انهى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري استشاراته النيابية غير الملزمة، ومن المرتقب ان ينطلق قطار التشكيل الذي أعرب الحريري عن امله في ان لا يتجاوز الايام العشرة!
إذا نجح الخريري في مهمته هذه يكون حقق انجازا غير مسبوق منذ العام 2005 (الذي «يصادف» سنة اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري!) بتشكيل حكومة كان يأخذ تشكيلها أسابيع وأشهرعدة، امتدت مع حكومة الرئيس تمام سلام الى أحدى عشر شهرا.
الحريري، وللمرة الاولى، يكلف تشكيل الحكومة بأغلبية ضعيفة بعد ان انفرط عقد تحالف قوى الرابع عشر من آذار، وبعد ان خسر أكثر من عشرة نواب من كتلته النيابية ومن المستقلين الذين كانوا يتحالفون معه في كتلة “لبنان اولا“.
ابرز الذين امتنعوا عن تسمية الحريري، كانت كتلة القوات اللبنانية، بحجة ان الحريري لن يستطيع تشكيل “حكومة مهمة“، من اختصاصيين مستقلين، وانه سيرضح في النهاية لشروط الثنائي الشيعي وسوف يعطي الثنائي احقية تسمية الوزراء الشيعة، خصوصا في وزارة المال، وانه ايضا سيعطي الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط احقية تسمية الوزير او الوزراء الدروز، في حين انه هو من سيسمي الوزراء المسيحيين، وسائر ممثلي الطوائف في مجلس الوزراء، علما ان حزب القوات اللبنانية كان اعلن عن انه لن يشارك في اي حكومة.
جعجغ لا يطلب سوى.. الرئاسة وقانون الإنتخابات الحالي واحتكار المسيحيين!
المعلومات تشير الى ان القوات اللبنانية، تتحفظ على تسمية الحريري لاسباب لا تتصل بشكل الحكومة، ولا بتسمية وزرائها، بل لتباين في وجهات النظر بين رئيس القوات سمير جعجع، والرئيس سعد الحريري، حيث يشترط جعجع على الحريري ان بتبنى ترشيحه لرئاسة الجمهورية، خلفا للرئيس الحالي ميشال عون، وان يمتنع عن القيام باي « تسوية رئاسية »، وان يمتنع الحريري ايضا عن الاتصال باي جهة مسيحية، الا عبر حزب القوات اللبنانية!!
وتشير المعلومات الى ان الحريري لا يمانع وصول جعجع الى الرئاسة الاولى، إلا أن يدرك ايضا ان هذا الامر سابق لاوانه. لأن عون متمترس في بعبدا حتى اليوم الاخير من ولابته، اي زهاء سنتين ونيف، وان الامور الرئاسية لا يمكن حسمها من اليوم، كما ان جعجع لا يستطبع تقييد الحريري وتكبيل حركته المسيحية.
تزامناً، يعتبر حزب القوات اللبنانية ان الحل للخروج من الازمة الراهنة يكمن في الانتخابات النيابية المبكرة. مصادر الحريري ترد ان هناك استحالة اليوم لانتخابات نيابية مبكرة، إضاقة الى ان الحريري يريد تغيير القانون الحالي، الذي افقده ثلث كتلته النيابية ويعتبره مخالفا لنص اتفاق الطائف وروحه، في حين يصر جعجع على اعتماد القانون الحالي، وفي حسابات جعجع ان هذا القانون الإنتخابي سيعطيه اغلبية نيابية مسيحية تسمح له بالوصول الى كرسي الرئاسة.
باسيل يريد أن « يربّي الحريري »!
الكتلة النيابية الثانية التي احجمت عن تسمية الحريري، هي كتلة التيار العوني، وحجتها ان الرئيس الحريري لا يمكنه ترؤس جكومة اختصاصيين مستقلين لانه غير مستقل، وان وجوده على رأس الحكومة يتعارض مع المبادرة الفرنسية التي تنص على حكومة اخصائيين. فضلا عن الرئيس عون قال في كلمة الى اللبنانيين، عشية تجرعه كأس سم تكليف الحريري، إن الاخير لا يستطيع الخروج بالبلاد من الازمة الراهنة، لان عون جرّبه سابقا!
المعلومات تشير هنا الى ان الرئيس انحاز على جري عادته لصهره الوزير المدلل « باسيل »، حيث ان الحريري تجاهل الاتصال به، وحصر اتصالاته التي سبقت الترشيح بالرئيسين عون وبري، واوفد من يمثله للقاء سائر الكتل النيابية. كذلك، لان باسيل يريد ان « يلقن الحريري درساً »، مفاده انه هو، أي باسيل، من يسمح للحريري بترؤس الحكومة، وأنه هو من يشكلها نيابية عن عمه الرئيس الهرِم، وتاليا ان على الحريري ان يستشير باسيل في تسمية الوزراء المسيحيين، الامر الذي يرفضه الحريري جملة وتفصيلا!
لذلك امتنعت كتلة التيار العوني عن تسمية الحريري.
مصادر المستقبل ترد على مزاعم باسيل باختصاص واستقلال رئيس الحكومة، بالقول، إن رئيس الجمهورية ليس مستقلا، ولا رئيس المجلس النيابي، وانكم، انتم المسيحيين، من اخترع بدعة « القوي في طائفته يكون ممثلا لها في السلطة »! فالحريري هو الاقوى سنّيا كونه يترأس اكبر كتلة نيابية سنّية، وهو تاليا الاولى بترؤس الحكومة، وان مسألة « الاستقلالية » و»الاختصاص » لا تسري عليه- اسوة بالرئيسين عون وبري.
المعلومات والتصاريح العلنية تشير الى ان الرئيس الحريري مصر على تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، وان اكثر من يمكن له ان يقدمه هو وزير شيعي مستقل غير حزبي للمالية، فقط لا غير، وانه سيسمي ذلك الوزير بالإتفاق مع الرئيس عون، شريكه الدستوري في تشكيل الحكومة.
هل سينجح الحريري حيث أخفق سلفه السفير مصطفى أديب؟
معلومات « الشفاف » تشير الى ان الحريري يحظى بدعم دولي، فرنسي-اميركي-روسي، وهو يعتمد على هذا الدعم لتشكيل “حكومة المهمة”معطيا لنفسه فرصة ستة أشهر لوضع البلاد على طريق تجميد الاهيار والشروع في ورشة الاصلاحات، برعاية دولية ومتابعة ومواكبة فرنسية.