*يوم القدس يصادف غدا الجمعة
*الكاتب أحمد زيد آبادي إيراني، من مواليد ١٩٦٦،نادر الشجاعة، دخل السجن مراراً لعدة سنوات بسبب دفاعه عن حرية التعبير، ومُنح جائزة اليونسكو/ غيرمو كانو العالمية لحرية الصحافة في سنة ٢٠١١، وكان حينها يقضي حكماً بالسجن لمدة ٥ سنوات لمشاركته في احتجاجات “الثورة الخضراء” ضد تزوير انتخابات الرئاسة لصالح أحمدي نجاد في ٢٠٠٩.
*
ترجمة – “شفاف”
لأول مرة منذ عقود، لن يتم تنظيم تظاهرة “يوم القدس العالمي” هذا العام في إيران كما جرى من قبل.
بعد كل هذه السنوات، من الضروري للمؤسسات والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية أن يجيبوا ولمرة واحدة على السؤال الساذج، من دون غضب وتوجيه اتهامات وإثارة للقضايا: إلى أي مدى ساعدت تلك التظاهرة الفلسطينيين، وساهمت في تغيير ظروفهم في الساحات المحلية والإقليمية والدولية؟
يبدو أن لدى العرب مثلًا يقول: “الإفراط له تأثير معاكس”! ألم ينطبق هذا المثل على موقف الجمهورية الإسلامية من القضية الفلسطينية؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا اليوم، حتى في بلادنا (إيران)، هناك جزء كبير من الرأي العام ليس فقط غير مبالٍ بالقضية الفلسطينية، بل يعزو مشاكله إلى الفلسطينيين الذين يخضعون لاحتلال ونزوح؟
بالطبع، أختلف بشدة مع المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى إنشاء دولة ذات طابع ديني عرقي، وأنا أعتبر ذلك مخالفا للمبادئ الأساسية لطبيعة الدولة القومية والحقوق المتساوية للمواطنين في العصر الحديث، ولكن، في نفس الوقت، أنا لست ضد وجود دولة ذات غالبية يهودية مع ضمان الحقوق المتساوية للمواطنين غير اليهود. وانطلاقا من وجهة النظر هذه، لا علاقة لي بالسياسة الرسمية للجمهورية الإسلامية ازاء أزمة الشرق الأوسط.
تدعو هذا الرؤية إلى ضرورة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأحكام محكمة العدل الدولية، والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الضفة الغربية وقطاع غزة تتمحور حول القدس الشرقية، إلى جانب وجود دولة فيها غالبية من الإسرائيليين.
لقد تحملت بالفعل الكثير من الضغوطات والاتهامات بسبب موقفي هذا، لكني ما زلت على قناعة أن هذا الحل هو خيار متوازن وواقعي لإنهاء أزمة السبعين عامًا في الشرق الأوسط حيث لديه فرصة عملية لكسب دعم دولي.
بالطبع، أنا أفهم معارضة الجمهورية الإسلامية لهذا الموقف، لأنني أعتقد أن قضية فلسطين بالنسبة لها تتعلق بشكل أساسي بموازنة القوى السياسية المحلية ولا علاقة لها بالأحداث الموضوعية في المنطقة والمعاناة الحقيقية للفلسطينيين، ولكن غير المفهوم هو رد الفعل الهستيري لبعض الدوائر التخريبية المناهضة للجمهورية الإسلامية ازاء هذا الموقف! يبدو الأمر كما لو أنهم حرروا أنفسهم من قيود جميع المبادئ، وينتظرون فقط معرفة نوع السياسة الإيرانية التي سيتم اعتمادها في كل قضية من القضايا لاتخاذ موقف معاكس له!
وهكذا، دفعهم نهجهم الرجعي تجاه فلسطين إلى إنكار أي حقوق للفلسطينيين في وطنهم، وإلى الوقوف إلى جانب الفصائل الإسرائيلية الفاشية وزعماء المستوطنات اليهودية الشائنة في الضفة الغربية! ويبدو أن هذا جزء من السلوك “البندولي” لنا نحن الإيرانيين أيضا، الأمر الذي حرّم مجتمعنا من إمكانية إنشاء نقطة معقولة ومتوازنة!