من الضروري نزع سلاح حزب الله القادر على ترويع المعارضين السياسيين اللبنانيين وعلى اغتيالهم كما يشاء وبدون عواقب!
في عريضة جماعية نشرتها جريدة « الفيغارو »، تطلب ٢٧ شخصية بارزة من الرئيس ماكرون أن تصنّف فرنسا حزب الله « منظمة إرهابية » وأن تدعو الإتحاد الأوروبي لأن يحذو حذوها. وتقول العريضة أنه ما لم تصدر مثل هذه العلامة على الحزم فإن استعادة لبنان لسيادته لن تكون ممكنة. في ما يلي نصّ العريضة (يمكن مطالعة الأصل الفرنسي على صفحة « الشفاف » الفرنسية هنا):
بعد الإنفجار الذي أودى بحياة قرابة ٢٠٠ شخص وألحق إصابات وتشوّهات بألوف الأشخاص ، وفي حين ما زال وسط بيروت المدمّر يبحث عن مفقوديه، وفي حين يقوم صندوق النقد الدولي بإعداد خطة لإنقاذ لبنان، فإنه يبدو لنا أن الدعم المالي الوحيد المرجو للدول اللبنانية ينبغي أن يكون مرتبطاً بعدد من الشروط السياسية.
ومنذ شهر تموز/يوليو الماضي، حينما قام وزير الخارجية جان-إيف لو دريان بزيارة بلاد الأرز، فقد بدا واضحاً أنه لا مفرّ من تقديم دعم كبير جداً للبنان. ومن جهتهم، أعرب المواطنون اللبنانيون، منذ خريف ٢٠١٩، عن نفاذ صبرهم في مظاهرات كبيرة كان شعارها « كلّن يعني كلّن ». والواقع أن المستوى المرعب للفساد الذي ينخر مؤسسات البلاد، ومعها الطبقة السياسية اللبنانية، هو المسؤول إلى درجة كبيرة عن سوء الإدارة الشامل.
إن أية بادرات تضامن خارجي لن توفّر دعماً حقيقياً وفعالاً للبنان ما لم تسبقها عملية تقويم وتطهير عميق للدولة اللبنانية. وبناء عليه، ينبغي ربط المساعدات بالإصلاحات، ولكن أيضاً بالإحترام الوافي والتام للقانون الدولي.
فالحقيقة هي أن حزب الله يمارس قدرة الإزعاج التي يملكها في لبنان بصورة متزايدة وبلا تكلّف، في حين أنه يشكل خطراً على الأمن الإقليمي، والأوروبي، والدولي. وباعترافه العلني هو نفسه، فقد نجح حزب الله في غضون عشرين سنة المنصرمة في خلق دولة ضمن الدولة اللبنانية وفي الحلول محل الجيش اللبناني. علاوة على ذلك، يتدخّل حزب الله في سوريا نيابةً عن النظام الإيراني الذي يوفّر له التمويل، ودفاعاً عن نظام الأسد الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية، وهذا في حين يواصل ارتكاب عمليات إرهابية في أوروبا وفي أنحاء أخرى من العالم.,
في ساعة الحقيقة بالنسبة للبنان، بات لزاماً على المجتمع الدولي أن يعترف بأن إعادة إعمار لبنان تصطدم بمشكلة رئيسية هي حزب الله. إن الهيمنة التي يمارسها حزب الله على المشهد السياسي اللبناني تشلّ أية إمكانية لانتقال سياسي عميق.
وإذا كان صحيحاً أن حزب الله ليس المسؤول الوحيد عن النظام الإقتصادي اللبناني العاجز، فقد تحوّل هذا الحزب إلى كفيله الأخير. إن المجموعات الحاكمة الرئيسية تعارض الإصلاحات، في حين أن الوضع المسلّح لحزب الله، القادر على ترويع المعارضين السياسيين اللبنانيين وعلى اغتيالهم كما يشاء وبدون عواقب، وضع باستمرار حدوداً للشفافية والمسؤولية وحالَ، بصورة أساسية، دون سيادة دولة القانون.
إن حزب الله فاعل ذو مطامح إقليمية، تشتق قوّته وموارده من الخارج، وخصوصاً من إيران. وتحولُ وضعية التبعية التي تعيشها البلاد ضد أية إرادة لتحقيق استقلال لبنان وحياده.
وبناءً عليه، نطالب رئيس الجمهورية الفرنسية بأن تتوقّف فرنسا عن الحؤول دون تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من جانب الإتحاد الأوروبي. ولا يعني ذلك تدخّلاً خارجياً- فمفتاح الحلّ السياسي في لبنان يظل حتماً في أيدي اللبنانيين- بل يتعلق بالكفاح الذي يخوضه العالم ضد الإرهاب.
علاوة على ما سبق، وكما طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونية غوتيريس، فمن الضروري وبدون تحفظ نزع سلاح هذا الحزب بناء على القرار رقم ٢٥٥٩ الصادر في العام ٢٠٠٤ (وكذلك بناء على مقررات مؤتمر الطائف العربي في العام ١٩٨٩، التي تحظر وجود أية ميليشا مسلحة). وقد ذكّر السيد غوتيريس بأن « إنتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، مضافاً إليه وجود ميليشيات مسلحة، ما يزال يعرض أمن لبنان واستقراره للخطر. إن استمرار حيازة حزب الله لوسائط عسكرية كبيرة جداً ومتقدمة، وغير خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية، أمر يثير قلقاً بالغاً ».
لقد أقدمت الولايات المتحدة، ودول الخليج، وكذلك هولندا، وألمانيا، وبريطانيا، وليتوانيا على تصنيف حزب الله وفقاً لما يستحق وهو: منظمة إرهابية. وفي ساعة الحقيقة بالنسبة للبنان، فإن ذلك يمثّل فرصةً لفرنسا لكي تشيّد موقفاً أوروبيا مشتركاً.