باسيل، بعد عون او بوجوده، قد اعتلى عرش زعامة مملكة محاربة الفساد، الاصلاح والتغيير.
لمرة واحدة، واحدة لا غير، ارجو ان يستيقظ غضافر لبنان ويعوا ماذا فعلوا، وما هم مُقدمون على فِعله.