عاد تشكيل حكومة لبنانية خلفا لحكومة حسان دياب المستقيلة الى المربع الاول، بعد تجميد مسعى الرئيس الاسبق سعد الحريري، لاعادة بث الروح بالمبادرة الفرنسية، على قاعدة تشكيل حكومة “مهمة” لمدة ستة اشهر. وستتألف الحكومة المأمولة من اختصاصيين مستقلين يعملون على وقف الانهيار الاقتصادي الحاصل، والبدء بورشة اصلاحات في مؤسسات الدولة واولها مؤسسة كهرباء لبنان، ومن ثم القطاع المصرفي والمصرف المركزي.
الحريري كان سيُكلف يوم آمس الخميس بتشكيل هكذا حكومة، إلا أن قصر بعبدا اصدر بيانا، ساعات قبل بدء الاستشارات النيابية الملزمة، أعلن فيه عن إرجاء الاستشارات مدة اسبوع، لمزيد من المشاورات، بحجة ان بعض الكتل النيابية غير موافقة على تسمية الحريري.
الكتل غير الموافقة انحصرت بكتلتي حزب « القوات اللبنانية » و »التيار » العوني، في حين اعلن كل من حزب الله وحركة امل والحزب الاشتراكي وكتلة المستقبل النيابية وعدد من النواب المستقلين وتيار المرده تأييدهم تسمية الحريري، ما يعطيه ارجحية تفوق 70 صوتا من اصل 128 عدد النواب في المجس اللبناني.
تأجيل الرئيس عون للاستشارات يعود الى جملة اسباب لا علاقة لها لا بالدستور ولا بالاعراف بل بسياسات كيدية وحسابات ضيقة، من جهة، وبتهديدات حزب الله من جهة ثانية.
في الاسباب المباشرة، نقلت معلومات ان مسؤولا في حزب الله اتصل بالرئيس عون طالبا منه تأجيل الاستشارات، لأن الحزب لم يحصل بعد من الرئيس الحريري على ضمانة بموافقته على قيام ثنائي امل حزب الله بتسمية الوزراء الشيعة والحقائب التي سيتولونها.
وتضيف المعلومات ان الحزب سنتظر نتائج زيارة اللواء عباس ابراهيم الرسمية الى الولايات المتحدة ليبني على نتائجها المقتضى بمعزل عن حسابات الدولة اللبنانية.
وتشير المعلومات انه، وفوق كل ذلك، لم يصل الضوء الاخضر من طهران بعد للسماح بتشكيل الحكومة اللبنانية، وان هذا الضوء لن يأتي قبل معرفة نتائج الانتخابات الاميركية في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل! خصوصا ان طهران سمحت ببدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وفق الشروط الاميركية، بما يحقق مصلحة نفطية لكل من لبنان واسرائيل، وان هذا كاف في الوقت الحالي، ومن المبكر الحديث عن تشكيل حكومة في لبنان.
وفي الاسباب المتصلة بالحسابات الصغيرة ان الرئيس عون أرجأ الاستشارات بناء لطلب صهره الوزير باسيل، الذي اعترض على عدم اتصال الرئيس الحريري به مباشرة، واستعاض عن ذلك بايفاد مندوبين من كتلته النيابية للاتصال بفرقاء طاولة “قصر الصنوبر” الذين التقاهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في “ٌقصر الصنوبر، في بيروت عقب انفجار المرفأ، ليستطلع ما إذا كانوا على موقفهم المؤيد لمبادرة الرئيس ماكرون.
الحريري التقى لهذه الغاية الرئيسين عون وبري، وارسل وفدا من نواب كتلته للقاء سائر الاحزاب، الامر الذي اثار حفيظة باسيل، الذي اعترض على عدم اتصال الحريري به شخصيا، فطلب من عمه إرجاء الاستشارات، خصوصا بعد ان تبين ان الحريري سيكلف بأغلبية تتجاوز السبعين نائبا، ما يعني تشكيل حكومة لا يكون لباسيل اي يد فيها.